FINANCIAL TIMES

شركات ناشئة تبلغ الرشد على ظهر «إنترنت الأشياء»

شركات ناشئة تبلغ الرشد على ظهر «إنترنت الأشياء»

سايمون سيجارز، الرئيس التنفيذي لشركة آرم، إحدى كبريات شركات التكنولوجيا في بريطانيا، يتحدث ببلاغة حول مستقبل الأجهزة التي تتحدث مع بعضها بعضا - ما يعرف بعبارة إنترنت الأشياء.
لدى شركة آرم آمال كبيرة باتخاذ زمام المبادرة في هذه السوق المتنامية بسرعة، لكنها ليست الوحيدة. فقد كانت شركة لايت ويف آر إف، إحدى أصغر شركات التكنولوجيا في المملكة المتحدة، موجودة في معمعة قطاع إنترنت الأشياء منذ عقد من الزمن.
شركة آرم، التي تم شراؤها من قبل شركة سوفت بانك في اليابان العام الماضي مقابل مبلغ 24 مليار جنيه، لديها أفكار عظيمة لتطوير برمجيات مخصصة لأجهزة استشعار، لكي يتمكن المزارعون من قياس درجة خصوبة التربة وتتمكن شركات الشاحنات من تقييم مخاطر الحوادث.
إلا أن النظرة المستقبلية لشركة لايت ويف آر إف أكثر محلية، فهي تصنع الأجهزة التي تحول منظمات الحرارة الغبية إلى منظمات ذكية وتمكن ربات البيوت من التحكم بالأضواء، من خلال الدخول إلى تطبيق بدلا من استخدام مفتاح.
مع ذلك كله، كل من شركات آرم ولايت ويف آر إف (حيث تشير آر إف إلى ترددات الراديو) هي جزء من التحول نحو دمج العالم المادي مع العالم الافتراضي. تعتقد المفوضية الأوروبية بأنه في غضون بضع سنوات سيكون هنالك ستة مليارات من اتصالات ضمن إنترنت الأشياء.
وتتحدث المفوضية عن بيوت ذكية وصحة ذكية ومواصلات ذكية وعمليات تصنيع ذكية وطاقة ذكية، وقد قدرت بأن قيمة السوق يمكن أن تبلغ تريليون يورو بحلول عام 2020. وتقول إن هذا التبادل في المعلومات بين الأجهزة والسحابة سيُحدِث الاضطراب في كل شيء.
كما تحاول المفوضية حساب كيفية إنشاء سوق موحدة من خلال هذا التنوع وحجم الأجهزة المتصلة في الوقت الذي تتغلب فيه على التحديات - الأمن الإلكتروني واحد من تلك التحديات، وضمان وجود إطار قانوني مناسب هو تحد آخر.
كما أن المخاوف التي تتعلق بالسيطرة والرقابة الشاملة للدولة على الناس جورج أورويل، مثل حالات التدخل وسوء استخدام البيانات التي جمعتها الآلات، سواء من قبل قراصنة متطفلين أو من قبل السلطات، آخذة في التزايد.
تقول المفوضية إن أحد أكبر العقبات التي تقف في طريق تحقيق هذه الطفرة لإمكاناتها، ستكون عدم رغبة أو عدم قدرة الشركات الصغيرة على الاعتماد والتكيف.
تبدو شركة لايت ويف آر إف غير عادية كونها إلى جانب الثورة، فهي تهدف إلى إحداث الاضطراب بدلا من أن تتعرض هي للاضطراب. مع ذلك، لا تزال توضح الصعوبات المتعلقة بالابتكار لدى الشركات الصغيرة.
عندما انضمت لايت ويف آر إف إلى بورصة لندن الموازية تحت اسم JSJS Designs في عام 2008، كانت تبلغ قيمتها أربعة ملايين جنيه. وقد قامت بجمع أكثر من سبعة ملايين جنيه منذ إدراجها - معظمها من المتحمسين الأثرياء - لكن قيمتها لا تزال تبلغ ستة ملايين جنيه فقط.
أما مبيعاتها من المقابس والمآخذ والأجهزة آخذة في التحسن. في الأسبوع الماضي، قالت الشركة إن الإيرادات في الأشهر الستة المنتهية في آذار (مارس) الماضي، ارتفعت بنحو 50 في المائة لتصل إلى 1.2 مليون جنيه، لكن الخسائر قبل الضرائب بلغت 333 ألف جني.
يقول أندور بيرسون، الرئيس التنفيذي لشركة لايت ويف منذ شهر آذار (مارس) الماضي: "دخلنا السوق في وقت مبكر جدا. فقد كانت تكنولوجيا المنزل الذكي حديثة العهد".
كانت شركة لايت ويف آر إف قادرة على امتطاء موجة النجاح والإنجازات القوية من بعض شركات التكنولوجيا الأكبر حجما. وكان المحفز هو وصول الأجهزة المساعدة الشخصية الافتراضية من كل من شركات جوجل وأمازون وأنظمة السماعات، التي تسمح للمستخدمين بإدارة الأدوات في المنزل من خلال قطعة واحدة من المعدات. الأسبوع الماضي، ارتفعت أسهم شركة لايت ويف بنسبة 40 في المائة عندما أعلنت عن شراكة مع شركات جوجل هوم وجوجل أسيستانت. وقد وقعت عقد شراكة مماثل مع شركة أليكسا التابعة لشركة أمازون في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. والآن هناك نحو خمسة آلاف من عملاء شركة لايت ويف هم من أعضاء جماعات أليكسا.
ربما تبدو الأقفال التي يتم التحكم فيها بالصوت وصمامات الرادييتر وكأنها حيل خداعة، لكن قريبا "ستكون هي حال الأشياء"، بحسب ما يقول بيرسون. من السهل تخيل الراحة التي نشعر بها، ونحن نطفئ الأضواء بالكلام ونقفل الأبواب بالأمر حين نخرج من البيت. على الرغم من ذلك لا يزال الحديث عن ذلك مبكرا. لدى شركة لايت ويف آر إف 44 ألف عميل بريطاني فقط من أصل 15 مليون منزل موجود في المملكة المتحدة.
كما أن التنافس من أمثال شركة هايف، التي طورتها شركة الغاز البريطانية لربط ربات البيوت مع أجهزة التدفئة عن بعد، ونيتاتمو من فرنسا، آخذ في التزايد.
يجادل بيرسون ببسالة بأن المنافسة تؤكد إمكانات السوق. فقد أنفقت شركة الغاز البريطانية أموالا طائلة على مجال التسويق لا يمكن لشركة لايت ويف تحمل تكاليفها أبدا. كما يستطيع المنافسون الأثرياء أيضا إنفاق أموال طائلة على ابتكار المنتجات، وميزات السلامة والعلامة التجارية بأسلوب لا يمكن لشركة لايت ويف مجاراته.
ولن يمر وقت طويل قبل أن تستخدم الشركات أمثال شركة الغاز البريطانية نفوذها لخفض الأسعار والضغط على المنافسين.
الطريق المتاحة أمام لايت ويف لمواصلة مضيها قدما هي في بيع مجموعة أفضل من الأدوات الذكية بكميات أكبر، بحسب ما يقول بيرسون: "نحن بحاجة للنمو بسرعة الآن". ربما يعني هذا إجراء عمليات استحواذ. لكنه يعني بالتأكيد مزيدا من جمع الأموال.
ربما تكون شركة لايت ويف آر إف إحدى الشركات الناجية. وربما لا يكون اختراع التحكم في الإضاءة من خلال الصوت مجرد لعبة خفيفة عابرة.
أن تكون جزءا من ثورة إنترنت الأشياء لن يكون أمرا يسيراً، فالشرط الأساسي للاستثمار في أي شركة تحاول إعادة تشكيل العالم - سواء أكانت هي شركة آرم أو لايت ويف آر إف- هو إنفاق الكثير من الأموال.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES