FINANCIAL TIMES

أسعار «سيد القمح» في أعلى مستوى منذ 4 سنوات

أسعار «سيد القمح» في أعلى مستوى منذ 4 سنوات

عندما تهبط مجموعة من الخبازين، وأصحاب مطاحن الدقيق، والتجار الزراعيين على السهول الشمالية الأمريكية في ولايتي داكوتا الشمالية ومينيسوتا هذا الأسبوع، سيحاولون قياس الأضرار التي لحقت بمحصول هذا العام من القمح عالي الجودة بسبب الجفاف في المنطقة.
غياب الأمطار ودرجات الحرارة الأعلى من المعتاد ألحقا الضرر بمحصول القمح الربيعي الأحمر الصلب، المُستخدم في صناعة الخبز والمعكرونة. ظروف إنتاج هذا النوع من القمح المعروف في الصناعة باسم "سيد القمح" تدهورت، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار إلى أعلى مستوى منذ أربعة أعوام.
"كان لدينا عامان من المحاصيل منخفضة البروتين، والعالم بحاجة إلى قمح عالي البروتين ذي جودة عالية"، يقول ديف جرين، نائب الرئيس التنفيذي لمجلس جودة القمح الأمريكي، الذي يُلاحظ زيادة في الاهتمام بجولة القمح الربيعي السنوية هذا العام.
بيانات الإمدادات عن سوق القمح الشاملة التي تُغطي جميع فئات القمح، تُشير إلى أن العالم ينبغي أن يشهد محصولا وفيرا. لكن في الوقت الذي يهبط فيه المشترون على حقول القمح الأمريكية، هناك قلق متزايد من أن الطقس المعاكس سيلحق الضرر بآخرين من منتجي القمح عالي الجودة.
وتعتبر الولايات المتحدة، إلى جانب كندا، من البلدان الرئيسة المصدرة للقمح عالي البروتين، إذ يمثل البلدان نحو 60 في المائة من السوق. ويزود منتجو أستراليا والبحر الأسود أيضاً السوق العالمية بهذه النوعية من القمح.
وتظهر مسوحات المحاصيل الأسبوعية من وزارة الزراعة الأمريكية تدهوراً ثابتاً في ظروف إنتاج القمح الربيعي، وتتوقع أن يبلغ حصاد هذا العام 385 مليون بوشل، وهو الأدنى منذ عام 2002. وبالنسبة للمخزونات التي من المفترض أن توفّر واقيا أمام انخفاض الإنتاج، يتوقع أن تكون 122 مليون بوشل، وهو أدنى مستوى منذ عشرة أعوام. ويؤثر الوضع منذ الآن في المشترين الآسيويين، بما في ذلك الفلبين، واليابان، وإندونيسيا، التي هي من بين أكبر المستوردين.
فيجاي إينجار، رئيس مجلس إدارة "أجروكورب"، شركة التجارة الزراعية التي يوجد مقرها في سنغافورة، يقول: "تعرضت كندا إلى طقس سيئ، وهناك بعض المخاوف بشأن المحصول الجديد في أستراليا. المشترون الذين نتعامل معهم في آسيا يأملون أن تنخفض الأسعار". العقود الآجلة للقمح الربيعي التي يتم تداولها في بورصة منيابولس للحبوب، التي تُعتبر مؤشرا دوليا للقمح عالي البروتين، ارتفعت إلى 8.1625 دولار للبوشل هذا الشهر، مسجلة أعلى مستوى منذ تموز (يوليو) 2013.
وعلى الرغم من أن سعر القمح في بورصة منيابولس للحبوب انخفض إلى نحو 7.60 دولار للبوشل، إلا أنه يبقى مرتفعاً قياسا إلى القمح الشتوي اللين في بورصة الخيارات والعقود الآجلة في شيكاغو، الذي يجب إضافة الحبوب عالية البروتين إليه ليتسنى استخدامه في إنتاج الخبز.
وفي العادة يتم تداول القمح عالي البروتين في بورصة منيابولس بسعر منخفض، مقارنة بالقمح الشتوي الأحمر اللين، وكان الفرق يراوح بين 20 سنتا ودولار واحد للبوشل على مدى الأعوام القليلة الماضية. لكن في إشارة أخرى إلى الضغوط الصاعدة على أسعار القمح عالي الجودة، توسّعت الفجوة إلى مستويات شهدناها آخر مرة أواخر عام 2011.
وتتطلب صناعة الخبز والمعكرونة كميات عالية من البروتين، أو الجلوتين، لجعل العجينة مرنة وتسهيل التعامل معها. ويحتوي القمح اللين على مستويات بروتين أقل، ما يجعله مناسباً للكعك والبسكويت والوجبات الخفيفة.
المناطق التي يُمكن أن ينمو القمح عالي البروتين محدودة، والإنتاج يغلب عليه أن يكون أقل من القمح منخفض البروتين. وتعتبر التربة الغنية في سهول أمريكا الشمالية واحدة من أهم المناطق التي يُزرع فيها القمح الربيعي.
في الوقت الذي تعترك فيه مناطق زراعة القمح في الولايات المتحدة مع الجفاف، يشعر المشترون بالقلق من أن مستوى الإمدادات من مناطق الإنتاج الأخرى لن يكون كافيا.
تقول إيمي رينولدز، المحللة في مجلس الحبوب العالمي: "أستراليا تعد مصدر قلق، مع تخفيض توقعات المحاصيل بشكل خاص في مناطق الزراعة الغربية؛ حيث يُزرع معظم القمح الأبيض الأسترالي من أجل التصدير". وتُضيف أن هناك أيضاً مخاوف بشأن جودة القمح الألماني عالي الجودة الذي تعرض إلى طقس رطب في الآونة الأخيرة.
في أستراليا ثبتت توقعات رسمية أولية في حزيران (يونيو) محصول القمح هذا الموسم عند 24.2 مليون طن، لكن الجفاف خلال فصل الشتاء أدى بحسب مجلس تنمية الزراعة والبستنة، إلى مخاوف من أن الإنتاج يُمكن أن ينخفض إلى نحو 20 مليون طن. ووفقاً لوزارة الزراعة الأمريكية، من المتوقع أن تحصل روسيا على محصول قمح وفير، وأن تكون أكبر مُصدّر هذا العام.
مع ذلك قد لا يكون المشترون قادرين على الاعتماد على محاصيل القمح عالي الجودة بسبب ارتفاع مستويات هطول الأمطار، التي قد تؤثر في مستويات البروتين. ويُشكّل القمح نسبة صغيرة من تكلفة صناعة قطعة الخبز أو علبة معكرونة، لذلك لم يشعر المستهلكون حتى الآن بتأثير الارتفاع في أسعار القمح عالي الجودة، لكن المستوردين الذين يشترون كميات كبيرة يشعرون بالتأثير. وهناك سؤال مهم هو ما إذا كان انخفاض الإمدادات في الولايات المتحدة وكندا سيدفع المشترين إلى الانتقال إلى منتجين آخرين، بحسب جابرييل أومنيس، المحلل في شركة الاستشارات الفرنسية "ستراتيجي جرينز".
يقول: "من غير الواضح ما إذا كانوا سينتقلون إلى أصول أخرى لديها محتوى بروتين أقل".
لكن هذا الأسبوع، طاقات المشترين في العالم ستُركّز على كشف مزيد بشأن الجودة الفعلية للمحصول في الأراضي الزراعية في قلب أمريكا.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES