FINANCIAL TIMES

أسواق السلع .. السيارات الكهربائية تحرك شهية المستثمرين للنحاس

أسواق السلع .. السيارات الكهربائية تحرك شهية المستثمرين للنحاس

في الوقت الذي تهدف فيه شركات صناعة السيارات الرائدة إلى جعل سياراتها كهربائية و"موديل 3" من "تيسلا" خارج خط الإنتاج، يتطلع المستثمرون لزيادة تعاملاتهم في النحاس، مراهنين على أن ظهور المركبات التي تعمل بالبطارية سيرفع كلا من الأسعار والطلب على المعدن.
لكن بدلاً من مجرد شراء أسهم المناجم الكبيرة، حيث النحاس غالباً ما يكون جزءا من محفظة أوسع من السلع الأساسية، يدعمون أيضاً الشركات الصغيرة التي توفّر مزيدا من الدعم لأسعار النحاس، وإن كان ذلك ينطوي على مخاطر أعلى. وأدى اهتمامهم منذ الآن إلى مكاسب كبيرة في أسعار أسهم الشركات التي تبحث عن رواسب في مواقع جديدة وصعبة.
هذه تشمل "سولجولد"، وهي شركة تنقيب تُركّز على الإكوادور، و"إيفانهو ماينز"، أحدث مشروع لصاحب المشاريع في مجال التعدين، روبرت فريدلاند. و"نيفسون ريسورسيز"، و"أتاليا ماينينج"، و"جورجيان ماينينج" هي شركات أخرى تجذب انتباه المستثمرين.
وتستخدم السيارات الكهربائية كميات من النحاس أكثر من السيارات المزوّدة بمحركات الاحتراق الداخلي. فهناك حاجة إلى النحاس في بطاريات أيون الليثيوم التي تُشغّل السيارات، فضلاً عن المحركات ونقاط الشحن الخاصة بها.
وإذا أصبحت السيارات الكهربائية مصدر استهلاك واسعا، يقول الخبراء إن هذا سيتطلب زيادة كبيرة في إمدادات النحاس لا يُمكن تلبيتها بمجرد توسيع المناجم الحالية. وستكون هناك حاجة لسد الفجوة بمشاريع جديدة تتطلب أسعار نحاس أعلى لجعلها قابلة للبقاء.
يقول نيك ماذر، الرئيس التنفيذي لشركة سولجولد: "العالم يتحوّل إلى الكهرباء ونحن بحاجة إلى نحاس أكثر بكثير مما كنّا نستخدمه سابقاً. وأكثر بكثير مما كنّا ننتجه سابقاً".
مقدار المعدن المطلوب هو مسألة نقاش مكثف في المجتمع المالي. يعتقد بعض المحللين أن صعود السيارات الكهربائية سيكون سريعاً جداً بحيث يتطلب زيادة قاعدة إمدادات النحاس المُستخرج من المناجم - التي تبلغ حالياً 20 مليون طن - إلى الضعف خلال الأعوام الـ 20 المُقبلة. وترى أغلبية أكثر حذراً أن السوق ستكون بحاجة إلى ما بين 1.7 مليون وخمسة ملايين طن من النحاس الإضافي بحلول عام 2025.
لكن ذلك سيظل يُشكّل تحدّيا؛ لأن زيادة الإنتاج من أكبر مناجم النحاس في العالم تصبح أكثر صعوبة وتكلفة - بعضها موجودة منذ أكثر من 100 عام – وتتطلب إيجاد رواسب في الولايات القضائية المستقرة سياسياً.
كمية النحاس اللازمة في أي سيارة كهربائية يُحددها حجم البطاريات المستخدمة وقوة محطات الشحن.
تقول الشركة الاستشارية، IDTeckEx، إن أي سيارة كهربائية ستحتاج ما مجموعه 83 كيلو جراما من النحاس، بينما تقول "جلينكور"، إحدى أكبر شركات إنتاج النحاس في العالم، إنها ستحتاج إلى 138 كيلو جراما و20 كيلو جراما إضافية لنقطة الشحن.
بالنسبة لمستثمري المناجم الذين يتطلّعون للمراهنة على جعل السيارات كهربائية، شركات التعدين المتنوعة الكبيرة مثل "جليكور"، أو "بي إتش بي بيليتون" أو "ريو تينتو" هي أحد أوجه التعرض للقطاع. لكنها أيضاً تُنتج سلعا أساسية أخرى لن تحصل على دفعة من السيارات الكهربائية، مثل خام الحديد، والنفط والفحم.
هذا دفع المستثمرين إلى شركات "السلعة الواحدة"، مثل "فريبورت-ماكموران"، و"فيرست كوانتوم" و"ساذرن كوبر"، لكن أيضاً المناجم ذات رؤوس الأموال الصغيرة التي عانت أوقاتا صعبة في الأعوام الأخيرة، تكافح لجمع التمويل من أجل مشاريعها. وفي الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار السلع الأساسية خلال العام الماضي والضجة حول السيارات الكهربائية أصبحت أعلى، يلاحظ جون ماير، الشريك في شركة الوساطة "إس بي أنجيل" القائمة في لندن، أن المشاعر تجاه "الصغار" قد تحسّنت.
يقول ماير: "عادت الأموال إلى الصغار في الأشهر الستة الماضية. بإمكان المستثمرين رؤية السيارات الكهربائية تقود الطلب الكبير وأي شركة جديدة تأتي مع تقدّم مشاريع معقولة تحظى بشعبية كبيرة".
و"سولجولد" مثال على ذلك. فقد ارتفعت أسهم الشركة، التي لا تزال تُخطط لمشاريعها من النحاس والذهب في امتياز بمساحة 50 كيلو مترا مربعا في أدغال الإكوادور، ما يُقارب 900 في المائة العام الماضي، ما يمنحها قيمة سوقية تبلغ 750 مليون دولار، علما أن الإنتاج يُمكن أن يكون على بُعد عشرة أعوام من الآن.
في تشرين الثاني (أكتوبر) أوقفت "سولجولد" محاولة من قِبل شركة التعدين "بي إتش بي" لشراء حصة 10 في المائة، الأمر الذي يعكس رغبة شركات التعدين الكبيرة في الوصول إلى رواسب النحاس الجديدة والكبيرة. بدلاً من ذلك باعت الحصة إلى شركة "نيوكريست" الأسترالية مقابل 33 مليون دولار. وقارن محللون مشروع "سولجولد" برواسب النحاس الكبيرة "أويو تولجوي" التابعة لشركة ريو في منغوليا. ومن بين المستفيدين الآخرين كانت شركة إيفانهو ماينز المُدرجة في تورونتو، التي يرى مؤسسها المُخضرم في مجال التعدين، فريدلاند، مستقبل النحاس من خلال استخداماته في مصادر الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية. ويقول إن الطلب سيزيد فقط لأن حكومات مثل الحكومة الصينية تُعالج تلوث الهواء.
وقال لمستثمرين في لندن هذا الشهر: "ستكونون بحاجة إلى تلسكوب لرؤية سعر النحاس بحلول عام 2020".
وتطور شركة إيفانهو رواسب النحاس في كاكولا وكاموا في الكونغو الديموقراطية مع شركة زيجين ماينينج الصينية. وتقول إن الاكتشاف هو الأكبر في إفريقيا وخامس أكبر اكتشاف في العالم، مشيرة إلى موارد مُحددة تبلغ أكثر من 30 مليون طن من النحاس. وارتفعت الأسهم في الشركة أكثر من 300 في المائة العام الماضي. وقيمتها الآن ثلاثة مليارات دولار.
لكن حتى تلك المشاريع قد لا تكون كافية لتلبية الطلب. بول جايت، من شركة بيرنشتاين للأبحاث، يقول إن الطريقة الوحيدة لضمان إمدادات كافية وتحفيز المشاريع الجديدة هي أسعار أعلى بكثير. وارتفع النحاس 9 في المائة هذا العام ويُتداول بسعر يبلغ نحو ستة آلاف دولار للطن في بورصة لندن للمعادن. يقول جايت: "تطلب الأمر عشرة آلاف دولار للطن وهوامش ربح استثنائية لرفع الإنتاج من 15 مليونا إلى 20 مليون طن أثناء دورة السلع الفائقة (بين عامي 2003 و2013). وعلى أقل تقدير ستكون هناك حاجة إلى ذلك مرة أخرى".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES