Author

كيف يمكن زيادة كفاءة إدارة موارد القطاع غير الربحي؟

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
المؤسسات الاجتماعية والخيرية ركيزة مهمة في المجتمع، وعليها عبء المساهمة أولا في الناتج المحلي وتقديم خدمات رئيسة في المجتمع، ولقد اهتمت "رؤية المملكة 2030" بالقطاع غير الربحي وأهمية مساهمته بما لا يقل عن 6 في المائة في الناتج المحلي باعتبار أهمية هذا القطاع في المجتمع ودوره الفاعل في دول العالم وفي ظل عناية المجتمع بهذا القطاع باعتبار أن فضله وأثره يصلان إلى المسلم بعد وفاته، فإن عناية المجتمع به بمختلف شرائحه عناية كبيرة ليس فقط في جانب الإنفاق، بل المساهمة بالوقت والجهد والفكر وجميع ما يمكن أن يقدمه المجتمع للإسهام في هذا الجانب المهم في المجتمع، وباعتبار عناية المجتمع بالعطاء في العمل الاجتماعي والخيري فإنه من المهم العناية بإدارة موارد المؤسسات الخيرية والاجتماعية والقطاع غير الربحي بصورة عامة بما يعظم الفائدة للمجتمع، ويحقق الهدف الذي تشير إليه "رؤية المملكة 2030". في كثير من الاقتصادات المتقدمة نجد أن القطاع غير الربحي يسهم بصورة كبيرة في خدمة المجتمع من نواح متعددة، ويضيف بشكل كبير في الناتج القومي، كما أن هذه المؤسسات تشمل مجموعة من الأنشطة التي لها أهمية كبيرة في التنمية الحقيقة في المجتمع، فالمؤسسات غير الربحية تشمل قطاعات مثل: التعليم والصحة وتنافس بل تتفوق في كثير من الأحيان على القطاع العام والقطاع الخاص، إذ يتميز عن القطاع العام بالمرونة في الإدارة، ويتميز عن القطاع الخاص بأن الجودة تعد أولوية مقارنة بالربح الذي يسعى إليه القطاع الخاص بصورة أكبر، كما أن لديه قدرة على استقطاب الكفاءات، باعتبار أن لديه كفاءة عالية في إدارة الموارد، وقدرة على الحصول على جزء من الموارد من خلال التبرعات، وهذا ما لا يتحقق في حالة القطاعين العام والخاص. إدارة الموارد في القطاع غير الربحي ترتكز على الكفاءة في ثلاثة عناصر: العنصر الأول تعظيم تنويع مصادر الموارد، واستثمار الموارد، وتوزيع الموارد. ففيما يتعلق بتوزيع الموارد فمن الممكن أن يكون من خلال التبرع المباشر وهذا الأسهل، ولكن الكفاءة في تنويع المصادر تتطلب ابتكار مجموعة من الأفكار التي تزيد من فرص التبرع، فتنظيم برامج اجتماعية مثلا يستفاد فيها من خلال مجموعة من المتطوعين في إدارتها مع تسويق هذه البرامج لدى القطاعين الخاص والعام لرعايتها يحقق موارد إضافية للمؤسسة غير الربحية، وذلك بتحقيق مصلحة مشتركة بين رعاة هذه البرامج والمؤسسة غير الربحية، كما أن جمعيتين مثل "ارتقاء" و"إطعام" ابتكرتا طريقة مميزة في زيادة الموارد من خلال الاستفادة من الأجهزة القديمة لدى المواطنين في إعادة تدويرها، والاستفادة من فائض الطعام الجيد في توزيعه على المحتاجين، وهذه بعض الطرق المبتكرة في تنويع الموارد وزيادتها، بل التسويق لتلك البرامج من خلال بعض مؤسسات القطاع الخاص، والترشيد في توظيف الموارد التي تكون معرضة للإتلاف في المجتمع. العنصر الثاني الكفاءة في استثمار الموارد أو جزء منها، وتختلف المؤسسات في قدرتها على ذلك، والأكثر كفاءة حاليا هو مجموعة من المؤسسات التي تبناها جمع من رجال الأعمال، حيث وظفوا قدراتهم ومهاراتهم الاستثمارية في إدارة جمعياتهم الخيرية والاجتماعية وأوقافهم، ولعل من النماذج التي قد تكون مهددة بعدم النجاح مجموعة من برامج الأوقاف التي تبناها بعض المؤسسات الخيرية، والتي تعتمد على شراء عقارات مدرة للدخل، وهذه الأوقاف رغم نجاحها في كثير من الأمثلة والنماذج الممارسة إلا أن هناك شكا في قدرة هذه المؤسسات على إدارة مثل هذه المشاريع باعتبار أن إدارة العقارات بشكل مباشر قد يفوت فرص الكفاءة في الاستفادة المثلى من تلك الموارد في ظل إداراتها من قبل بعض الأشخاص الذين ليس لديهم خبرة، كما أن الاستثمار في مجال العقار قد لا يكون الطريقة المثلى خصوصا مع ضعف الشفافية في إدارة هذه العقارات. العنصر الثالث: الكفاءة في توزيع موارد المؤسسات غير الربحية ينبغي أن تحقق تنمية حقيقية للمجتمع وقيمة مضافة للمستفيدين منها، فمن السهل تقديم مبلغ مالي مستمر لمحتاج، لكن الأفضل هو بناء مهارات ومعرفة لدى هذا المحتاج بما يمكنه من الإنتاج في المجتمع وتحقيق الكفاية، بل الغنى مستقبلا له ولمن يعول. فالخلاصة أن المؤسسات غير الربحية لها أهمية كبيرة في المجتمع وقد برزت بصورة واضحة في "رؤية المملكة 2030"، ولتحقيق الأهداف المرجوة من المؤسسات غير الربحية لا بد من العناية بالكفاءة في إدارة الموارد من خلال تعظيم وتنويع الموارد والكفاءة في استثمارها والكفاءة في التوزيع.
إنشرها