FINANCIAL TIMES

حماية للأرواح .. تكنولوجيا تمنع الرسائل النصية أثناء القيادة

حماية للأرواح .. تكنولوجيا تمنع الرسائل النصية أثناء القيادة

تقول رسالة معلقة على جانب الطريق، "أرسل رسالة نصية أثناء القيادة". الجهة المسؤولة عن إبراز هذا الإعلان هي دار واثام لمراسيم الدفن، التي كان شعارها الأنيق يقع في أسفل لوحة الإعلانات.
لكن لاحظ أنه لا توجد شركة اسمها دار واثام لمراسيم الدفن. هذا العمل الذي تقشعر له الأبدان من إنشاء مجموعة في أونتاريو تحاول زيادة الوعي بين الناس بخصوص حالات الوفاة على الطرق الناتجة عن تشتت انتباه السائق. يقول الموقع الإلكتروني لدار الجنازات الوهمية، "كل ما في الأمر أننا نحاول إقناع الكنديين بالتوقف عن إرسال رسائل نصية أثناء القيادة".
حالات الوفاة على الطرق في تصاعد، إذ لقي نحو 1.5 مليون شخص مصرعهم في عام 2016 في مختلف أنحاء العالم في حوادث الطرق. وكان الضغط يتصاعد على شركات السيارات وشركات التكنولوجيا للتصدي للعدد المتصاعد من الوفيات التي تحدث نتيجة تفقد السائقين هواتفهم الذكية أثناء القيادة للاطلاع على الرسائل وهم خلف عجلة القيادة.
تقول ديبي هيرسمان، رئيسة مجلس السلامة الوطني، وهي منظمة أمريكية غير ربحية، "التكنولوجيا هي التي أوصلتنا إلى هذا الوضع، وأعتقد أن التكنولوجيا سوف تخرجنا منه. أكبر مشكلة ليست هي السيارات، وإنما الأجهزة التي نُدخِلها معنا إلى السيارات".
أخيرا أخذت الشركات الصانعة لهذه الأجهزة تتصدى للمشكلة.
النسخة المقبلة من نظام التشغيل iOS 11 المستخدم في آيفون سوف يحث كل مستخدم على تشغيل وضع اختياري جديد للجهاز ينص على ما يلي، "الرجاء عدم الإزعاج أثناء القيادة".
بعد أن يوزَّع التحديث الجديد للبرنامج على مئات الملايين من مالكي أجهزة الآيفون في أيلول (سبتمبر)، فإن الوضع الجديد سيحول دون ظهور الرسائل النصية وغيرها من الرسائل والإشعارات على الشاشة.
قال كريج فيدريجي، رئيس هندسة البرمجيات في أبل، حين أعلن عن التعديل في مؤتمر أبل العالمي للمطورين في حزيران (يونيو)، "يتعلق الأمر كله بإبقاء نظرك على الطريق".
يشتمل النظام على استجابة آلية للأشخاص الذين يرسلون رسالة نصية للشخص أثناء القيادة، تحذرهم من أن المتلقي لن يتمكن من الاستجابة إلا حين "يصل إلى المكان المتجه إليه".
وأضاف فيدريجي، الذي كشف عن شاشة سوداء لا حياة فيها أثناء كلمته الرئيسة في المؤتمر، "بدلا من أن ترى كل هذه الرسائل، لدينا هذه الواجهة البينية من أجلك".
وفي حال نسي السائق تشغيل الوضع، يخمن جهاز الآيفون متى يكون في سيارة متحركة، سواء حين يتصل البلوتوث بجهاز الستيريو الموجود في السيارة أو باستخدام مجموعة من المجسات اللا سلكية التي تستطيع أن تكتشف الحركة بصورة آلية.
الأشخاص الذين يظلون مع ذلك يحاولون استخدام جهاز الآيفون سوف يشاهدون تحذيرا ينص على "الرجاء عدم الإزعاج" وأنهم لن يتلقوا رسائل إلا حين تتوقف السيارة. يستطيع المسافرون عدم تشغيل الوضع من خلال الضغط على زر يقول، "لستُ في حالة قيادة" – وهو خيار يستطيع السائقون الذين يصرون على تعريض أنفسهم للتشتت استخدامه يدويا لإلغاء الإشعار من النظام.
خطوة أبل تأتي في أعقاب قرار سامسونج في نيسان (أبريل) إطلاق تطبيق لهواتف أندرويد اسمه "الرد أثناء حركة المرور"، يستخدم نظام التوجيه العالمي GPS لاكتشاف متى تكون السيارة متحركة ويستجيب آليا للرسائل النصية بالقول، "أنا أقود السيارة، لذلك لا أستطيع الرد حاليا". قالت سامسونج إن الهدف من التطبيق هو تخفيف "الضغط الاجتماعي الذي يتطلب الرد على المكالمات والرسائل بسرعة".
هناك شركة ناشئة اسمها "سليباثي" Cellepathy تعمل منذ فترة على هذه المشكلة، وهي تصنع برنامجا يسمح للهاتف باكتشاف ما إذا كان يُستخدَم من قبل السائق أو الراكب. والشركة تبيع تكنولوجيتها للشركات، التي بعد ذلك تفرض البرنامج على موظفيها بموجب سياسة تقضي بالقيادة الآمنة.
يقول شون إير، مؤسس الشركة، "ليست لدينا أوهام بهذا الشأن. نحن نعلم أن ما من شخص سيضع هذا البرنامج على هاتفه طوعا". ويضيف أن البرنامج لا بد أن يُفرَض على المستهلكين من أجل إنقاذ الأرواح. "لا ينبغي أن يُسمح لك ببيع هاتف ذكي ما لم تكن عليه هذه التكنولوجيا، تماما مثلما لا يُسمح لك ببيع سيارة لا توجد فيها أكياس هواء".
وبدأت شركات صناعة السيارات بالتصدي للمشكلة أيضا، رغم أنه لم يتمكن أحد حتى الآن من العثور على حل تام.
وعرضت شركة نيسان نسخة مسبقة من النظام الذي يمكن أن تستخدمه للتصدي لهذا الموضوع. أضافت الشركة إلى سياراتها ما يسمى "درع فاراداي"، وهو نظام يحول دون دخول جميع الإشارات الهاتفية والبيانات، إلى داخل الصندوق الموجود عند قاعدة ذراع السائق في السيارة. إذا وضع السائق الهاتف في الصندوق وأغلق الغطاء، فإن هذا سيوقف دخول جميع الرسائل، في حين أن هناك قابسا داخل الصندوق يسمح بوصل الجهاز للسيارة باستخدام منفذ USB لتشغيل الموسيقى وشحن الجهاز.
يقول أليكس سميث، من نيسان، "بعض السائقين منيعون أمام نشاط هاتفهم الذكي، لكن بالنسبة للذين يُجهِدون أنفسهم لتجاهل النغمات والأصوات، فإن هذا المفهوم يقدم لهم حلا بسيطا".
شركة فولفو التي تعهدت بألا يلقى أي شخص حتفه أو يتعرض لإصابة بالغة في أي من سياراتها بحلول عام 2020، كانت تُدخِل أنظمة لتجنُّب الاصطدام تهدف إلى تفادي الحوادث، حتى لو لم يكن السائق منتبها للطريق.
وبدلا من حظر إشارات الهاتف كانت تعمل على إدماج الهاتف ضمن نظام التسجيلات الصوتية في السيارة وتركيب جهاز تحكم يتم تشغيله بالصوت، حتى "لا يضطر السائق إلى إبعاد يده عن عجلة القيادة"، كما يقول يان إيفارسون، خبير السلامة لدى سيارات فولفو، مضيفا أن النظام لا يشتمل على إرسال الرسائل النصية أو غيرها من الرسائل التي تتطلب النظر إلى الشاشة.
المهم بالنسبة للمستهلكين، كما قال، هو أن نجعل نظام السيارة نفسها مريحا للسائق إلى أقصى حد ممكن.
"خلاف ذلك، السائق سيتناول هاتفه ويأتي بعمل يدل على الغباء".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES