Author

المباني المستأجرة

|
انتقد بعض أعضاء مجلس الشورى استمرار كثير من الجهات في الاعتماد على استئجار المباني للإدارات التي تقدم الخدمة للمواطن أو تحتوي على مراكز لهذه الدوائر الحكومية. إشكالية عانتها المؤسسات والهيئات في توفير الخدمات التي تضطر لتقديمها بشكل مستعجل لأسباب كثيرة أهمها الانتشار الواسع للأحياء السكنية وتوسع المدن والزيادة المتسارعة في أعداد السكان. لكننا لا يمكن أن نستمر في الاعتماد على هذه الوسيلة، بل إن وجودها في مرحلة معينة أمر معيب يدل على سوء التخطيط والاندفاع الذي لا يركز على الاقتصاد في استخدام الموارد. إن تقديم الخدمات اليوم يجب أن يتم من خلال منافذ يقل عددها عن احتياج الأمس، السبب الأساس هنا هو انتشار العمليات الآلية. إن البحث المستمر في تمكين كل الجهات التي تخدم المواطن من الاعتماد على التقنية مهم وأساسي. نحن في عالم يمكن أن ينفذ فيه الشخص كل أعماله تقريبا باستخدام الوسائل الإلكترونية، وكلما ارتفع الاعتماد على الخدمات الإلكترونية سنضمن دون شك جودة الخدمة وسرعة تنفيذها وانخفاض التكلفة، وهذه كلها أهداف كان من الصعب جمعها في طرق العمل السابقة لثورة المعلومات التي اجتاحت العالم. تخيل أنك تستطيع أن تحقق كل متطلباتك وتؤدي التزاماتك من خلال عمليات آمنة لا تستدعي وجودك سوى أمام شاشة صغيرة تستمر في سهولة الاستعمال وصغر المساحة المستهلكة لدرجة أنها تحمل في الجيب وقد تكون أصغر من ذلك في المستقبل. هنا لن نحتاج سوى إلى مراكز عامة تقدم عمليات الإدامة والتوثيق للعمليات، بينما يحصل المستفيد على خدماته حيث يوجد دون انقطاع. هذه النتائج المهمة التي توفرها التقنية وتضمنها لكل المستخدمين، تحقق الوفرة التي ننشدها في الخدمات وتسهم في تقليص الوجود المادي للموظفين والمكاتب ومراكز الخدمة. نجحت بعض مكونات القطاع الخاص في الاستفادة من هذه المزايا، ويبقى دور القطاع العام الذي يمكن أن تصل مساحة وجوده إلى أقل من 20 في المائة من الذي يحدث اليوم. كل ما تحدث عنه أعضاء مجلس الشورى وهم يطالبون بإلغاء المباني المستأجرة يمكن أن يتحول إلى استثمار المباني الموجودة اليوم كمراكز إيرادات للقطاعات بدلا من أن تكون مراكز تكلفة تستأثر بالمبالغ الكبيرة سواء في مرحلة الإنشاء أو مراحل الإدامة التي تضيف مزيدا من التكاليف سواء في الموارد البشرية أو المالية. أين نبدأ .. وكيف؟ مجال حديثي في الغد.
إنشرها