FINANCIAL TIMES

«الاحتياطي» يتحرك بحذر للخروج من برنامج التحفيز

«الاحتياطي» يتحرك بحذر للخروج من برنامج التحفيز

يركز صنّاع السياسة في الاحتياطي الفيدرالي على خطط لتفكيك برنامج التحفيز الضخم الذي نُفّذ بعد الأزمة المالية عام 2008، لدعم أسواق السندات.
يملك البنك المركزي ما يُقارب 4.5 تريليون دولار من الأصول على ميزانيته العمومية - تتكون إلى حد كبير من السندات الحكومية والأوراق المالية المدعومة بالقروض العقارية المتراكمة منذ الأزمة. وقد بدأ باستعراض الطرق التي سيعمل من خلالها على تخفيض هذه الحيازات من الأصول.
محضر آخر اجتماع للاحتياطي الفيدرالي لتحديد أسعار الفائدة لا يُشير فقط إلى أن هناك زيادة أخرى في أسعار الفائدة على المدى القصير، من المحتمل أن تكون في حزيران (يونيو)، إذا بقي الاقتصاد على المسار الصحيح، لكن أيضا إلى أن صنّاع السياسة سيكونون مستعدين قريباً لتغيير مبادئهم المنشورة من حيث تقليص الميزانية العمومية. مع ذلك، الاحتياطي الفيدرالي حريص على تجنّب تكرار "نوبة الغضب الناتجة عن التخفيف التدريجي" التي وقعت عام 2013، عندما تراجعت الأسواق على خلفية إشارات بأن البنك يُمكن أن يخفض عمليات شراء السندات. والتر شميدت، مدير استراتيجيات القروض العقارية في "إف تي إن فاينانشيال"، قال إن الاحتياطي الفيدرالي كان يتّخذ "خطوات صغيرة". وأضاف: "لنُفكّر في الاحتياطي الفيدرالي كمُدرب والسوق كرياضي يفتقر تماما إلى اللياقة الجسدية، يستعد للركض في ماراثون. إذا كنت المُدرب، فمن المستحيل أن تطلب من الرياضي المحتمل أن يبدأ بالركض لمسافة خمسة أميال في حصة تدريبه الأولى". محضر اجتماع يوم الأربعاء الماضي يُسلّط مزيدا من الضوء على خطط الاحتياطي الفيدرالي، لكن هناك أسئلة معلّقة.
ما الذي تقرر؟
حصل الاحتياطي الفيدرالي على تريليونات الدولارات من سندات الخزانة الأمريكية والأوراق المالية المدعومة بالقروض العقارية خلال الأزمة، وكان يُعيد استثمار عوائد الأوراق المالية عند استحقاقها، ليُحافظ على ميزانيته العمومية عند نحو 4.5 تريليون دولار.
تخفيض كومة الأصول في الاحتياطي الفيدرالي من غير المرجح أن ينطوي على بيع صريح للأوراق المالية، بدلاً من ذلك سيعمل صنّاع السياسة على إلغاء عمليات إعادة الاستثمار تدريجياً. هذا سيتضمن إعلان اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة عن عمليات تقليص متزايدة للحد الأقصى لكميات الأوراق المالية التي سيُسمح ببيعها. في الوقت الذي يزيد فيه تقليص الحد الأقصى، عمليات إعادة الاستثمار ستنخفض، كما توضح محاضر الاجتماع. وسيتم تحديد الحدود عند مستويات منخفضة في البداية، ومن ثم سترتفع كل ثلاثة أشهر خلال فترة محددة. بعد ذلك القيم النهائية للحد الأقصى ستبقى ثابتة إلى أن يُصبح حجم الميزانية العمومية "طبيعياً"، على الرغم من عدم تقديم تفاصيل حول ما يعتبره الاحتياطي الفيدرالي طبيعياً.
متى ستبدأ العملية؟
سيتم تحديد الوقت في نهاية المطاف حسب أداء الاقتصاد. مع ذلك، آخر محضر اجتماع للاحتياطي الفيدرالي قال إن جميع صنّاع السياسة تقريباً يعتقدون أن العملية يُمكن أن تبدأ هذا العام.
أوضح الاحتياطي الفيدرالي أنه يعتقد أن التوسع بشكل عام يسير على المسار الصحيح، على الرغم من تباطؤ النمو السنوي إلى 0.7 في المائة في الربع الأول. ويُنظر إلى أرقام التضخم الأخيرة الأضعف على أنها ظاهرة مؤقتة.
قال روبيرتو بيرلي، من "كورنرستون ماكرو": "أتوقع أن ستكون هناك خطة رسمية يُعلنها في اجتماع حزيران (يونيو)".
ماذا سيكون الحد الأقصى؟
هذا لم يُحدد بعد. قال الاحتياطي الفيدرالي فقط مستوى التقليص سيكون "بمستويات منخفضة" في البداية ومن ثم يزيد على فترات منتظمة. وقال محللون في "يو بي إس" في مذكرة، إنهم يعتقدون أن الحد الأقصى يُمكن أن يبدأ من مستوى منخفض يراوح بين خمسة مليارات دولار وعشرة مليارات لسندات الخزانة الأمريكية والأوراق المالية المدعومة بالقروض العقارية. وهذا من شأنه الإشارة إلى خروج حذر جداً. ويُقدّر مصرف سوسييتيه جنرال أن أقل من نصف سندات الخزانة الأمريكية التي بقيمة 425 مليار دولار المستحقة عام 2018 سيُسمح لها بذلك.
وليس فقط من غير الواضح ماذا سيكون الحجم الأولي للحد الأقصى، لكن ليس معروفاً أيضاً كم سيرفع الاحتياطي الفيدرالي الحدود كل ثلاثة أشهر، أو ما هو تكوين سندات الخزانة الأمريكية والأوراق المالية المدعومة بالقروض العقارية ضمن عملية الخروج. قال بوتري باسكولي، من "بامكو" Paamco: "هذا يمنح الاحتياطي الفيدرالي الكثير من المجال من حيث المقدار الذي سيُخرجه، والسرعة، والكمية، فضلاً عن أنواع الأصول التي سيختارها".
ما هي نقطة النهاية؟
لم يحدد الاحتياطي الفيدرالي هدفاً لحجم ميزانيته العمومية النهائي، وهناك مجموعة واسعة من التقديرات في السوق. وليس من الواضح أن الاحتياطي الفيدرالي سيرغب بأي حال من الأحوال في الإعلان عن الحجم النهائي لحيازته من الأصول ـ هذا سيُحدَّد جزئياً حسب ظروف السوق.
هناك سؤال آخر: هو كيف يرغب الاحتياطي الفيدرالي في تحديد أسعار الفائدة قصيرة الأجل على المدى الطويل؟ يبدو أن البنك المركزي يتّجه نحو الحفاظ على نظامه الحالي، الذي يدفع بموجبه الفائدة على الاحتياطيات الفائضة في المصارف، فضلاً عن تحديد أسعار الفائدة على برنامج إعادة شراء عكسي "ريبو" مع اللاعبين من غير المصارف، مثل صناديق الأموال المشتركة. هذا يعني الحفاظ على ميزانية عمومية كبيرة وكميات كبيرة من الاحتياطيات الفائضة - أكثر من 500 مليار دولار، كما يقول بعض خبراء الاقتصاد.
كيف يتفاعل هذا مع إصدار سندات الخزانة الأمريكية؟
يعتقد مشاركون في السوق أن الاحتياطي الفيدرالي ووزارة الخزانة سيضطران إلى مشاركة المعلومات بعناية حول توقعات إصدار السندات. إذا كان البنك المركزي يتراجع من سوق السندات السيادية الأمريكية، فهذا يُمثّل تحديات لوزارة الخزانة بالنظر إلى الحجم الكبير من السندات الحكومية التي ستكون مستحقة على مدى الأعوام القليلة المقبلة.
من الممكن أيضاً أن إدارة ترمب والكونجرس سيعملان على توسيع العجز المالي بشكل حاد عبر تخفيضات ضريبية حادة، التي بدورها يُمكن أن تعني مزيدا من إصدار السندات. وما يجعل الأمور أكثر تعقيداً هو أن وزارة الخزانة تنظر فيما إذا كان ينبغي إصدار سندات ذات تواريخ استحقاق أطول؛ لأجل 50 عاما أو 100 عام، وتستعد لمواجهة أخرى في الكونجرس حول ما إذا كان بإمكانها رفع سقف السندات.
لماذا يشرع الاحتياطي الفيدرالي في هذا المشروع؟
تخفيض الميزانية العمومية هو وسيلة لمزيد من الاستغناء عن المسرّع النقدي بعد تقديم الاحتياطي الفيدرالي ثلاث زيادات في أسعار الفائدة منذ بدء الانتعاش، كان آخرها في آذار (مارس).
وهو تصويت بالثقة في الانتعاش، وقد يُساعد على تخفيف الضغط السياسي من أجزاء من الحزب الجمهوري حول التدخلات الضخمة من الاحتياطي الفيدرالي في الأسواق المالية.
حيازات البنك المركزي من الأوراق المالية المدعومة بالقروض العقارية، التي تبلغ نحو 1.8 تريليون دولار من الأدوات المختلفة، تُعتبر غير مرحب بها بشكل خاص؛ لأنها جعلت الاحتياطي الفيدرالي اللاعب المهيمن في تلك السوق.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES