Author

امض يا صديقي

|
تعرض أحد زملاء الدراسة إلى موقف لا يمكن أن أنساه. كان يقود سيارته في الطريق وفجأة ودون سابق إنذار انعطفت باتجاهه سيارة أخرى. تدارك زميلي الموقف وتحكم بسيارته جيدا متفاديا حادثا مروريا. لكنه لم يتجنب صداما شخصيا. لحق المركبة التي كادت أن تسبب له حادثا، وطلب من سائقها الوقوف والترجل منها ليوبخه على عدم مبالاته. هبط الاثنان من سيارتيهما. تصاعد النقاش بينهما حتى تحول إلى شجار وعراك بالأيدي. اندفع منفعلا سائق المركبة الثانية نحو زميلي بزجاجة كانت ملقاة بجواره على قارعة الطريق وسدد بها ضربة على وجهه؛ أسفرت عن عدة غرز ما زال أثرها واضحا وبارزا على ملامحه رغم مرور أكثر من عقدين من الزمن على الحادثة. كلما شاهد زميلي وجهه في المرآة تذكر هذا الحادث الذي كاد بوسعه أن يتفاداه. يسأل زميلي نفسه هذا السؤال ألف مرة: ماذا لو تعوذت من الشيطان ومضيت، ماذا سيحدث؟ ستحدث أشياء، سيرتاح من الندم الذي ينهبه. سيحافظ على وجهه بلا جروح. سيقلع عن التحديق في وجهه كل يوم واقتراف سؤال: لماذا لحقته؟ يقول يزيد بن أبي حبيب: "إنما غضبي في نَعْليّ. فإذا سمعت ما أكره أخذتهما ومضيت". عندما يحاصرك الغضب امض، كي لا تندم. حتى تظل مرتفعا وباسقا. فالغضب يجعلنا نهبط ونسقط. النجاح هو السيطرة على انفعالاتك. ألا تسمح لغضبك أن يديرك ويتحكم ويفتك بك. يأتي تقييمي لتميز أي مرء عندما أرى سلوكه لحظات الغضب والأزمات. إدارة الأزمات ليست علما يطبق في أوقات الكوارث والحروب، بل فنا ينبغي أن نعيه وندركه ونستوعبه أفرادا قبل المؤسسات. لدي إيمان بالغ بأن المصاعب التي تواجهنا هي التي تُشيّد نجاحنا. فالبريق يضيء بعد الحريق. شرط أن نطفئ الحريق ولا نجعله يطفئنا. كل شخص يعاني الجرح نفسه الذي يتألم منه زميلي بسبب ردة فعل انفعالية ارتكبها يوما ما. لكن الفرق بين جروحنا وجرحه أن جرحه ظاهر بينما جروحنا باطنة مخفية. وهي أشد فتكا. لا أحد يراها سوانا رغم اتساعها وفداحتها. امض يا صديقي عندما تغضب. هذا الارتحال الجميل هو الذي سيجعلك تحافظ على صورتك وسيرتك ناصعة مضيئة.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها