ثقافة وفنون

«القرقيعان» .. تراث بطعم الحلوى

«القرقيعان» .. تراث بطعم الحلوى

القرقيعان عادة تراثية قديمة، لكنها بدأت تفقد رونقها شيئا فشيئا، رغم أنها ما زالت باقية حتى يومنا هذا، خصوصا في المنطقة الشرقية، يخرج الأطفال فيها مبتهجين ليلة منتصف شهر رمضان الكريم حين يكتمل البدر، لصيامهم النصف الأول منه، وفرحا بأن ما تبقى أقل مما فات، ما يدفع الأهالي إلى تشجيعهم ومكافأتهم على تحملهم هذه المدة بمنحهم المكسرات والحلويات، وأحيانا تعطى على شكل حزمة أو لفة معدة من قبل الأهالي والجيران.

قرة العين

ويبدو أن كلمة "قرقيعان" تعود إلى قرع الأبواب، وقيل مستمدة من الأصوات الصادرة من الحلويات والمكسرات عندما تقرقع وتتحرك في الأكياس، وآخرون فسّروها على أنها تعني قرة العين أي بشهر رمضان، ويقال إنها عادة قديمة لدى العباسيين.
يرتدي الأطفال في هذه المناسبة الأزياء الشعبية والطواقي المطرزة، ويعلقون أكياسا على رقابهم، تصنع من القماش عادة وتخاط يدويا، ويجولون بها بين منازل الجيران والأقارب لملئها بالقرقيعان، أو ترمى عليهم المكسرات التي تكون موضوعة في صحن مصنوع من سعف النخيل، ويحتفلون أحيانا بها في شهر شعبان، احتفاء بقرب حلول الشهر الكريم. جمال هذه العادة التراثية يكمن في عفويتها وبساطتها، ترتسم فيها السعادة والبراءة على محيا الأطفال، ويرددون فيها أهازيج تراثية مثل: "قرقيعان وقرقيعان بيت قصيّر ورميضان"، و"عطونا الله يعطيكم بيت مكة يوديكم"، ويرددون: "قرقيعان وقرقيعان.. كل سنة وكل عام.. سلم ولدهم يا الله.. خله لأمه عسى البقعة لا تخمه ولا توازي على أمه.. أعطونا الله يعطيكم.. بيت مكة يوديكم.. يا مكة يا المعمورة يا أم السلاسل والذهب يا نوره".

تحضيرات

عادة يتم التحضير لهذه العادة في الرابع أو الخامس من شهر رمضان، حيث تبدأ محال الحلويات والمحامص بالتحضير والاستعداد لهذه المناسبة بجلب كل أنواع الحلويات والملبس والمكسرات التي تحوز رضا الأطفال، وتلبي أذواقهم، وهو ما لاحظته "الاقتصادية" خلال زيارتها لعدد من المحال في الأيام الماضية.
وما يجعل هذه المناسبة جميلة وحميمة، وجود نوع من الترابط الأسري والتقارب بين الأهل والجيران، فالأطفال يمارسون طقوساً ويرددون الأغاني والأهازيج الخاصة بالمناسبة وهم سعداء بما يقدم لهم من قرقيعان، وكأنهم يحصدون شيئاً زرعوه، ويتباهون بكمية الحلوى والمكسرات التي يحصلون عليها. كما يعمد أهالي الحي إلى تحسين الشوارع والبيوت بالأنوار والزينة تزامنا مع المناسبة، التي تشعر الأطفال بالفرح، وفي بعض الأحيان يجتمعون لدى كبير العائلة أو بيت الجد، من بعد صلاة العشاء وحتى فجر اليوم التالي، يأكلون الحلويات وأشهى المأكولات، ويحمدون الله على نعمة بلوغ شهر رمضان.
ويجدر التذكير بأنها لا تعدو كونها عادة تراثية قديمة، لا يوجد لها صلة بأي تعاليم دينية، وإنما فرحة بقدوم شهر رمضان. القرقيعان يذكرنا بالماضي الجميل وتراث الأجداد، ويجعلنا نشتاق للعودة إلى لياليه، نتمنى أن يظل الطابع القديم للقرقيعان باقيا، فهذا تراثنا ينبغي أن نحافظ عليه، ويغرس في الأطفال القيم الاجتماعية الحميدة من كرم، ومشاركة الأفراح ومشاعر الآخرين.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون