default Author

تفادي الغضب أثناء العمل «1 من 2»

|
يتطلب التعامل مع حالة الغضب التي قد تصيبنا نحن أو الآخرين مهارة، وهي أمر ضروري للحفاظ على بيئة عمل صحية. يقول أرسطو: "يمكن لأي شخص أن يغضب، وهو أمر سهل, ولكن توجيه الغضب إلى الشخص المناسب بالدرجة المناسبة في الوقت المناسب وبالأسلوب المناسب، ليس بالأمر السهل ولا يتقنه الجميع". يمر جميعنا بحالة من الغضب من وقت لآخر. ولكن يبقى السؤال المهم هو كيفية التعامل معه بشكل فعال؟ نشعر بالغضب في العمل عندما نمر بحالة من الضعف أو عندما نشعر بتهديد. ونفرغ غضبنا عندما نشعر بأننا معرضون لهجوم، أو عندما يكون أمر نتمناه على المحك. وهو ما نطلق عليه العاطفة الوقائية، التي تظهر عند شعورنا بتهديد. وفقا لعلم الأعصاب، تستثار اللوزة الدماغية التي تُسخر بدورها التفكير العقلاني وتتسبب بفعل أو ردود أفعال حادة. و"رد الفعل الفوري"، كما هو معروف، يكون جليا عندما ترى زميلك في العمل "يتصرف بشكل غير مألوف". كإغلاق الهاتف بعنف أو الصراخ بوجه المسؤول، وهو الأسلوب الطبيعي للتعبير عن الغضب الشديد من خلال التنفيس عنه بعدوانية. وثمة بديل شائع وهو قمع الغضب، وله تأثير طنجرة الضغط، كما قد يؤدي إلى الانفجار في وقت لاحق. لذا سواء تم التعامل مع الغضب من خلال التنفيس أو قمعه، سيتسبب في عواقب سلبية قد تؤثر في علاقاتنا، ومسارنا المهني وصحتنا البدنية. هناك حل وسط ولكنه يتطلب منا كبشر أن نتصرف بمهارة، وهو بطبيعة الحال يتطلب الوعي والجهد والرغبة. تحديد المشاعر السلبية أولا، نحن في حاجة إلى أن ننظر في أصول الغضب. فعلاقتنا بهذه العاطفة الأساسية تتشكل في مراحل مبكرة من عمرنا. يعتبر الأهل القادة الأوائل الذين نواجههم، بمعنى أنهم يؤمنون لنا الحماية، ويوفرون احتياجاتنا ويشكلون الطريقة التي نتصرف بها. فتعاملهم مع حالة الغضب عندما كنا صغارا، يصوغ طريقة استجابتنا للغضب. على سبيل المثال، إذا ما اهتاج الأب عند تأخر طفله في تناول العشاء للمرة الألف، فعلى الأغلب سيكون رد فعل الطفل بإحدى الطرق الثلاث: أن يغضب بدوره، أو أن يتصرف بحياد (العبوس أو العدوانية السلبية)، أو الابتعاد عن مصدر الخوف (خاصة إذا ما كان الوالد بمنزلة الند). وإذا كانت حالة الغضب أمرا عاديا داخل بيتك، فإن جو العمل المشحون سيبدو لك أمرا طبيعيا في وقت لاحق. أما إذا كنت محايدا، فقد تم قمع غضبك في صغرك. أما في حال انتابك الخوف كما هو حال كثير من الأطفال، فعلى الأغلب أنك بنيت آليات لتجنب مسببات غضب الآخرين، وفي حال كان الغضب لا مفر منه فستقوم بالاستسلام والتراجع. وبناء عليه ربما تصبح ضحية سهلة أمام مضايقات زملائك في العمل. خلال عملي في تنمية مهارات القيادة في كلية إنسياد، أبدأ بالبحث عن المشاعر السلبية الأساسية التي يتعرض لها الشخص الذي أتعامل معه- الغضب أو الحزن أو الخوف- من خلال السؤال عما يحدث عندما تسير الأمور عكس رغباتهم. توصلت إلى نتيجة مفادها بأن أكثر من 60 في المائة من المشاركين من الذكور اختاروا الغضب بدلا من الخوف أو الحزن. أما بالنسبة للنساء فكانت النتائج متقاربة. تتفاقم المشاكل عندما يقترن الغضب مع السلطة. حيث يشعر كل من الرجال والنساء بالاستياء من رؤسائهم الغاضبين. وغالبا ما يشعرون بالعجز وعدم القدرة على إظهار مشاعرهم الحقيقية تجاه ذلك. وهذه التراكمات "التعبئة" هي نوع من الغضب المنغلق على نفسه، الذي يظهر كنوع من فقدان احترام الذات. ويمكن أن يؤدي ذلك في بعض الأحيان إلى عدوى الإحباط للأشخاص الذين يرأسهم بدوره أو محاولة صدهم.
إنشرها