أخبار اقتصادية- خليجية

اتصالات أوروبية غير رسمية لاستئناف مفاوضات التجارة الحرة مع دول الخليج

اتصالات أوروبية غير رسمية لاستئناف مفاوضات التجارة الحرة مع دول الخليج

رغم تمسك دول الخليج بعدم استئناف مفاوضات التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي دون حل المشكلات العالقة، إلا أن هناك اتصالات غير رسمية يجريها الجانب الأوروبي لتحريك ملف المفاوضات المعلقة منذ تسع سنوات، نتيجة الرسوم الأوروبية المطبقة على الواردات.
وأكدت لـ"الاقتصادية" المفوضية الأوروبية، أن الاتحاد أجرى اتصالات غير رسمية بشأن استئناف محتمل للمفاوضات، إلا أن هذه الاتصالات لم تؤد إلى أي نتيجة حتى الآن، بعد القرار الخليجي بتعليق المفاوضات، مشيرة إلى أن الباب بشأن إبرام الاتفاقية لا يزال مفتوحا وفق شروط متفق عليها بين الطرفين.
وقالت إن الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي يشتركان في تعزيز تعاونهما الاقتصادي، لافتة إلى أن الزيارات العديدة رفيعة المستوى تشير إلى اهتمام متزايد بزيادة التعاون، حيث أصبح إطلاق الحوار بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي بشأن التجارة والاستثمار بعد الزيارات، بمثابة أول متابعة ملموسة، كما عقدت مبادرات أخرى على المستويين الإقليمي والثنائي، مثل منتدى الأعمال بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي الذي عقد في كانون الثاني (يناير) الماضي بالعاصمة الرياض.
وأشارت إلى الجانبين يتبادلان وجهات النظر حول اتفاقية التجارة الحرة، وأن كلا الطرفين يفكران حاليا في أفضل السبل للمضي قدما في تعزيز التبادلات التجارية والاستثمارية المتبادلة.
يذكر أن المفاوضات علقت ‏عام‏‏ 2008 ‏‏‏لتمسك الجانب الأوروبي بآرائه فيما يتعلق ‏برسوم الصادرات، بيد أن الموقف الخليجي لم يتغير بشأنها وقد تم إبلاغ الجانب الأوروبي بذلك، حيث رأى الجانب الخليجي أن القيود التي اقترحها الأوروبيون غير مقبولة.
وتتمثل هذه القيود في أن يكون هناك قيد زمني لفرض الرسوم على الصادرات، حيث يكون فرض الرسوم مؤقتا ولمدة محددة بعدد السنوات، وأيضاً قيد كمي حيث لا تتجاوز الرسوم نسبة معينة من حجم التجارة بين الجانبين، وكذلك أن يعطى الحق في حال فرض أحد الطرفين رسوما على الصادرات للطرف الآخر بفرض إجراءات تعويضية.
وتعتقد دول المجلس أن أي قيود تفرض على رسوم الصادرات، يجب أن تكون منسجمة مع قواعد منظمة التجارة العالمية وتخضع لها، كما تقترح الاحتكام في هذه المسألة لهذه القواعد أيضاً، بمعنى أن يكون الالتزام بما تفرضه الآن أو مستقبلاً منظمة التجارة من قيود على رسوم الصادرات أو الحق في فرض رسوم، خاصة أن الجانبين عضوان فيها والجميع ملتزم بذلك.
من جهته، قال لـ"الاقتصادية" أوليفر كورنوك في مجموعة أكسفورد للأعمال، أنه بعد 30 عاما تقريبا من فتح مفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي، بدأت قوة الدفع تزداد لوضع اللمسات النهائية على اتفاق يمكن أن يحقق فوائد كبيرة لكلا الكتلتين.
وأشار إلى أن محادثات التجارة وضع لها إطار للتعاون الاقتصادي والسياسي بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي من خلال اتفاقية التعاون بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي لعام 1988، بهدف تحسين العلاقات التجارية بين الكتل وتدعيم استقرار منطقة الخليج كجزء استراتيجي للدول المجاورة للاتحاد الأوروبي، وعلى أساس ذلك أنشأ الاتفاق مجلسا مشتركا ولجنة تعاون مشتركة تعقد اجتماعات سنوية لمناقشة قضايا التجارة وغيرها.
وأضاف "بدأت الكتلتان مفاوضاتهما حول اتفاقية التجارة الحرة عام 1990، حيث كان من المتوقع أن يكرس الاتفاق "التحرير التدريجي والمتبادل للتجارة في السلع والخدمات"، ما قد يوفر عبئا كبيرا على التجارة الثنائية من خلال تخفيف الحواجز الجمركية وغير الجمركية، وفتح الأسواق، ما يجعل شراء السلع والخدمات المقدمة من الدول الأعضاء في المجموعة الأخرى أقل تكلفة.
غير أن المحادثات توقفت عام 2008 بعد أن انسحبت دول مجلس التعاون الخليجي، بسبب الخلافات بشأن التعريفات الجمركية على الصادرات وما يرتبط بها من مطالب وضعتها بروكسل.
وأشار كورنوك، إلى أن المنطق الاقتصادي الواضح بشكل متزايد وراء اتفاقية التجارة الحرة، فضلا عن التغير في الحقائق السياسية، أدى إلى تزايد الدعوة إلى استئناف المفاوضات، مشيرا إلى أن الخطوات العملية المتخذة تعزز العلاقات مرة أخرى، إذ وافقت لجنة التعاون المشتركة على إقامة "حوار غير رسمي أكثر تنظيما" بشأن التجارة والاستثمار في كانون الثاني (أبريل) الماضي، ما وفر إطارا للقضايا ذات الاهتمام المشترك.
ويرى كورنوك مبررات قوية لإبرام اتفاقية تجارة حرة واسعة، ومنها تطلع اقتصادات الخليج لتنويع صادراتها وجذب استثمارات جديدة وتوسيع محافظها الاستثمارية الخاصة، مشيرا إلى أن الخليج العربي شركاء رئيسون للاتحاد الأوروبي، حيث تبلع قيمة التجارة الثنائية بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي 138.58 مليار يورو عام 2016، وفقا للمفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي.
واعتبر كورنوك، تصريح جيركي كاتينن؛ نائب رئيس المفوضية الأوروبية، بأن الاتحاد الأوروبي يأمل في استئناف المحادثات حول اتفاقية التجارة الحرة مع دول مجلس التعاون الخليجي، أن هناك "زخما سياسيا" متصاعدا وراء القيام بالاتفاق، لافتا إلى أن الضغط على استئناف المحادثات كان جزئيا ردا على المشاعر الحمائية المتزايدة على الصعيد العالمي، والمناخ السياسي "المثير للقلق"، وأن اجتماع كاتينن مع مسؤولين سعوديين حول اتفاقية التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي ستكون إشارة قوية تؤكد التزام الكتلتين بتجارة أكثر تحررا.
وبين كورنوك، أن الجانب القطري يدعو إلى استئناف المحادثات بحسب محمد الكواري نائب رئيس غرفة قطر، وأن الجميع حريص على الاستئناف، مبينا أن الكواري أوضح أن حجم التجارة بين الاتحاد الأوروبي وقطر وحده بلغ 18.1 مليار دولار، وأن فرص المستثمرين في الاتحاد الأوروبي تتزايد من خلال مجموعة واسعة من مشاريع البنية التحتية وفق رؤية قطر الوطنية 2030 واستعداداتها لاستضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2022، مشيرا إلى إمكانات المستثمرين في الاتحاد الأوروبي لإقامة شراكات مع الشركات القطرية، وتعزيز المعرفة ونقل التكنولوجيا من جهة، والخبرات المحلية من جهة أخرى.
وكانت دول الخليج تمسكت بشروط استئناف مفاوضاتها للتجارة الحرة مع الجانب الأوروبي في اجتماع أمانة مجلس التعاون مع أعضاء لجنة السياسة والأمن بمفوضية الاتحاد الأوروبي مطلع الشهر الجاري في الرياض، إذ قال الدكتور عبداللطيف الزياني الأمين العام إن دول الخليج لن تستأنف تلك المفاوضات إلا في ظل ظروف تفاوضية مناسبة لها.
وخاطب الزياني الوفد الأوروبي بقوله إن منطقة الخليج لا تصدر البترول فقط، بل تصدر الأمن والاستقرار إلى العالم، لافتا إلى أن منطقة الشرق الأوسط لم تتقدم خطوة واحدة إلى الأمام منذ اندلاع ما يسمى بالربيع العربي.
وقال الزياني في تصريحات إعلامية حينها، هناك تنسيق مع الاتحاد الأوروبي قديم جدا وتم تعزيزه بآلية الحوار الاستراتيجي الذي انطلق في 1988، والهدف منه جعل المنطقة الخليجية والقارة الأوروبية أكثر أمنا واستقرارا.
أما وولتر ستيفنز رئيس لجنة السياسة والأمن بمفوضية الاتحاد الأوروبي اعتبر الدول الخليجية شريكا مهما للاتحاد، لافتا إلى أن الزيارة جاءت في إطار تطوير العلاقات مع دول الخليج التي تعد عاملا مهما في الأمن والاستقرار بالمنطقة، مقدرا حجم التجارة بين المجموعتين بـ155 مليار يورو.
وعن اتفاقية التجارة الحرة، قال ستيفنز إن الجانب الأوروبي منفتح على مزيد من المشاورات لأنه يؤمن بمنفعتها للطرفين، مشيرا إلى جولة مفاوضات مرتقبة في منتصف مايو الحالي.
بينما قال الدكتور عبدالعزيز العويشق الأمين العام المساعد لشؤون السياسية والمفاوضات في أمانة مجلس التعاون، خلال تصريحات صحافية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، إن السبب الرئيس في تعليق مفاوضات التجارة الحرة بين الجانب الخليجي ومجموعة كبيرة من الدول، يعود لتعاظم شعور دول مجلس التعاون بأن موقفها التفاوضي قد يكون تحسن عما كان عليه في السابق.
وأضاف "لم نعلق المفاوضات فحسب، بل أخضعنا على تفاصيل مفاوضاتنا السابقة مع الدول للمراجعة بما فيها الصين، فمواقفنا في 2006 و2007 و2009 و2010، كلها تمت مراجعتها، وأصبح هناك مواقف جديدة في ضوء الدراسة وفي ضوء تغير المعطيات عما كانت عليه سابقا".
وكشف الدكتور العويشق أن كل العروض الخليجية المقدمة في مفاوضات التجارة الحرة مع الصين، تمت إعادة هيكلتها بشكل كامل، متوقعا أن ينسحب ذلك الإجراء في المفاوضات المماثلة مع بقية الدول، وفقا للموقف التفاوضي الأفضل للدول الخليجية.
وفي موضوع فرض الاتحاد الأوروبي لرسوم على الصادرات الخليجية بعد إزالة الدول الست وغيرها من الدول من قائمة الأفضلية، أبان العويشق أن المشهد لم يطرأ عليه أي تغيير، وأن الاتحاد الأوروبي لا يزال يصر على فرض القيود المكانية والكمية على صادرات دول المجلس، ويتمسك بخيار أن توقيع اتفاقية التجارة الحرة سيعطي الجانب الخليجي، أكثر مما كان يعطيه نظام الأفضلية، فيما أوضح أن دول المجموعة الخليجية تسعى لحل هذه المسألة في إطار منظمة التجارة العالمية.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- خليجية