Author

لنستثمر في هذه التقنية

|


أما هذه التقنية.. فتحديدا هي تقنية البطاريات فإذا كانت وسائل تطوير إنتاج الطاقة المتجددة قد بدأت مع طواحين الهواء والسدود والخلايا الكهروضوئية عام 1880، أي في وقت قريب من بدايات اكتشاف النفط. فإنه وعلى الرغم من وفرة الفحم سهل الاستخراج في ذلك الوقت مقارنة بزمننا الحاضر، إلا أن وسائل الإنتاج وتوليد الكهرباء كانت مرتفعة التكلفة لدرجة دفعت إلى البحث عن مصادر جديدة للطاقة. لم تكن طاقة الهواء والطاقة الشمسية جديدة كليا، فهي مستغلة في الزراعة والري وطحن الحبوب منذ آلاف السنين. ولكن متى ما تم اكتشاف مصدر للطاقة أقل تكلفة فإن الاستثمارات والتنمية التقنية ألقت بكل ثقلها وراء المصدر الجديد. وهو الأمر الذي حصل مع اكتشاف النفط، فقد أهملت الطاقات المتجددة حتى بدأت تكاليف النفط المباشرة وغير المباشرة في الارتفاع بشكل ملحوظ.
اليوم باتت الطاقة المتجددة والبديلة تنافس التقليدية من حيث الفعالية في التكلفة لكل واط منتج من الكهرباء. وكذلك تمكنت الطاقة الشمسية من جذب استثمارات أكبر من إجمالي ما تم استثماره في قطاع النفط على مدى العامين الماضيين. إلا أن كل ذلك لم يكن كافيا في زيادة مساهمة إنتاج الطاقة المتجددة والبديلة بما يتناسب مع تكلفة إنتاج الكهرباء منها، فهي لا تزال تقبع عند نحو 23 في المائة من إجمالي الطاقة المنتجة عالميا، ويتوقع زيادة إسهامها إلى ما يقارب 28 في المائة فقط في عام 2021 بحسب وكالة الطاقة العالمية. السبب في ذلك يعود إلى عدم توافر التقنية اللازمة لتخزين الطاقة المنتجة من وسائل الطاقة المتجددة والبديلة فلا يمكن استغلال كامل الطاقة المنتجة على مدى اليوم، بعكس الوقود الأحفوري الذي يتمتع بكثافة طاقية مرتفعة ومرونة عالية في النقل. إلا أن الاختراقات المتسارعة في تقنية البطاريات التي نشهدها هذه الأيام تنبؤنا بدخول الطاقة المتجددة، الشمسية منها والطاقة المحصلة من الرياح خصوصا، مرحلة جديدة.
سر صناعة الطاقة المتجددة يكمن في سعة وتكلفة تخزين الطاقة، وليس تكلفة الإنتاج التي تستمر في الانخفاض بشكل متسارع. فالمواد الأولية، مثل الليثيوم، المستخدمة في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية محدودة الكمية ولا يمكنها استبدال كامل السيارات العاملة اليوم حول العالم. ولكن منذ ظهور بطارية الليثيوم الأولى في بداية تسعينيات القرن الماضي، فقد انخفضت تكلفتها بأكثر من 90 في المائة مع ارتفاع سعتها التخزينية إلى الضعف تقريبا. ولكن في مجال مزارع البطاريات التي سترافق محطات الطاقة الشمسية مستقبلا، فإن تقنية التدفق في البطاريات السائلة تبدو واعدة جدا، خصوصا إن تم تسهيل الإنتاج التجاري لمثل هذه البطاريات بالشكل الذي يتيح استخدامها في المنازل وكل الأسطح التي يمكن استغلالها لتثبيت ألواح شمسية. فمتى تحقق مثل هذا المستوى من الاختراق التقني، فإن حجم الطاقة المنتجة من الألواح الكهروضوئية سيكفي لإحداث إخلال واسع في وسائل إنتاج الكهرباء من الوقود الأحفوري بشكل قد يرفع من تكلفتها لكل واط.
تأخرنا في الاستثمار في ألواح الطاقة الشمسية يمكن تعويضه بتبني برنامج جريء وطموح لتطوير تقنيات البطاريات. فواقع الحال يقول إن تطور تقنيات البطاريات هو ما قد يهدد زعامة النفط كمكون رئيس لمزيج الطاقة، وليس انخفاض تكلفة أو ارتفاع قيمة الاستثمارات في الطاقة المتجددة. استثمارنا ونجاحنا في الحصول على اختراق تقني في مجال البطاريات سيؤكد زعامتنا لسوق توليد الطاقة لقرن قادم.

إنشرها