Author

هل ستعود أسعار النفط إلى نطاق 50 دولارا؟

|
يعتقد كثير من المحللين أن هناك احتمالا كبيرا أن ترتفع أسعار النفط مرة أخرى إلى نطاق 50 دولارا. يأتي هذا التوقع بعد ظهور سلسلة من البيانات التي أعطت بعض الأمل إلى المتعاملين المتفائلين، الذين استبعدوا من الأسواق في حزيران (يونيو). على الرغم من أن كل نقطة بيانات على حدة ليست كلها مهمة، لكن إذا تم اعتمادها مجتمعة فإنها تشير إلى بعض مظاهر التشدد في الأسواق. على سبيل المثال، في تقرير أسواق النفط الأخير الصادر عن وكالة الطاقة الدولية في النصف الأول من هذا الشهر، الخبر الذي تصدر عناوين الصحف هو أن معدل امتثال منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) انخفض على خلفية ارتفاع الإنتاج من ليبيا ونيجيريا. ومن المحتمل أن تؤدي هذه الزيادة غير المتوقعة في الإنتاج إلى تأخر إعادة التوازن في أسواق النفط. ولكن هذا العنوان الهبوطي طغى على عنوان آخر هو مراجعة الطلب على النفط –حيث قالت الوكالة الدولية للطاقة إن الطلب العالمي على النفط سيرتفع هذا العام بمقدار 1.5 مليون برميل يوميا أو بزيادة قدرها 0.1 مليون برميل يوميا على تقديرات الوكالة في الشهر السابق. لذلك، فإن الطلب آخذ في الارتفاع بشكل أسرع مما كان متوقعا، خاصة في الربع الثاني مقارنة بالربع الأول، ما يشير إلى أن النصف الثاني من العام سيشهد على الأرجح انخفاضا قويا في المخزون. وأيدت أرقام الطلب من وكالة الطاقة الدولية بيانات صدرت أخيرا من الصين تبين أن الطلب من المصافي في حزيران (يونيو) كان ثاني أقوى رقم قياسي. ولأن الإنتاج المحلي الصيني كان قد انكمش بشكل كبير على مدى السنوات القليلة الماضية، فقد اضطرت إلى زيادة واردات النفط الخام. والسبب الثاني الذي أدى إلى ارتفاع أسعار النفط ولو ببطء هو عدد منصات الحفر في الولايات المتحدة، التي على الرغم من أنها لا تزال تتزايد، إلا أنها آخذة في الارتفاع بمعدل أبطأ. ففي الأسبوع الثاني من هذا الشهر، ارتفع عدد الحفارات بمقدار اثنين فقط، وهو عدد قليل نسبيا في سياق الارتفاع الذي استمر 14 شهرا منذ ربيع عام 2016. وخلال الأسابيع الثلاثة الماضية، زاد عدد منصات الحفر في تشكيلات النفط بصورة عامة بمقدار سبع فقط؛ في حين في فترة الأسابيع الثلاثة السابقة، قفز عدد منصات الحفر بمقدار 25. ذلك أن أسعار النفط المنخفضة بدأت تقلق شركات النفط الصخري وتردعها من القفز مرة أخرى بقوة شديدة. هذا التباطؤ في ارتفاع عدد منصات الحفر هو الذي أعطى المتعاملين في الأسواق الأمل في أن يتم الحد من طفرة الحفر، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في زيادة تشدد الأسواق. والسبب الثالث وراء ارتفاع أسعار النفط نحو 50 دولارا هو أن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية نشرت على مدى أسبوعين متتاليين انخفاضا قويا في المخزون. حيث كشفت أرقام وكالة الطاقة الأمريكية عن سحب من المخزون قدره 10 و7.5 مليون برميل في الأسبوعين الماضيين على التوالي، بعد عدة أسابيع من التراجع صعودا وهبوطا أو بقائه مستقرا. لا يزال الأمر مبكرا للحكم على تماسك الأسواق، ولكن عدة أسابيع أخرى من انخفاض المخزون ستقطع شوطا طويلا في دعم أسعار النفط، وربما حتى أعلى من 50 دولارا للبرميل. والسبب الرابع وراء وجود فرصة على الجانب الصعودي لارتفاع الأسعار هو حقيقة أن الأسواق لم تكن غافلة عن ارتفاع الإنتاج مرة أخرى من ليبيا ونيجيريا. ومن الواضح أن أحد الأسباب التي أدت إلى انخفاض أسعار النفط خلال الشهر الماضي أن الإنتاج الليبي عاد إلى الارتفاع من جديد، والأسواق أخذت الآن هذا الإنتاج في حسابها. ويقول المحللون أيضا إن ارتفاع مستويات الإنتاج من منظمة "أوبك"، التي جعلت العناوين الرئيسة تشير إلى ضعف معدل امتثال المنظمة، كانت أرقاما طفيفة إلى حد ما. وأضافوا أنه في المنظور الكبير للأمور، لم يكن الارتفاع الطفيف في إنتاج المنظمة بالأمر المهم بالنسبة لإعادة التوازن في الأسواق. إن الشعور الأكثر إيجابية في أسواق النفط واضح في التحركات الأخيرة التي قام بها المستثمرون. حيث بدأت صناديق التحوط وغيرها من مديري الأموال، بعد أن تراكمت لديها مستويات غير عادية من المراكز القصيرة في حزيران (يونيو)، في تصفيتها قبل بضعة أسابيع. وتظهر أحدث البيانات أن المستثمرين قاموا بتثبيت مزيد من المراكز الصعودية في الأسبوعين الماضيين، وهي الفترة التي تتناسب مع ارتفاع أسعار النفط. وبدأ المتداولون يرون، وليس بالضرورة عن اقتناع كامل، ولكن بتفاؤل أكثر قليلا بعض التطورات في الأسواق، على الرغم من أن اللهجة الشاملة في الأسواق اتضح أنها لا تزال هبوطية ـــ أو أنها من النوع من الذهاب من سيئ إلى الأقل سوءا. في ضوء هذه المستجدات ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 5 في المائة في الأسبوع الماضي، وبدأت المخاوف من انزلاق أسعار النفط دون 40 دولارا للبرميل في التلاشي.
إنشرها