Author

القيادة القطرية .. ومسرحيات «شق الجيب»

|

لم تفلح كل مسرحيات شق الجيب والتباكي بالمظلومية التي مارستها القيادة القطرية في جلسات الجهود الدبلوماسية ولدى الأمم المتحدة وفي فضاء الإعلام.. ففي كل مرة لا يأتيها سوى جواب واحد، هو قاسم مشترك بين الجميع، وإن تباينت الكلمات واختلفت الأساليب.. هذا القاسم المشترك الواحد هو "الحل في بيتك الخليجي".

الدول الأربع المكافحة للإرهاب والتطرف فتحت الطريق لحسن النية والرغبة في الحيلولة دون تفاقم الأزمة، مخولة الوساطة الكويتية محاولة في المسعى لإعادة القيادة القطرية إلى جادة الصواب والنظر إلى أن ما تقوم به من دبلوماسية الكيد وسياسة الإنكار لن يترتب عليهما سوى ما لا طاقة لقطر على توقي شرور ما قد يفتحه عليها من رياح مسمومة وسير على رمال متحركة تحاذر دول البيان الرباعي وعقلاء المنطقة والعالم الانزلاق نحوه.

ومع أن القيادة القطرية تضطر محرجة للقول إنها تقدر للوساطة الكويتية موقفها.. والواقع أنه قول مفرغ من الصدق، يبدي اللامبالاة بهذه الوساطة إلى التبرم والضيق منها.. وما الكلمات عن التقدير إلا من باب الحرج كنوع من ذر الرماد في العيون.

فالخطاب الأخير للأمير تميم بن حمد جاء مرتبكا مهزوزا يستشعر منه السامع والرائي كلمات وضعت في الفم وكتبت بغير قلمه.. ما يوحي بأن وراء الأكمة ما وراءها، ومن أن (حمد الأب) و(حمد بن جاسم) هما أشد ميلا إلى العزف على المكابرة والاستقواء، فيما الأمير تميم متذبذب يريد ولا يريد لكن محصلة الخطاب هي الإمعان في العناد وكأن كل ما قيل وبذل وكل التحذيرات والمناشدات لا تصدر عن أشقاء وأصدقاء، وكأن دول البيان الأربع لم تعد ملفا وثائقيا بات على مكتب كل وزراء الخارجية الذين سعوا لتذليل تعقيدات الأزمة وزاروا السعودية والإمارات والبحرين ومصر.. وزاروا من جانب آخر قطر.

وإذا كانت الكيانات والشخصيات التي تداولتها وسائل الإعلام قبل أسبوعين تتحدث عن 13 كيانا و59 فردا على قوائم الإرهاب والإنتربول الدولي، فاليوم تضاف إليها من قبل الدول الأربع المكافحة للإرهاب والتطرف تسعة كيانات وتسعة أفراد على قائمة الإرهاب تدعمهم حكومة قطر مباشرة أو غير مباشرة وجاء ذكرها بالتفصيل كالسابق، ما يعني أن "صحيفة السوابق" تطول ويزداد ثقلها.

فإلى أي مآل تأخذ القيادة القطرية نفسها إليه؟ وكيف لها أن تفلت من "مضبطة وثائقية"؟ وبأي وجه ستقابل به هذه القيادة محاكم العالم وجلسات الأمم المتحدة؟ إنها أسئلة ستزداد وطأتها حين لا يكون المدعوون عليها هم فقط الدول الأربع المكافحة للإرهاب والتطرف وإنما آخرون يمثلون للشهادة ضدها والادعاء عليها معا وبوثائق أخرى من العراق وسورية وتونس ولبنان.. إلخ، فهل بوسعها أن تترافع عن جرائم كاملة الأركان، ليست ابنة الأمس القريب وإنما سنوات من التجني سيفضي سجلها إلى سجلات عن انتهاك لدوائر سياسية عليا في أوروبا وغيرها لعب فيها المال السياسي القطري أدوارا مشبوهة لمصلحة شخصيات نافذة.. وهي لن تملك القدرة قط على منع ذلك.

وإذا كانت الاستجابة لمطالب دول البيان الأربع حتى الآن مخيبة للآمال على المستويين العربي والعالمي، وأن الوساطة الكويتية وسعاة الجهود الدبلوماسية باءت بخيبة الأمل نفسها فإن خطاب أمير قطر تميم بن حمد جمع بين تخييب الأمل ونذر المجازفة نحو الهاوية.. فأيادي الأشقاء والأصدقاء تشدها عنها، والقيادة القطرية تستجيب للاندفاع نحوها.. لكن ستظل الحكمة صمام أمان ضد المجازفة.

إنشرها