FINANCIAL TIMES

موظفون مرهقون من عبء العمل ولا يزالون يحبون رؤساءهم

موظفون مرهقون من عبء العمل ولا يزالون يحبون رؤساءهم

ربما يكون موظفوك قد حكموا عليك بأنك شخص "غبي"، أو "وقح"، أو "غير مهني" ــ جميع التعليقات المنشورة على موقع فرص العمل "جلاسدور" Glassdoor، الذي يجمع تصنيفاته على الموقع من خلال مراجعات الموظفين وملاحظاتهم.
أو ربما تكون قد تجاهلت النصيحة المقدمة من أكثر الرؤساء التنفيذيين شعبية في العام الماضي. فقد اقترحت إحدى تلك النصائح: "كن حقيقيا. كن ضعيفا. أبد اهتمامك"، بينما حثّت أخرى على: "تواصل بشكل مفرط". وقالت ثالثة: "أنشئ ملكية مشتركة".
رغم ذلك، قاوم الإغراء بأن تكون في صدارة التصنيفات من خلال الإغداق على موظفيك، ناكري المعروف، بسياسات تعمل على تحسين توازن الحياة والعمل لديهم. تحليلات "جلاسدور" لبياناتها الخاصة تشير إلى أن الرؤساء التنفيذيين ذوي التصنيفات الأعلى هم الأكثر شعبية في الشركات التي تحظى بتوازن حياة وعمل أقل.
لنأخذ لويد بلانكفاين، الرئيس التنفيذي اللعوب وغريب الأطوار في "جولدمان ساكس". يحصل مصرفه الاستثماري على تصنيف يعادل 2.7 نجمة من أصل خمس في مقياس التوازن ما بين الحياة والعمل (يعلق أحد موظفي قطاع التكنولوجيا السابقين قائلا: "كن مستعدا لتودع الحياة الأسرية، وممارسة الأمور الروتينية والهوايات". من أجل المقارنة، هذه مرتبة أقل من مرتبة "سبورتس دايركت"، متاجر التجزئة الموجودة في المملكة المتحدة، التي تم التنديد بها الأسبوع الماضي بسبب فرضها شروطا "متشددة" على موظفي المستودعات.
على الرغم من ذلك، يحقق بلانكفاين درجة موافقة نسبتها 93 في المائة ويدخل بانتظام نطاق أعلى 100 رئيس تنفيذي من ذوي التصنيف الأعلى في الولايات المتحدة.
مرحبا بكم إلى العالم الشفاف، حيث يعود الموظفون المرهقون، الذين عملوا طوال اليوم، إلى بيوتهم متأخرين ليركلوا القطة، أو ليصرخوا على الأطفال كي يناموا، ومن ثم الاعتكاف على أجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصة بهم ليكتبوا تصنيفات موافقة كبيرة لمصلحة رؤسائهم في العمل.
قد يكون من الخطير تكوين نظرية كاملة تتضمن الرضا في مكان العمل من خلال بيانات تم جمعها بناء على مصالح التسويق أكثر من مصالح العلم. تتعرض الدراسات الاستقصائية التي تشمل الموظفين الداخليين للانتقاء الذاتي والوهم الذاتي. وفي الوقت الذي تكون فيه ملاحظات "جلاسدور" مفتوحة أمام الموظفين السابقين وأكثر استقلالية من الناحية النظرية، تتشارك مع بعضها بعضا في العيوب نفسها.
حتى مع ذلك، يعكس التناقض الواضح بين الرؤساء التنفيذيين الذين يحظون بشعبية، وظروف العمل السيئة حقيقة غير مريحة. والدليل على أن معطيات مقياس التوازن بين العمل والحياة تجعل الناس تعمل بجد واجتهاد أكبر، هو دليل متباين.
تشجيع التوازن الأفضل بين الحياة والعمل لا يؤدي إلى زيادة الإنتاجية، بحسب ما توصل إليه باحثون أكاديميون في كلية لندن للاقتصاد. ولا حتى إرغام العمال على العمل في بيئة عبودية بائسة. مع ذلك، توصلت دراسة أجريت لاحقا من قبل أليكس إدمانس، الذي يعمل الآن في كلية لندن للأعمال، إلى وجود روابط إيجابية بين الرضا الوظيفي وعائدات الأسهم.
ومن ثم، كرئيس تنفيذي، لديك كثير من الأسباب التي تدفعك للاعتناء والاهتمام برفاهية موظفيك: مقياس التوازن بين الحياة والعمل هو أداة توظيف قوية، لا سيما للمرشحين الشباب، وتشجع السياسات التي تراعي الأسر مزيدا من النساء للانضمام للقوة العاملة والبقاء فيها، ويكون هذا هو الشيء الصحيح والعادل الذي يجب القيام به، وتحسين الظروف لا يمكن أن يجعل الأمور أسوأ. لكن الاهتمام بمقياس التوازن بين الحياة والعمل لدى موظفيك ليس المسار الوحيد، أو حتى المسار الأفضل، الذي يمكن من خلاله الفوز بموافقتهم ونيل رضاهم.
تنص واحدة من الفرضيات التي اقترحت من قبل باحثي "جلاسدور" على أن الناس الذين يعملون لدى رؤساء تنفيذيين من ذوي المراتب العليا يكونون "مستعدين للتضحية بذلك التوازن مقابل الحصول على قيادة رائعة من الرئيس التنفيذي"، لا سيما في "أماكن العمل سريعة التطور وعالية الإنجاز".
يبدو هذا أمرا معقولا، على الرغم من أنني أعتقد أنه يبالغ في تقدير مدى اهتمام عمال الخط الأمامي بأسلوب رؤسائهم التنفيذيين في القيادة. مديرو الأقسام والقطاعات هم المصدر الرئيس لتحقيق القيادة الجيدة. ولهذا السبب ترتبط التعليقات المسيئة الوارد ذكرها في بداية هذا المقال بقادة فرق العمال لدى "سبورتس دايركت"، وليس بمايك آشلي، الرئيس التنفيذي لسلسلة متاجر التجزئة. هو شخص غير شعبي أيضا، لكن عندما ينتقد موظفوه الطريقة التي يتبعها في إدارتهم، يكون الانتقاد موجها بشكل عام للمشرفين والرؤساء المباشرين.
في المقابل، مراجعات موظفي "جولدمان" كثيرا ما تثني على المديرين، حتى في الوقت الذي يتقدمون فيه بشكاوى تتعلق بساعات العمل الطويلة التي يتعين عليهم قضاؤها في مكان العمل.
الإدارة الجيدة هي السبب الخفي الذي يؤدي إلى تحسين الإنتاجية، بحسب ما يقول باحثو كلية لندن للاقتصاد. ببساطة، أعتقد أن العمال يحبون القادة الناجحين، بغض النظر عن ظروف العمل القاسية التي يخضعونهم لها.
"إتسي"، سوق العمل الحرفية الإلكترونية، قدمت للتو مثالا معاكسا بشكل صارخ. في 21 حزيران (يونيو)، خفضت ما نسبته 15 في المائة من القوة العاملة لديها، بعد مرور شهر واحد على استبدال رئيسها التنفيذي، تشاد ديكرسون.
بلغت درجة الموافقة عليه ذروتها عندما حققت نسبة تساوي 97 في المائة تماما قبل أن يغادر منصبه في أيار (مايو)، مع تراجع المبيعات. كان نصيرا كبيرا لمقياس التوازن بين الحياة والعمل. قال في العام الماضي: "عملك مهم جدا، لكنك أيضا شخص متكامل لديه مسؤوليات أخرى يتحملها في هذه الحياة". لقد كان واقعيا، وكان ضعيفا، وكان يهتم بالآخرين.
وأنا أول شخص يشيد بمثل هذا الموقف، ويتأسف على الطريقة التي عانت بها "إتسي". لكن تخميني هو أن الموظفين الذين تم التخلي عن خدماتهم هذا العام سيحصلون على مقياس توازن أضعف بين الحياة والعمل، بدلا من عدم الحصول وظيفة على الإطلاق.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES