FINANCIAL TIMES

سندات النفط تنفصل عن الأسهم وتمضي في سبيلها

سندات النفط تنفصل عن الأسهم وتمضي في سبيلها

هذه السنة كانت عاما من العذاب والنعيم بالنسبة إلى المستثمرين في شركات الطاقة الأمريكية. احتل القطاع مرتبة بين الأسوأ أداءً ضمن مؤشر ستاندرد آند بورز 500، مع تراجع بنسبة 11 في المائة أزال أكثر من 165 مليار دولار من القيمة السوقية لما يُقارب 30 شركة من شركات النفط في مؤشر الأسهم. سندات شركات قطاع الطاقة، في المقابل، ارتفعت أكثر من 3 في المائة.
هذا الاختلاف أسر المستثمرين قبل اجتماع منظمة أوبك الأخير، الذي اتّفق فيه وزراء النفط على تمديد تخفيضات العرض لمدة تسعة أشهر.
قدّم المستثمرون والمصرفيون عدة نظريات عن السبب في انفصال أسهم وسندات الطاقة. بعضهم يُشير إلى سعر النفط الذي يسمح لمنتجي النفط والغاز بسداد الديون وتجنّب العجز، لكنه يُقيّد قدرتهم على تعزيز الأرباح بشكل كبير ودفع أرباح الأسهم للمساهمين.
استقرت أسعار النفط الخام بالقرب من 50 دولارا للبرميل بعد أن وصلت إلى أدنى مستوى منذ 13 عاماً، مدعومة بتعزيز الطلب على الوقود واتفاق منظمة أوبك للحد من الإمدادات الذي تم التوصّل إليه في أواخر العام الماضي.
خفض المنتجون الإنفاق الرأسمالي خلال فترة الانكماش، وأوقفوا عن العمل بعض المعدات وأطقم العمل. وأصبحوا أيضاً أكثر كفاءة، بعد تعلّم انتزاع مزيد من النفط من كل بئر. وتراجعت تكاليف الإنتاج بدورها، ما يعني أن سعر 45 دولارا للبرميل هو الآن سعر النفط الأمريكي الذي يحتاج إليه المنتج العادي لتحقيق أرباح، بحسب شركة بيرنشتاين للأبحاث.
يقول فيناي باندي، رئيس قسم فرص الاستثمار على المدى القصير في "يو بي إس" لإدارة الثروات "بسعر 30 دولارا للبرميل، شركات الطاقة التي تُحقق عوائد عالية لا تستطيع البقاء على قيد الحياة. عندما نصل إلى سعر 40 دولارا أو أكثر (...) تختفي مسألتا العجز عن السداد والانتعاش". ويُضيف أن "سعر النفط المنخفض لن يثير أسئلة حول الملاءة المالية لشركات النفط الكبيرة، لكننا يمكن أن نُشكك في قدرتها على الحفاظ على أرباح الأسهم".
ومنذ تشرين الثاني (نوفمبر)، عندما كان خام برنت يُتداول بأقل من 45 دولارا للبرميل، ارتفع سعر متوسط سندات الطاقة الأمريكية المرتبطة بالمضاربة ما يُقارب 7 في المائة، ليتم تداولها بمقدار بنس أقل من القيمة الاسمية. في المقابل السندات من الفئة الاستثمارية تقدّمت 5.6 في المائة في الفترة نفسها، وذلك وفقاً لـ "بانك أوف أمريكا ميريل لينش".
في العام الماضي، شركتا النفط المتكاملتان "إكسون موبيل" و"شيفرون"، وشركة الإنتاج "كونوكو فيليبس"، ومجموعة خدمات حقول النفط "شلومبرجر"، وشركة التكرير "فيليبس 66" أعادت ما يزيد على 25 مليار دولار للمساهمين على شكل أرباح أسهم. الخطر في تلك المدفوعات ألقى بثقله على أسعار الأسهم، كما يقول باندي. أسهم "إكسون موبيل" و"فيليبس 66" انخفضت 9 في المائة هذا العام، أسهم "شيفرون" نحو 10 في المائة و"شلومبرجر" 15 في المائة.
بعد تعزيز اتفاق منظمة أوبك لأسعار النفط، تسارع المنتجون لتثبيت الأسعار لأحجام المبيعات في المستقبل. ووجد بحث أجرته شركة وود ماكينزي الاستشارية أن شركات التنقيب والإنتاج الأمريكية الرائدة كانت قد حوّطت الإيرادات من نحو 27 في المائة من إنتاجها المتوقع للنفط في عام 2017، أي بمعدل عشر نقاط مئوية أكثر مما كان في عام 2016.
التحويط كان كبيراً بما فيه الكفاية للتأثير في الأسعار في المستقبل، ما أدى إلى انخفاض القيمة النسبية للعقود التي ستُسلّم في الأعوام المُقبلة.
أسعار النفط والغاز الطبيعي الأعلى والتكاليف الأقل أعادت كثيرا من شركات التنقيب والإنتاج الأمريكية إلى الربحية. عينة من 43 شركة تتعقبها الشركة الاستشارية "آر بي إن إنرجي" حققت بشكل جماعي أرباحا تشغيلية بلغت تسعة مليارات دولار في الربع الأول، مقارنة بخسائر بلغت 31 مليار دولار في عام 2016 و128 مليار دولار في عام 2015.
يقول أندي ماكورميك، رئيس الدخل الثابت الخاضع للضريبة في "تي روي برايس"، "حصلنا على فترة من الاستقرار في النفط وكثير من الشركات حوّطت إنتاجها، لذلك السوق ذات العوائد المرتفعة أصبحت أقل تقلباً. طالما لن نرى تحركا عنيفا إلى الأسفل، فسنكون بخير حتى نهاية العام، عندما تبدأ عقود التحوّط في الانتهاء".
ويُضيف أحد مصرفيي سندات الطاقة أن "نشاط التحوّط رائع لأنه يضمن التدفق النقدي الحر لمستثمري الائتمان، لكن من جانب الأسهم يُزيل أي ارتفاع". ويُشير مستثمرون آخرون إلى إصلاح الميزانيات العمومية المرهقة في الشركات، فضلاً عن عجز عشرات من المجموعات الأكثر خطورة التي تمت إزالتها من المؤشرات الرئيسية التي تتعقب الصناعة، من أجل المكاسب من سندات الطاقة. وجمعت شركات التنقيب والإنتاج الأمريكية أكثر من 53 مليار دولار من رأس المال من خلال عمليات الاكتتاب العام الأولي ومتابعة مبيعات الأسهم وعروض سندات الشركات في العام الماضي. وهي بحسب شركة ديلوجيك، أعلى ثالث عملية لجمع رأس المال على الإطلاق. هذا العام جمعت 13.4 مليار دولار لرفع مستويات السيولة.
يقول سكوت ديماجيو، مدير الدخل الثابت العالمي في شركة أليانس بيرنشتاين "عمليات إعادة الهيكلة التي تمت حدثت بسرعة. أنجز قطاع الطاقة عملا جيدا من حيث إصلاح نفسه".
مع ذلك التفاوت في العائدات بين الأسهم والسندات أدى إلى إرباك بعض المستثمرين، الذين يحذرون من أن أي انخفاض في سعر النفط يُمكن أن يُلحق الضرر بسندات شركات الطاقة.
تقول ليزلي بيدل، الشريكة في شركة سيرينجيتي لإدارة الأصول "المستثمرون ذوو العوائد العالية منحوا هؤلاء المنتجين ميزة الشك أن منظمة أوبك، أو بعض القوى الطبيعية، أو غير الطبيعية الأخرى ستتمكن من السيطرة على أسعار النفط. فكرة أنهم بخير مع سعر 50 دولارا للبرميل ليست دقيقة. قد تكون لديهم سيولة لمدة عام ونصف عام آخر، لكنهم لا يستبدلون الاحتياطات. إنهم يستنفدون احتياطاتهم بسعر 50 دولارا للبرميل".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES