Author

لا اقتصاد بلا قانون وتقنين

|
يعتبر اختبار وتقييم مستوى نضج وتطور القوانين في أي بلد هو أول خطوة أساسية لتقييم أي استثمار أو تعامل تجاري أجنبي، كما أنه لا يمكن لرجال الاقتصاد أن يحققوا التنمية المستدامة خصوصا والنمو الاقتصادي دون أن يترجموا أهدافهم وخططهم الاقتصادية على شكل قوانين ولوائح تنفيذية تتوافق مع تلك الأهداف. الأمر الذي يعكس مدى تطور ودقة تلك الأهداف ويختبرها أيضا. على سبيل المثال؛ فإن أهم معايير تحديد مستوى المخاطرة التجاريةRisk Assessment في أي بلد هو النظر لمدى جودة وشفافية قوانين ذلك البلد أولا، ثم مدى الالتزام بتطبيق تلك القوانين ثانيا. ولذلك فإن وجود قوانين واضحة وشفافة ومتطورة يعتبر مرتكزا أساسيا للتحديث والانطلاق لاقتصاد قوي ومتطور. ولذلك فإن الشروع في تقنين أجزاء كثيرة من الفراغات التشريعية لدينا هي نقطة من المفترض أننا تجاوزناها منذ زمن إلى قوانين حديثة ومبنية على ما لا يخالف الشريعة الإسلامية. إننا في سبيل تحقيق "رؤية 2030" يجب العمل على تحديث ووضع مزيد من الأنظمة التجارية المتطورة، إذ لا يمكن للأنظمة القديمة أن تساعد في بناء اقتصاد تنافسيّ وحديث دون أن يكون قائد ذلك البناء تطوير الأنظمة التي يستند عليها. وفي هذا الإطار؛ فإنه في نظري يجب إصدار نظام تجارة متكاملا وجديدا، يغطي أكبر قدر من الجوانب، ويتوافق مع حاجيات الزمن، ويماثل في المستوى أحدث القوانين التجارية العالمية، ويمنع خوف المستثمرين من أن يقعوا ضحية التخمين والاجتهادات الشخصية بين المحاكم والمسؤولين، فقد آن الأوان ليصبح الاقتصاد السعودي اقتصادا منظما وحديثا وشفافا، في كثير من الأنظمة التجارية الحديثة والمتطورة. وما زلنا ننتظر نظام الإفلاس وغيره من الأنظمة المهمة، وهناك كثير من الجوانب لا تزال تحتاج إلى تنظيم وتحديث فيما يتعلق بوضع القوانين واللوائح لها. يضاف إلى هذا الأمر؛ ضرورة مواكبة تطوير أنظمة إصلاح القضاء وتطويره ليكون قضاء حديثا وفعالا، ومن أهم ما نحتاج إليه في هذا السياق؛ ضرورة اعتماد آلية لضبط اختلاف الأحكام القضائية وتفاوتها، الذي يستوجب اعتماد التقنين كما سبق، والالتزام بالسوابق القضائية التراتبية، أسوة بالأجهزة القضائية المتطورة في العالم، ولا شك هناك جهود حثيثة لبلوغ هذا المطلب نتمنى لها التوفيق والنجاح. عندما يتابع المختصون الكم الهائل من القوانين والمعاهدات الدولية التي تتوالى كل فترة، إضافة إلى توالي تعديلات وإصدارات القوانين لدى شركاء المملكة الاقتصاديين، فإن من الضروري مواكبة ذلك بتغييرات وتعديلات في الأنظمة السعودية لتتوافق مع تلك المستجدات وتواكبها، وأحيانا لتواجهها في حال انطوت على مخاطر اقتصادية. وفي الحقيقة؛ فإن السنوات الأخيرة صدر فيها عديد من الأنظمة والتشريعات المتوالية، وتحديث الأنظمة القديمة مثل نظام الشركات الجديد ونظام الإجراءات الجزائية ونظام المرافعات الشرعية وغيرها، والتي تعكس الاهتمام بهذا الأمر ومعالجته، وبإذن الله ستستمر المملكة في التحديث والتطور والازدهار.
إنشرها