Author

معوقات تطبيق الجودة في مؤسسات التعليم العالي

|

هناك معوقات تواجه مؤسسات التعليم العالي عند تطبيق أنظمة الجودة إلا أن هناك اختلافا في درجة أهميتها. فقد بينت الدراسات أن "ضعف إدراك مفهوم التعلم مدى الحياة (التعليم المستمر)" يأتي في مقدمة هذه المعوقات وهذا يتبع مجموعة المعوقات التعليمية والمعرفية. وفي المرتبة الثانية أتى "ضعف الدعم المالي المقدم للأبحاث العلمية" وهذا ينتمي إلى مجموعة معوقات البحث العلمي. وفي المرتبة الثالثة أتى "ضعف إمكانات المكتبات" وهو يتبع مجموعة المعوقات التنظيمية، أما في المرتبة الرابعة فأتي "زيادة العبء التدريسي على حساب البحث العلمي" وفي المرتبة الخامسة أتى "قلة مشاركة أعضاء هيئة التدريس في الشراكة مع المراكز البحثية العالمية والمحلية" وهذان الأخيران يتبعان مجموعة المعوقات التي تواجه البحث العلمي. وفي المرتبة ما قبل الأخيرة أتى المعوق "ضعف قنوات الاتصالات بين أقسام وإدارات الجامعة" وآخر هذه المعوقات أتى "ضعف الثقة بأعضاء هيئة التدريس" وهما يتبعان مجموعة المعوقات التنظيمية.
من هذا يتبين أن مؤسسات التعليم العالي في حاجة ماسة إلى مراجعة أنظمتها، وبناء منظومة إدارية تعتمد على تطبيق إدارة الجودة الشاملة بجميع جوانبها، لتحسين الأداء، وتطوير مخرجاتها الجامعية. ولهذا فإن الحاجة أصبحت ملحة للمسؤولين بإزالة معوقات تطبيق إدارة الجودة الشاملة. لذا سيذيل هذا المقال بعدة توصيات ومقترحات للمسؤولين في مؤسسات التعليم العالي قد تساعدهم في إزالة المعوقات التي تعيق تطبيق إدارة الجودة الشاملة. أول هذه المقترحات نشر ثقافة الجودة للقيادات لإقناعهم بأهمية التغيير وتحسين الأداء وأهمية معايير الجودة والاعتماد الأكاديمي. فقد اتضح من نتائج الدراسات أن معوقات الجوانب القيادية ذات أهمية عالية. كما يجب على القياديين إقناع بقية منسوبي الجامعات من أكاديميين وإداريين وطلاب بأهمية تطبيق إدارة الجودة الشاملة حتى يكون هناك معيار تعرف به الجامعات توجهها وتقدمها.
ثانيا: عند تنفيذ برنامج الجودة الشاملة في الجامعات، لابد من البدء بقطاع الخدمات العامة والخدمات الإدارية كملاءمة ظروف العمل، الاهتمام بالمكتبات، وتوفير نواد، وصالات رياضية، فكثير من الجامعات خالية من كل هذه الخدمات وهي تعتبر البنية التحتية لبدء العمل التشغيلي (الأكاديمي) للجامعة. فقد بينت نتائج البحوث في مجال الجودة أن أكبر العوائق التنظيمية "ضعف إمكانات المكتبات" و"الافتقار إلى ظروف عمل مناسبة".
بعد ذلك يجب على الجامعات الاهتمام كثيرا بالحوافز الإيجابية (معنوية ومالية) لأعضاء هيئة التدريس ومراعاة العدالة والمساواة في الفرص لإشعارهم بالانتماء والولاء فعضو هيئة التدريس طرف مهم في إنجاح برامج الجودة الشاملة، وإذا لم يحفز فكيف تضمن الجامعة تعاونه في إنجاح تطبيق إدارة الجودة الشاملة. فقد بين كثير من الدراسات أن ضعف الحوافز المالية والمعنوية من أكبر المعوقات التنظيمية.
منح أعضاء الهيئة الأكاديمية بالجامعات فرصة المشاركة في اتخاذ وصنع القرارات المهمة بهذا الجانب بينت الدراسات أن "ضعف الثقة بأعضاء هيئة التدريس" كان أقل العوائق التنظيمية إلا أنه لا يزال مرتفعا جدا. على الجامعات كذلك أن تهتم كثيرا بدعم البحث العلمي عن طريق دعم الأبحاث العلمية ماليا وتخفيض الساعات عن عضو هيئة التدريس الذي يقوم بإنجاز بحث علمي خلال الفصل الدراسي؛ فقد تبين أن ضعف الدعم المالي وزيادة العبء التدريسي يمثلان أعلى معوقات جوانب البحث العلمي.
تبين كذلك أن هناك إغفالا لبرامج خدمة المجتمع والتعليم المستمر، ما أبعد الجامعات عن ممارسة إحدى وظائفها الأساسية. لذا على مؤسسات التعليم العالي تعيين متخصصين يشرفون على عمادة خدمة المجتمع وتقديم الدعم اللازم لهم من تفويض السلطة إلى الدعم المالي من أجل ربط الجامعات بالمجتمع والاستفادة من أعضاء هيئة التدريس لبحث قضاياه، ومن ثم تكثيف الدورات التدريبية والبرامج العلمية التي يحتاج إليها المجتمع بأسعار رمزية. إضافة إلى تقديم الاستشارات والمحاضرات التثقيفية والأمسيات الأدبية التطوعية للجمهور.
على الرغم من بدء الجامعات الاهتمام بالجودة الشاملة والاعتماد الأكاديمي إلا أنه يتضح من نتائج الدراسة أن جميع المعوقات التي حددتها الدراسات تمثل أهمية عالية لدى عضو هيئة التدريس، ويبدو أن الجامعات تفتقد إلى الخبرات الإدارية المؤهلة في هذا المجال، لذا عليها أن تختار من بين أعضائها قيادات تمتلك خبرة إدارية وأكاديمية في تطبيق برنامج الجودة الشاملة، وإذا تعذر عليها ذلك فيمكنها الاستعانة ببيوت خبرة دولية لها باع طويل وخبرة عريقة في مجال جودة التعليم العالي للإشراف على تطبيق الجودة الشاملة وتدريب القيادات الأكاديمية في الجامعة.
أخيرا اتضح أن هناك خللا كبيرا في الطرق والوسائل التعليمية والمعرفية التي تتفق مع الجودة الشاملة لذا على الجامعات عمل الآتي:
ـــ الاهتمام بآراء ومقترحات الطلبة لتشجيع حرية التعبير والتفكير النقدي.
ـــ تطوير آليات واضحة ومحددة لإتاحة أسلوب التغذية العكسية بهدف الحوار والمناقشة.
ـــ تكثيف الاهتمام بنوعية جودة المقررات والوسائط التعليمية والتخصصات والبرامج الأكاديمية من حيث الإعداد والإخراج لملاءمة مستحدثات العصر الحالي.
هذه أهم التوصيات التي يمكن تقديمها لمؤسسات التعليم العالي للتغلب على معوقات تطبيق إدارة الجودة الشاملة والحصول على الاعتمادات الأكاديمية بجدارة.

إنشرها