الطاقة- النفط

مختصون: تراجع النفط بعد اتفاق «أوبك» طبيعي .. الأسواق استوعبت التمديد

مختصون: تراجع النفط بعد اتفاق «أوبك» طبيعي .. الأسواق استوعبت التمديد

توقع مختصون نفطيون أن يؤدي اتفاق "أوبك" إلى حدوث تعاف تدريجي في أسعار النفط الخام بعد إقرار دول المنظمة والمستقلين مد العمل بتخفيضات الإنتاج لمدة تسعة أشهر جديدة، معتبرين أن ما حدث من انخفاض للأسعار نهاية الأسبوع الماضي طبيعي مع استيعاب الأسواق المسبق للاتفاق السعودي الروسي بتمديد الخفض تسعة أشهر إضافية.
واعتبر المختصون أن قرار "أوبك" لم يكن مفاجئا للسوق حيث سبق أن أعلن قبلها بأكثر من أسبوع عن تفاهم سعودي روسي على مد العمل بتخفيضات الإنتاج حتى آذار (مارس) 2018 ما جعل السوق تتطلع إلى المزيد خلال الاجتماع الوزاري، وكان تأثير الاجتماع محدودا في دفع أسعار النفط الخام نحو تسجيل مكاسب سعرية جديدة بشكل فوري.
وأشار هؤلاء إلى أن بعض الدوائر في السوق كانت تتطلع بشدة إلى تعميق الانخفاضات الإنتاجية إلى أكثر من 1.8 مليون برميل يوميا التى بدأ بها تطبيق الاتفاق في بداية العام الجاري، فيما ذهب البعض إلى احتمال تمديد الاتفاق لمدة عام كامل، بحسب ما أعلنته روسيا. وتوقع المختصون استمرار حالة تذبذب الأسعار خلال الأسبوع الحالي بعد أن اختتمت تعاملات الأسبوع الماضي على تراجعات سعرية بنحو 5 في المائة على الرغم من تمديد اتفاق "أوبك" والمستقلين في فيينا. ونوه المحتصون بأن الشهور الستة الماضية كشفت عن أن النفط الصخري منافس عنيد وأن جهود "أوبك" وحلفائها يجب أن تتطور بشكل متلاحق للتعامل مع ظروف السوق وللتمكن من تحقيق أهدافها وفي مقدمتها سحب فائض المخزونات وإنعاش الاستثمار وتوازن علاقة العرض والطلب. وفي هذا الإطار، أوضح لـ "الاقتصادية"، الدكتور أبهيشك ديشباند رئيس قسم التحليلات في شركة "نايتكس" الدولية للطاقة أن "أوبك" أكدت في مجمل نتائج اجتماعها الوزاري الخميس الماضي أن جهود العمل على تحقيق التوازن بين العرض والطلب ستستمر على قدم وساق لحين تحقيق الاستقرار المستهدف.
وأشار ديشباند إلى أن أهم أهداف المنتجين في المرحلة الحالية هو إعادة مستوى المخزونات إلى المتوسط في خمس سنوات باعتباره العنصر السلبي الأبرز في الضغط على الأسعار في الفترة الماضية، مبديا تفاؤله بمد تخفيضات الإنتاج على هذا النحو، معتبرا أن فترة تسعة أشهر ملائمة من كل الوجوه للسيطرة على أوجه الخلل والاضطرابات السعرية.
ولفت ديشباند إلى أن المخزونات بدأت بالفعل في التقلص، وهذا الأمر مقدمة لنتائج إيجابية أفضل قادمة في الشهور المقبلة، كما أن "أوبك" أرسلت رسالة قوية وإيجابية إلى السوق بأنها ستظل تبذل جهودا مؤثرة لإنعاش الصناعة ودعم استقرار السوق من خلال تخفيضات قوية ومتلاحقة وبالتزام واسع من عدد كبير من المنتجين الرئيسين في السوق.
من جانبه، قال لـ "الاقتصادية"، الدكتور يوسف الشمري الباحث والمختص السعودي في شؤون الطاقة في جامعة فيينا، "إن اجتماع وزراء "أوبك" كانت نتائجه إيجابية بشكل كبير وإن لم تنعكس بشكل سريع على الأسعار"، مشيرا إلى أن الاجتماع استهدف تعزيز الأسعار وتنشيط الاستثمارات النفطية وهو ما سيتحقق تدريجيا مع المضي قدما في التطبيق الفعال والجاد لتخفيضات الإنتاج.
وأضاف الشمري أن "االأشهر لستة الأولى من عمر اتفاقية خفض الإنتاج كانت بالفعل نتائجها محدودة على السوق بسبب النشاط الواسع لإمدادات من خارج "أوبك" وفي مقدمتها الإنتاج الصخري الأمريكي الذى عطل على نحو ملموس جهود استعادة الأسعار الملائمة ومن ثم توازن سوق النفط". واعتبر الشمري أن مد العمل بالاتفاقية كان ضرورة حتمية أمام المنتجين وكان النقاش فقط حول مدة تمديد الاتفاقية هل هي ستة أشهر أم تسعة أشهر أم عام كامل حتى تم التوافق بالفعل وبالاجماع على مدة تسعة أشهر بعد تحليلات جيدة وعميقة لتطورات السوق، متوقعا أن تسجل الأسعار مستوى نحو 55 أو 60 دولارا للبرميل بنهاية العام.
من ناحيته، أوضح لـ "الاقتصادية"، مايكل تورنتون المختص في مبادرة الطاقة الأوروبية، أن الأسعار لم تستجب - في تقديره - سريعا لقرار منتجي "أوبك" والمستقلين بخفض الإنتاج لمدة تسعة أشهر جديدة بسبب الإعلان عن ذلك مسبقا في بكين عقب المباحثات بين وزيري الطاقة السعودي والروسي ، التي تم التوافق فيها على هذا الأمر، واستجابت الأسعار لها على الفور بارتفاعات ومكاسب سعرية جيدة. وأضاف تورنتون أن "السوق في نفس الوقت كانت تتطلع إلى تخفيضات أكبر من مدة تسعة أشهر خاصة بعد إعلان موسكو عن رغبتها في مد التخفيضات لمدة عام كامل وهو ما لم يتم التوافق عليه خلال الاجتماع، كما أعلن أيضا قبل الاجتماع عن توسيع الاتفاق بضم دول جديدة للاتفاقية منها تركمانستان ومصر والنرويج، وهو الأمر الذي لم يتم إنجازه بعد بشكل نهائي". وأشار تورنتون إلى أن المخاوف من التزايد المستمر في الإنتاج الأمريكي تلقي بظلال سلبية على الأسعار خاصة مع استمرار زيادة الحفارات النفطية الأمريكية للأسبوع التاسع عشر على التوالى وفي ظل الدعم الواسع والمتنامي الذي توجهه الإدارة الأمريكية لتعزيز الإنتاج الأمريكي من النفط الخام. ولفت تورنتون إلى أن "أوبك" تتوقع في المقابل أن تضعف القدرات التنافسية للنفط الصخري خلال الفترة المقبلة بسبب خروجه من المناطق الأقل تكلفة في الإنتاج إلى المناطق الأعلى تكلفة وأن قدراته التنافسية وتأثيراته في الأسعار ستكون أقل من الفترة السابقة.
وذكر المختص في مبادرة الطاقة الأوروبية، أن البعض يبدي قلقه من منتجين داخل الاتفاقية مثل العراق التي تخطط لتوسيع طاقاتها الإنتاجية والتصديرية على الرغم من تأكيداتها الشديدة الالتزام بخفض الإنتاج وأيضا روسيا التي كانت قد وصلت قبل اتفاق خفض الإنتاج إلى أقصى القدرات الإنتاجية بشكل غير مسبوق، وكانت أبطأ المنتجين في الوفاء بحصتها من خفض الإنتاج التي أوفت بها في أبريل الماضي فقط. من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، فقد تعافت أسعار النفط لتصعد أكثر من 1 في المائة، لكنها أنهت الأسبوع على انخفاض يقارب 3 في المائة عقب قرار قادته "أوبك" بتمديد تخفيضات الإنتاج لم يلب تطلعات بعض المستثمرين. وبحسب "رويترز"، فقد كان التداول محدودا بعد موجة البيع الكثيفة التي شهدتها جلسة يوم الخميس وقبل عطلة نهاية أسبوع طويلة في الولايات المتحدة وبريطانيا، وزاد خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة 69 سنتا أو 1.3 في المائة ليبلغ عند التسوية 52.15 دولار للبرميل بعدما بلغ أدنى مستوياته في الجلسة عند 50.71 دولار للبرميل. وارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في العقود الآجلة 90 سنتا أو 1.8 في المائة ليبلغ عند التسوية 49.80 دولار للبرميل بعدما بلغ أدنى مستوى له خلال الجلسة عند 48.18 دولار للبرميل. وهبطت أسعار الخام 5 في المائة يوم الخميس بعد قرار "أوبك"، إذ كان بعض المشاركين في السوق يتوقعون تعميق تخفيضات الإنتاج، وعلى مدى الأسبوع انخفضت العقود الآجلة لبرنت 2.7 في المائة بينما نزلت عقود الخام الأمريكي 1.1 في المائة. وزادت شركات الطاقة الأمريكية عدد حفارات النفط للأسبوع التاسع عشر على التوالي في الوقت الذي شجعت فيه توقعات ارتفاع أسعار الخام بعد القرار الذي قادته "أوبك" بتمديد تخفيضات الإنتاج الحالية، المنتجين على تعزيز الإنفاق على أنشطة الحفر الجديدة.
لكن وتيرة الزيادة تباطأت مع انخفاض إجمالي الزيادة منذ بداية أيار (مايو) إلى أدنى مستوى لها منذ تشرين الأول (أكتوبر) بسبب ضعف أسعار النفط.
وقالت "بيكر هيوز" لخدمات الطاقة "إن الشركات أضافت منصتي حفر نفطيتين في الأسبوع المنتهي 26 أيار (مايو) ليصل العدد الإجمالي إلى 722 وهو أعلى مستوى منذ نيسان (أبريل) 2015".
ويعادل ذلك أكثر من مثلي عدد الحفارات في الأسبوع المقابل من العام الماضي عندما بلغ عدد الحفارات العاملة 316 فقط، وهو الأقل في أكثر من ست سنوات.
ويماثل ارتفاع عدد حفارات النفط على مدى 19 أسبوعا متتاليا أطول فترة زيادات متعاقبة على الإطلاق التي انتهت في آب (أغسطس) 2011، وفقا لبيانات من "بيكر هيوز" يعود تاريخها إلى 1987.
ويتوقع بعض المحللين أن تؤدي تخفيضات "أوبك" على الأرجح إلى تسارع الإنتاج من أحواض النفط الصخري الأمريكية، حيث يستطيع المنتجون العمل بتكلفة أقل كثيرا.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط