default Author

تقييم الاختلالات العالمية .. التفاصيل العملية «2 من 2»

|
هناك بعض الاختلالات يكون لها ما يبررها، فيصبح التحدي الأساس هو تحديد المقدار الملائم للفائض أو العجز الخارجي، والمقدار الذي يعتبر مبالغا فيه أو مفرطا. ولأن العوامل المحركة لأرصدة الحسابات الجارية معقدة للغاية، فلا يوجد منهج بسيط لتحديد الاختلالات المفرطة يمكنه تقديم الإجابة الصحيحة لكل بلد. ولذلك وضع الصندوق منهجية تقييم مفصلة، وإن لم تكن مثالية، تحقق توازنا جيدا في رأينا بين النظرية الاقتصادية والتقدير الإحصائي والمعرفة بظروف كل بلد عند تقييم المخاطر المحتملة. التفاصيل العملية فمن الناحية النظرية، تقارن تقييماتنا الخارجية بين رصيد الحساب الجاري الفعلي في الاقتصاد المعني ومعيار الحساب الجاري. وفي هذا السياق، نتبع الخطوات الأربع التالية: 1ـ الحساب الجاري المتوقع: نقطة البدء هي نموذج تقييم الرصيد الخارجي EBA ويقدر النموذج متوسط رصيد الحساب الجاري لاقتصاد بمواصفات محددة، كالهيكل الديمغرافي أو مستوى الدخل مثلا ــ وسياسات اقتصادية محددة ــ كموقف المالية العامة مثلا. وعلى سبيل المعلومات التكميلية والتحقق الضابط، نقوم أيضا بصياغة نماذج مشابهة لسعر الصرف الفعلي الحقيقي لكي نشتق قاعدة معيارية لتحديد التقييم الناقص أو المبالغ فيه. 2ـ معيار تقييم الرصيد الخارجي المتوسط: لا يعني بالضرورة الأمثل أو المرغوب، فعلى سبيل المثال، إذا كان هناك بلد يطبق سياسة غير ملائمة للمالية العامة ــ إما مفرطة في التيسير أو في التشديد ــ نقوم باحتساب رصيد الحساب الجاري، الذي يمكن أن يسود إذا كانت سياسة المالية العامة ملائمة. وبإحلال السياسات المرغوبة محل السياسات الفعلية في نموذج تقييم الرصيد الخارجي، نتوصل إلى معيار للحساب الجاري. 3ـ المعيار القائم على تقدير خبراء الصندوق: ما من نموذج يتحقق له الكمال. ولذلك فليس من الغريب أن تعدل تقديرات النموذج لتضمين العوامل المحذوفة ذات الخصوصية القُطْرية، التي تعتمد على الرؤى التي تكونها فِرَق الصندوق القُطْرية من خلال عملية التشاور. فلنأخذ على سبيل المثال، اقتصادا شابا سريع التطور. قد يشير النموذج إلى عجز كبير في الحساب الجاري باعتباره ملائما ــ عجز أكبر مما يستطيع الاقتصاد تمويله في العادة. في هذه الحالة، نقوم برفع معيار الحساب الجاري المقدر "أي نجعله أقرب إلى مستوى أقل من العجز". ونحن نبذل قصارى جهدنا للتأكد من أن مثل هذه التعديلات دقيقة ومحايدة قدر الإمكان، وأنها متسقة على المستوى متعدد الأطراف، أي أنها تؤدي إلى الرقم الإجمالي الصحيح عالميا. 4ـ فجوة الحساب الجاري، التي ترتكز عليها تقييماتنا هي الفرق بين رصيد الحساب الجاري الفعلي والمعيار القائم على تقديرات خبراء الصندوق. ومن الناحية النظرية، ترصد الفجوة كل ما يحرك الرصيد الخارجي في الاقتصاد بعيدا عن مستواه الملائم ــ من السياسات الاقتصادية الكلية غير الملائمة إلى التشوهات المحلية. ثم تترجم هذه الفجوات إلى تقييمات نوعية. تطور تقييمات المركز الخارجي ومن المهم أن نتذكر أن كلا من المعايير وأرصدة الحسابات الجارية تتطور بالفعل. فتقييمات المركز الخارجي ما هي إلا صورة ملتقطة في نقطة زمنية محددة، وليست أحكاما جوهرية بشأن طبيعة الاقتصاد التي لا تتغير. وإضافة إلى ذلك، ورغم جهودنا القصوى، لا يزال بعض الخطأ ممكنا. ولذلك نضع نطاقات للثقة حول ما نصدره من تقييمات. وحتى مع ذلك، يمكن السهو عن بعض العوامل المؤثرة. وكما هي العادة دائما، يظل التحلي بشيء من التواضع أمرا ضروريا؛ فنحن نجري تقييماتنا للمركز الخارجي بأفضل الطرق التي نعلمها، ولكن ذلك لا يعني أنها تتصف بالكمال ــ ومن ثم فنحن نعمل باستمرار على تحسين وتنقيح نموذج تقييم الرصيد الخارجي وما نجريه من تحليلات. سلعة عامة عالمية وفي نهاية المطاف، تعد تقييمات الصندوق أداة للتحليل ــ ليس أكثر ولكن ليس أقل ــ يمكن من خلالها تحديد المسألة الصعبة التي غالبا ما تكون خلافية التي تتمثل في متى تكون الاختلالات الخارجية ملائمة أو بمنزلة إشارة للمخاطر. وعلى ذلك، فهي تتيح سلعة عامة مهمة عن طريق تنبيه المجتمع الدولي إلى الضغوط المحتملة على موازين المدفوعات التي ينبغي للبلدان معالجتها معا. وحتى تكون تحليلاتنا وتوصياتنا فعالة، ينبغي أن تجد آذانا صاغية وعقولا مفتوحة بين صناع السياسات، إلى جانب إرادة الفعل. سلعة عامة عالمية وفي نهاية المطاف، تعتبر تقييمات الصندوق أداة للتحليل – ليس أكثر ولكن ليس أقل – يمكن من خلالها تحديد المسألة الصعبة التي غالبا ما تكون خلافية، والتي تتمثل في متى تكون الاختلالات الخارجية ملائمة أو بمنزلة إشارة إلى المخاطر؟ وعلى ذلك فهي تتيح سلعة عامة مهمة عن طريق تنبيه المجتمع الدولي إلى الضغوط المحتملة على موازين المدفوعات التي ينبغي للبلدان معالجتها معا، وحتى تكون تحليلاتنا وتوصياتنا فعالة، ينبغي أن تجد آذانا صاغية وعقولا مفتوحة بين صناع السياسات، إلى جانب إرادة الفعل. إن مكافحة الاختلالات العالمية المفرطة مسؤولية مشتركة. فما من بلد يمكنه إنجاز هذه المهمة منفردا، بل يجب على كل البلدان أن تتعاون معا حتى يتحقق الكسب للجميع. وإلا فإننا نترك أنفسنا عرضة لأنواع الأزمات التي تسببت من قبل في انحراف مسار الاستقرار العالمي.
إنشرها