أخبار اقتصادية- عالمية

البنوك المركزية تخاطر بإحداث صعود فوضوي في السوق

البنوك المركزية تخاطر بإحداث صعود فوضوي في السوق

هذا الصيف يصادف مرور عقد من الزمان على الدمدمات الأولى للأزمة المالية العالمية. وقد حدثت أمور كثيرة منذ أن انهار في تموز (يوليو) 2007 صندوقا تحوط يدعمهما مصرف بير ستيرنز، بسبب انكشافهما للقروض العقارية لضعاف الملاءة في الولايات المتحدة.
بالنسبة إلى المستثمرين كانت النتيجة الفارقة هي وجود البنوك المركزية في أسواق المال وميزانياتها العمومية المنتفخة. التغذية المستمرة من المال السهل - خيار البيع النهائي - لا تحافظ فقط على رفع أسعار الأصول، لكن تعمل بشكل حاسم على الحد من نوبات هزات السوق.
وفي حين إن الأسواق تسلط تركيزها على آفاق النمو والتضخم، فإن آفاق "تداولات ترمب"، وفقاعة الائتمان الصينية، وسياسة منطقة اليورو، والتوسع المطرد في ميزانيات البنوك المركزية عن طريق التسهيل الكمي تبقي على الأسهم في مستويات قياسية وتجعل علاوات المخاطر شيئا لا يذكر.
يقول جاك أبلين، كبير الإداريين الاستثماريين في "بي إم أو كابيتال ماركيتس"، "أنا أعتبر أن التسهيل الكمي هو التغذية الوريدية التي عملت على توسيع التقييمات السوقية فوق قيمتها الحقيقية".
هذا العام وحده، كما يقول "بانك أوف أمريكا ميريل لينش"، أضافت البنوك المركزية مبالغ أخرى إلى "طبق السيولة" في النظام المالي مقدارها 1.1 تريليون دولار. الآن الأصول المالية الجماعية للبنوك المركزية الأربعة الرئيسية - التابعة للولايات المتحدة واليابان والمملكة المتحدة ومنطقة اليورو – تبلغ رقما يقل قليلا عن 14 تريليون دولار.
علاوة على ذلك، الحجم الإجمالي لهذه الميزانيات الرسمية سيرتفع في عام 2018 حتى مع تركيز المستثمرين على بداية اللعبة النهائية، المتمثلة في تقليص الاحتياطي الفيدرالي برنامجه للتسهيل الكمي وتوقع أن يتبع البنك المركزي الأوروبي تلك الخطوة.
مع ذلك، الأمر الحاسم هو أن الوتيرة التي يقلص بها الاحتياطي الفيدرالي ميزانيته العمومية وأي تراجع من البنك المركزي الأوروبي ستكون مدروسة تماما. يقول ديفيد آدر، كبير مختصي الاقتصاد الكلي في شركة إنفورما فينانسيال إنتليجانس "سيتحرك الاحتياطي الفيدرالي بحذر بخصوص خطة تخفيض الميزانية العمومية لديه. سيختبرون السوق ببطء، على اعتبار أنهم حذرون من التسبب في زيادة كبيرة في العوائد".
ما ساعد على دفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى منطقة قياسية الأسبوع الماضي هو رسالة من الاحتياطي الفيدرالي تفيد بأنه سيمضي قدما ببطء وثبات عندما يبدأ في تقليص ميزانيته العمومية البالغة 4.2 تريليون دولار، وذلك من خلال إبطاء إعادة استثمار الديون المستحقة. ويوم الأربعاء كشف محضر اجتماع أيار (مايو) عن أن هذه الاستثمارات ستخضع لحدود عليا مقومة بالدولار ترتفع مع مرور الوقت.
النتيجة، كما يلاحظ لو كراندال، من "رايتسون إيكاب"، هو أن الاحتياطي الفيدرالي سيخفض الميزانية العمومية ببطء. ويتوقع أن يبدأ عملية إعادة التشغيل الأولية بمعدل "لا يزيد على عشرة مليارات دولار إلى 15 مليار دولار شهريا".
لذلك، هل هناك مزيد من الأخبار الجيدة لأصول المخاطر؟ ما يبعث على القلق هو أن من المرجح على نحو متزايد أن تكون أسعار الأصول التي تدخل مرحلة نهائية من الاندفاع هي العامل المحدد للأداء في الأشهر المقبلة، مثلما حدث في أواخر التسعينيات.
يقول المحللون في "بانك أوف أمريكا ميريل لينتش"، "كلما طال أمد التشديد الذي تطبقه البنوك المركزية، زادت مخاطر هوس المضاربة على غرار عام 1999".
وأوضحوا أن أسهم النمو في الولايات المتحدة أعلى من ذروتها في "فقاعة التكنولوجيا" عام 2000، مقارنة بأسهم القيمة العالمية. غياب التحفيز من المالية العامة الذي أشار إليه دونالد ترمب، وارتباط ذلك بعلامات ضعيفة في التضخم الأساسي على المستوى العالمي، يعني أن القاعدة القديمة القائمة على امتلاك أسهم التكنولوجيا الكبيرة والسعي إلى تحقيق العائد من خلال السندات لم تعد رائجة.
وقال محللو "بانك أوف أمريكا"، "إن وجهة نظرنا المتفائلة بأن الارتفاع سيؤدي إلى هبوط كارثي صحيحة، لكن ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى العودة إلى الحد الأقصى للسيولة، والحد الأدنى من النمو، وخلفية تقلب أقل بالأمس، بدلا من التنفيذ الناجح للسياسات الاقتصادية التضخمية".
وفي الوقت الذي يكتسب فيه قطيع الاستثمار الزخم، فإن الخلفية تقدم كثيرا من المخاوف وتعيدنا إلى وهم الهدوء الذي ساد الأسواق قبل عقد من الزمان. فبعد تجاوز الأسهم الأمريكية والأسهم العالمية تعثرا قصيرا في صيف عام 2007، تسلقت ووصلت إلى ذروة قياسية في تشرين الأول (أكتوبر) من ذلك العام، ما يشير إلى أن كل شيء كان على ما يرام.
بالعودة إلى الوضع اليوم، فإن أحد أبرز الأمثلة على اختلال السوق المستوحى من البنوك المركزية هو انخفاض علاوة مخاطر الأسهم.
وبحسب دافال جوشي، من شركة بي سي إيه للبحوث، يبدو أن المستثمرين يعتقدون، خطأ، أن التقلب المنخفض يبرر ارتفاع أسعار الأسهم، لكنهم يفوتون الفكرة الأهم: وهي أن ركود التقلب ليس إشارة إلى أن خطر امتلاك الأسهم أقل من قبل.
بدلا من ذلك، في الوقت الذي تتدفق فيه الأموال إلى أسهم منطقة اليورو، يلاحظ جوشي أن الاتجاه الصعودي في مؤشر ستوكس يوروب 600 وصل إلى حد فني يستند إلى مقياس إحصائي خلال ستة أشهر.
وحذر قائلا "الاتجاه المفرط التالي والفكر الجماعي وصلا إلى نقطة طبيعية من عدم الاستقرار، من المحتمل أن تتفكك مع وجود محفز خارجي أو بدونه".
هذا يثير خطر اقتراب "لحظة مينسكي"، حيث يعمل الوهم بوجود استقرار نظامي على توليد عدم الاستقرار النظامي ونقطة الانقلاب في نهاية المطاف.
إنها فكرة تستحق بالتأكيد أن يتوقف عندها المستثمرون وهم ينظرون إلى ما وراء الأفق. فهم يرون دعما هائلا من البنوك المركزية يلغي التقلبات ويؤجج تداولات مزدحمة جدا منذ عقد تقريبا من الأزمة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية