الطاقة- النفط

«أوبك» تسعى إلى التعايش مع «الصخري» وإتاحة إمدادات كافية لدعم الأسعار

«أوبك» تسعى إلى التعايش 
مع «الصخري» وإتاحة إمدادات كافية لدعم الأسعار

تجاهل متبادل في البداية ثم صراع محتدم وأخيرا الدخول في حوار رغم تعارض الأهداف.. هكذا تطورت العلاقة بين منظمة أوبك وصناعة النفط الصخري الأمريكية تطورا كبيرا منذ اكتشفت المنظمة ظهور منافس غير متوقع في سوق رئيسية لنفطها قبل نحو خمسة أعوام.
حضر القائمون على صناعة النفط الصخري إلى فيينا الأسبوع الماضي، فيما ترتب "أوبك" لرحلة يقوم بها كبار مسؤوليها إلى تكساس لمعرفة ما إذا كانت هناك إمكانية للتعايش بين الصناعتين أم أنهما تتجهان إلى صراع حاد آخر في المستقبل القريب.
وقال المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في وقت سابق "ينبغي أن نتعايش"، مؤكدا أن "الصخري" لن يحيد بـ "أوبك" عن مسارها.
وأشار الفالح - خلال اجتماع "أوبك" نهاية الأسبوع الماضى - إلى أن الإنتاج الصخري لا يقلق "أوبك" وشركاءها، وأن جهود ضبط المعروض النفطي ستستمر قدما خلال الفترة المقبلة بالتعاون مع المنتجين المستقلين، لافتا إلى أننا ننظر إلى النفط الصخري ليس كمنافس بل كعنصر مكمل وداعم لمنظومة الطاقة العالمية خاصة في ضوء توقعات بتسارع نمو الطلب في السنوات المقبلة.
وأضاف وزير الطاقة أن "أوبك" ستظل تعمل على أهدافها الرئيسية خاصة استعادة الاستقرار والتوازن في علاقة العرض بالطلب، منوها بأن التحدى الأكبر والأبرز حاليا هو سحب فائض المخزونات والعودة بمستواها إلى متوسط خمس سنوات، وقد بدأت نتائج الاتفاق وتأثيراته الإيجابية تتضح في السوق بتقلص المخزونات العائمة.
واتفقت الدول الأعضاء في "أوبك" والمنتجون من خارجها الخميس الماضي علي تمديد تخفيضات الإنتاج لمدة تسعة أشهر حتى آذار (مارس) 2018 ما يعني بقاء نحو 2 في المائة من الإنتاج العالمي خارج السوق في مسعى إلى تعزيز الأسعار.
وساعدت التخفيضات على العودة بأسعار النفط فوق 50 دولارا للبرميل لكنها حفزت النمو في قطاع النفط الصخري في الولايات المتحدة غير المشاركة في اتفاق الإنتاج، وأبطأ ذلك وتيرة استعادة التوازن بين العرض والطلب، وظلت المخزونات العالمية قرب مستويات قياسية مرتفعة.
وفي حوض برميان - أكبر حقل نفطي أمريكي - تضخ شركات من بينها برسلي إنرجي ودياموندباك إنرجي بأسرع معدلات في سنوات مستغلة التكنولوجيا الجديدة وانخفاض التكلفة واستقرار أسعار النفط لتجني أرباحا على حساب "أوبك".
وتعترف أحدث حسابات لـ "أوبك" بمكانة النفط الصخري لكنها تسعى إلى عرقلة نموه من خلال إتاحة إمدادات كافية في السوق للاحتفاظ بالسعر دون 60 دولارا للبرميل.
وقال نور الدين بوطرفة الذي مثل الجزائر في اجتماع "أوبك"، "كل شركات النفط الصخري شركات صغيرة. في الواقع عند سعر بين 50 و60 دولارا للبرميل لا تستطيع صناعة النفط الأمريكية تجاوز العشرة ملايين برميل يوميا". وهذا هو المستوى الذي قدر عديد من المحللين أن إنتاج النفط الأمريكي سيبلغه، أي بزيادة مليون برميل يوميا، وهي قفزة كبيرة لصناعة شهدت عشرات الإفلاسات في 2015 و2016 فضلا عن الاستغناء عن آلاف العاملين بسبب حرب الأسعار مع "أوبك" على مدار عامين.
ومع ذلك قد تكون الكميات الإضافية غير كافية لتلبية الطلب العالمي المتزايد أو تعويض التناقص الطبيعي في حقول النفط التقليدية وهو ما تعول عليه "أوبك".
ويحرص بعض أعضاء "أوبك" على ما يبدو على إظهار تخليهم عن أي أفكار ساذجة سابقة بشأن النفط الصخري ما جعله موضوعا مهما في اجتماع المنظمة يوم الخميس رغم أنه لم يكد يذكر من قبل. وتناولت المناقشات نقاط ضعف النفط الصخري بما في ذلك ارتفاع تكلفة الخدمة.
وقال وزير نفط الإكوادوري كارلوس بيريز "أجرينا مناقشات بشأن النفط الصخري ومدى تأثيره.. لكن لا نسيطر على ما تفعله الولايات المتحدة".
وحين طلبت وفود "أوبك" من مارك بابا الرئيس التنفيذي لـ "سنتنيال ريسورسيز ديفلوبمنت" استعراض مستقبل النفط الصخري الأسبوع الماضي بدا أنه لا يريد كشف أوراقه.
وأوضح نيلسون مارتينيز وزير نفط فنزويلا بعد المحادثات "من حيث التهديد ما زلنا لا نعلم كمية النفط الصخري الأمريكي التي ستنتج في المستقبل".
ومن نفس المنظور قد يرغب بعض القائمين على صناعة النفط الصخري الأمريكية في فهم تفكير "أوبك" ومساعدة المنظمة على إدراك أن النفط الصخري ليس بالأمر العارض.
وقال سهيل المزروعي وزير الطاقة الإماراتي "إنه لا يعتقد أن إنتاج النفط الأمريكي سيرتفع بواقع مليون برميل يوميا العام المقبل"، ويسعد توافر البديل بعض عملاء "أوبك"، فقد ذكرت الهند ثالث أكبر مستهلك للخام في العالم الأسبوع الماضي أنها تتطلع إلى الولايات المتحدة للحصول على إمدادات أكبر، وقال دارمندرا برادهان وزير الطاقة الهندي الأسبوع الماضي قبيل اجتماع أوبك "يجب قبول الواقع الجديد".
ويعقد اجتماع "أوبك" المقبل في تشرين الثاني (نوفمبر) لدراسة سياسة الإنتاج، وفي حين يبدو أن معظم أعضاء المنظمة يعتقدون في الوقت الحالي أنه يجب وضع النفط الصخري في الحسبان فلا يزال البعض في "أوبك" يرى صراعا جديدا في الأفق.
وأشار إيمانويل كاتشيكو وزير النفط النيجيري إلى أننا "إذا وصلنا إلى نقطة نشعر فيها بالإحباط جراء عمل متعمد من جانب منتجي النفط الصخري للإضرار بالسوق فإن "أوبك" ستجتمع مرة أخرى لبحث ما ينبغي أن نفعله".
ويتوقع ديف بيرسيل العضو المنتدب لبنك "تيودور بيكرينج هولت آند كو" الذي يعمل مع منتجي النفط الصخري الأمريكي ومقره هيوستون أن تستعيد السوق توازنها في غضون ستة أشهر، وقال بيرسيل "كانت السوق تأمل في تخفيضات أكبر.. لكنني أعتقد أن أسعار النفط سترتفع عن مستواها الحالي بعد ثلاثة أشهر".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط