Author

كيف أصبح ابنك كذابا؟

|

طلب ابن جاري، الذي يدرس في المرحلة الثانوية، من أبيه، بأن يسمح له بحضور مباراة مهمة في الملعب لفريقه المفضل. رفض الأب بشدة. أخبره أن حضوره هذه المباراة قد يعرضه للخطر إثر الزحام المتوقع. حاول الابن بكل الطرق ليسمح له والده بالحضور ولكن دون جدوى. قبّل جبينه ويده، ووعده أنه لن يخرج من المنزل طوال أسبوع، وسيجتهد أكثر في دراسته إذا وافق على طلبه. أصر الأب على موقفه، وزجره، وحذره من فتح الموضوع معه مرة أخرى.
في يوم المباراة، استأذن الابن من أبيه ليخرج إلى بيت صديقه ليساعده على فهم بعض المسائل في مادة الرياضيات.
في اليوم التالي، وصل إلى جاري "برودكاست" على "الواتساب" تظهر فيه صورة لمشجعين يحتفلون بفوز فريقهم ليلة أمس، ويبدو بينهم ابنه. صدم الأب من صورة ابنه وسط الجماهير الغفيرة. فقد اتضح له أن ابنه كذب عليه وحضر المباراة، فهو لم يذهب للمذاكرة مع صديقه بل ذهب إلى الملعب.
وعندما عرض الأب على ابنه الصورة اعترف الابن بخطئه، واعتذر، ثم عاقبه عقابا عسيرا.
شخصيا، ألوم الأب قبل الابن، فنحن عندما نمنع أبناءنا من أبسط أنواع الترفيه بحجج واهية، ندعوهم بشكل غير مباشر إلى الكذب علينا. المفروض أننا نفرح عندما يصارحنا أبناؤنا أو إخوتنا برغباتهم، ونعمل على تحقيقها لهم إذا لم يكن هناك مبرر وجيه لذلك.
الحذر الزائد مثل الدلع الزائد يضيع الأبناء.
لا بد أن نمنح أبناءنا الثقة، فإذا لم نمنحهم إياها فسيكبرون مشوهين، متذبذبين، يكذبون ويخذلوننا.
الثقة لها ثمن. سيخطئون ونتألم، لكن سيلجأون إلينا ولن يلجأوا إلى رفاقهم فيضاعفوا المشكلة.
الثقة تقويهم، وتعزز شخصياتهم، وتقوي علاقاتنا معهم، وعدم الثقة يضعف علاقتنا بهم، ويجعلها قائمة على التحفظ والتوجس والريبة.
قبل أن تعاقب ابنك لأنه كذب عليك، اسأل نفسك: من جعله يكذب؟
تذكروا أن نتائج الإجبار قصيرة المدى وطفيفة، بينما الثقة نتائجها طويلة المدى وكبيرة.
آمِن بمن تحب يا صديقي ليؤمن بك، شجعه وآزره لتكون أول من يتجه إليه عندما يفوز.
هل سبق أن شاهدت لاعبا أحرز هدفا فذهب إلى دكة الاحتياط متجاهلا الجميع ليعانق مدربه الذي آمن به ومنحه الثقة؟ كن أنت هذا المدرب، الذي يبحث عنه ابنه مصطفيا إياه من بين الجميع ليعانقه ويخبره كم هو فخور به وممتن لثقته.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها