Author

تقديرات العجز المالي للربع الأول من 2017

|

تعد مؤسسة النقد العربي السعودي مصرف الدولة، حيث تودع الحكومة إيراداتها واحتياطياتها لدى المؤسسة، كما تقوم الدولة بعمليات الصرف من حساباتها المختلفة. وكانت بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي حتى شهر شباط (فبراير) الماضي توزع حسابات الدولة إلى ثلاثة حسابات رئيسة، هي حساب جاري الحكومة، وحساب الاحتياطي العام للدولة، وحساب مخصصات المشاريع. ويبدو أنه تم دمج حساب مخصصات المشاريع مع حساب احتياطي الدولة العام في أحدث تقرير إحصائي للمؤسسة صادر لشهر آذار (مارس) 2017، وبهذا أصبحت حسابات الدولة تتوزع على حسابين رئيسين هما الجاري والاحتياطي العام. وبغض النظر عن التسميات فإن الحساب الجاري هو أيضا جزء من احتياطيات الدولة لدى المؤسسة، ولكنه يستخدم في تسيير شؤون الدولة المالية الجارية.
تفيد بيانات آخر تقرير شهري صادر لمؤسسة النقد العربي السعودي بلوغ إجمالي إيداعات الدولة لدى المؤسسة 680.3 مليار ريال عند نهاية شهر آذار (مارس) 2017، بعدما كانت 730.6 مليار ريال عند نهاية عام 2016. وهذا يمثل تراجعا بنحو 50.3 مليار ريال خلال الربع الأول من عام 2017. ونظرا لعدم توافر بيانات منشورة عن تغيرات الدين العام لشهر آذار (مارس)، فيصعب تحديد حجم العجز المالي الحكومي بدقة. ويمكن الحصول على العجز المالي من خلال إضافة التراجعات في احتياطيات الدولة إلى زيادة الدين العام خلال الفترة. ويتشكل الدين العام من الاقتراض المحلي والخارجي. وبدوره يتشكل الاقتراض المحلي من السندات والصكوك الحكومية التي تملكها المصارف التجارية، إضافة لما في حوزة مؤسسة النقد والمؤسسات المالية شبه الحكومية مثل المؤسسة العامة للتقاعد والتأمينات الاجتماعية.
تحتفظ المصارف التجارية بمعظم الدين العام الحكومي المحلي، كما تشير إليه بيانات المؤسسة. ولم تشهد حيازة المصارف التجارية من السندات الحكومية زيادة تذكر خلال الربع الأول من عام 2017، حيث ارتفعت بنحو 265 مليون ريال، ما يعني ابتعاد الحكومة - بشكل تقريبي - عن الاقتراض من المصارف المحلية خلال الفترة. وهذا الإجراء يخفف من مزاحمة الدولة للقطاع الخاص على السيولة المحلية، ويحاول توفير السيولة لنشاطات القطاع الخاص الاقتصادية.
من ناحية أخرى، لا تتوافر أي بيانات منشورة عن تغير حيازة مؤسسة النقد العربي السعودي وكذلك المؤسسات والهيئات المستقلة من السندات الحكومية، ولهذا يمكن افتراض تقديرات واقعية تستند إلى وقائع تاريخية. وتشير البيانات المالية للمصارف التجارية إلى أن التغير في مجموع حيازتها للسندات الحكومية العام الماضي مثل معظم التغير في الدين المحلي العام الماضي والبالغ 97 مليار ريال، حيث ارتفعت حيازتها بنحو 92.3 مليار ريال خلال عام 2016، ما يعني أن التغير في حيازة مؤسسة النقد والمؤسسات والهيئات المستقلة من السندات العام الماضي كان محدودا ويقل عن خمسة مليارات ريال. وعلى افتراض سير الأمور على منوال العام الماضي نفسه، فإن التغير في حيازة المؤسسات المحلية الأخرى من أدوات الدين الحكومي ستقل عن 1.5 مليار ريال خلال الربع الأول من عام 2017.
بناء على الافتراضات السابقة فإن من المرجح أن يكون حجم الاقتراض المحلي محدودا ويقل عن ملياري ريال خلال الربع الأول من عام 2017. أما بالنسبة للاقتراض الخارجي فلم يتم إصدار أي سندات خارجية خلال الربع الأول من عام 2017، ولهذا فإن التغير في حجم الدين الخارجي كان معدوما خلال هذا الربع. ويمكن الاستنتاج بأن العجز المالي للدولة خلال هذا الربع تم تمويله من احتياطيات الدولة بشكل رئيس مع تغير محدود جدا في حجم الدين المحلي ما يعني أن العجز المالي خلال هذا الربع كان في حدود 52 مليار ريال. ولا يشمل العجز المالي المتأخرات المالية للمقاولين، حيث يشتكي كثير من المقاولين من تأخر بعض الجهات الحكومية في دفع استحقاقاتهم. يقل حجم العجز المالي للربع الأول من عام 2017 عن نظيره في العام الماضي بنحو 50 في المائة. ووصل العجز المالي في الربع الأول من عام 2016 إلى نحو 105 مليارات ريال بسبب تراجع إيرادات النفط إلى أدنى مستوى خلال أكثر من عقد من الزمان. ومن المتوقع زيادة المصروفات الحكومية خلال الأرباع الثلاثة الباقية بسبب زيادة الإنفاق على الأجور وضرورة زيادة الإنفاق لتنشيط الدورة الاقتصادية. وسيتحدد حجم العجز بناء على معدل النمو في الإيرادات النفطية وغير النفطية، ولكن معدلات العجز في الأرباع التالية من عام 2017 لن تقل عن مستوى الربع الأول من العام.

إنشرها