الطاقة- المعادن

قفزات سعرية للمعادن الصناعية تفاقم أزمة مناجم العالم في 2017

قفزات سعرية للمعادن الصناعية تفاقم أزمة مناجم العالم في 2017

قفزات سعرية للمعادن الصناعية تفاقم أزمة مناجم العالم في 2017

يتوقع مختصون عالميون أن تحقق المعادن الصناعية زيادة سعرية بنحو 16 في المائة خلال العام الجاري 2017، مع تزايد الطلب الصيني، وتراجع العرض في ذات الوقت، في ضوء الاضطرابات التي تشهدها مناجم في كل من شيلي وبيرو وإندونيسيا.
وتوقع مختصو البنك الدولي عاما إيجابيا لأسعار المعادن وفي مقدمتها الزنك، المرشح لتحقيق قفزات سعرية قد تصل إلى 32 في المائة بعد الزيادة التي حققها العام الماضي وبلغت 60 في المائة، وهو ما يرجع إغلاق بعض مناجمه حول العالم وتراجع إنتاج كل من كندا وبيرو وأستراليا.
لكن الزيادة لن تكون حصريا على الزنك، فمعدن الرصاص يبدو أيضا في وضع إيجابي بالنسبة إلى المستثمرين، ليواصل مسلسل الصعود الذي شهده العام المنصرم، وسط توقعات أولية بأن تقفز أسعاره بنسبة 18 في المائة نتيجة العقبات التي تواجه عديدا من مناجمه حول العالم، التي تم إغلاق كثير منها بشكل دائم جراء استنفاد قدرتها الإنتاجية.
ويقول لـ "الاقتصادية"، آدم جيفرد من اتحاد السبائك البريطانية، "إن معدن الرصاص يشهد فترة طيبة للغاية نتيجة زيادة الطلب للاستخدام في إنتاج البطاريات والاحتياجات الصناعية المتنامية له، خاصة في مجال صناعة السيارات الحديثة التي تستخدم بطاريات تحتوي على زيادة في معدن الرصاص بنحو 25 في المائة عن البطاريات التقليدية".
لكنه يضيف "مع هذا يجب الأخذ في الاعتبار أن الرصاص على الأمد الطويل يواجه تحديات رئيسية وملموسة، جراء تنامي قطاع الدراجات الكهربائية في الصين وهي صناعة أقل استخداما للرصاص من صناعة السيارات، كما أن تكنولوجيا البطاريات البديلة التي تستخدم الليثيوم قد تمثل تهديدا للطلب الحالي على الرصاص مستقبلا، وهو ما يدفع بعض المضاربين إلى استغلال الوضع الراهن بالنسبة إلى الطلب على الرصاص والزنك إلى الحد الاقصى، قبل أن تحدث تغيرات في الأسواق تؤدي إلى الدخول في دورة سعرية منخفضة ومتراجعة".
وتبدو تلك المخاوف واقعية في ضوء إعلان كل من مشروع "زامسبرغ" للزنك في جنوب إفريقيا الذي ينتج 240 ألف طن سنويا، وكذلك مشروع نهر دوغالد في كوينزلاند في أستراليا، الذي ينتج 170 ألف طن عن استعادة قدرتهما الإنتاجية عام 2018، وقد يترافق الوضع الجديد مع تباطؤ الطلب في سوق العقارات الصينية، ومن ثم يبدأ انخفاض الطلب على الزنك والرصاص ابتداء من النصف الثاني من العام المقبل.
إلا أن الأفق الإيجابي لأسعار المعادن لم يتجلّ في الطلب على النيكل، الذي يسير في اتجاهات معاكسة لمعظم المعادن الصناعية، إذ انخفض سعر طن النيكل بنحو 5 في المائة في الربع الأول من العام الحالي، بخلاف أغلب التوقعات التي سادت في بداية العام بأن النيكل سيسير في الاتجاه العام وسيشهد ارتفاعا في الأسعار.
جيف رندال المختص المالي في بورصة لندن يفسر لـ "الاقتصادية" أسباب هذا التراجع، قائلا "إن التراجع في سعر النيكل يعود أساسا إلى ضخ إندونيسيا كميات كبيرة من النيكل منخفض الجودة، وقد انخفضت الأسعار حاليا إلى أدنى مستوى لها خلال عشرة أشهر، وعلى الرغم من أن الفلبين أحد أكبر المنتجين للنيكل أغلقت 23 منجما من إجمالي عدد مناجم النيكل لديها البالغ عددها 41 منجما، وهو ما قد يؤدي إلى تراجع الإنتاج العالمي من النيكل بنحو 10 في المائة، إلا أن السوق لا تزال مشبعة".
ويضيف رندال أن "إندونيسيا والفلبين تتحكمان في تجارة النيكل العالمية، لكن انخفاض الطلب الصيني خلال الفترة من يناير إلى مارس بنحو 60 في المائة مقارنة بذات الفترة من العام الماضي، لعب دورا أساسيا في التراجع السعري".
وبين رندال أن الارتفاع الواضح في أسعار الرصاص والزنك والانخفاض البين في أسعار النيكل يواجه الألومنيوم مستقبلا شديد التذبذب، إذ تحيط بمستقبله ضبابية شديدة جراء مساعي الصين إلى خفض إنتاجها منه، وهو ما يؤدي إلى إيجاد اجواء من التوتر لدى كبار المستثمرين.
وتوضح لـ "الاقتصادية"، المهندسة أنجيل توفي من شركة "إل آند سي" لتجارة المعادن، أن هناك أجواء مشحونة بالعداء من قبل السلطات الصينية ضد منتجي الحديد والألومنيوم، بسبب التحديات البيئية، وبكين تضغط بشدة لإغلاق عديد من مصانع إنتاج الحديد والألومنيوم في شمال الصين، "وإذا كان ذلك سيؤدي إلى انخفاض الإنتاج ويعزز التوقعات بارتفاع الأسعار، فإننا نجد على الجانب الآخر أن التطور التكنولوجي يؤدي إلى زيادة الإنتاج، ولهذا يتوقع أن تشهد الأسعار حالة من الشد والجذب، ولكن بصفة عامة يمكننا القول إنه إذا ارتفعت الأسعار فلن يبالغ في ارتفاعها، وإذا انخفضت فلن تتراجع بشدة".
وتضيف "لكن المناخ الراهن يشير إلى تفاؤل في الأسواق، فالأسعار تدور حاليا حول 1930 دولارا للطن، ويتوقع أن يصل سعر الطن إلى 2000 دولار خلال ستة أشهر، على أن يرتفع إلى 2100 خلال 12 شهرا من الآن.
وحتى الآن فإن أسعار الألومنيوم تحقق وضعا جيدا، إذ ارتفع بنحو 15 في المائة في مواجهة الحديد، و3 في المائة في مواجهة النحاس، وكان نمو إنتاج الصين من الألومنيوم قد بلغ نحو 3.4 في المائة مقارنة بالعام الماضي. ويتوقع أن يبلغ إجمالي الإنتاج الصيني 34.4 مليون طن أي بنسبة زيادة 8 في المائة تقريبا مقارنة بالعام الماضي، وهو ما قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار.
وكانت الجهود الصينية للتخلص من ظاهرة الإفراط في الإنتاج نتيجة المخاوف البيئية، قد أدت إلى ارتفاع أسعار الصلب بنحو 70 في المائة، وهو ما يعود إلى الطلب الصيني المرتفع حاليا.
إلا أن جون رو المختص في بورصة لندن يعتقد أن هذا الوضع لن يدوم طويلا، وأن عام 2017 قد ينتهي بطلب منخفض نسبيا أو ثابت بالنسبة إلى الصين على الصلب، وستشهد الأسواق الدولية وفقا لتوقعاته انخفاضا في الاستهلاك الصيني من الصلب عام 2018.
وتنبع أهمية تلك التوقعات من أن شهري يناير وفبراير شاهدا زيادة في إنتاج الصين من الصلب بنحو 5.8 في المائة، وهو ما أدى إلى زيادة الناتج العالمي بذات النسبة تقريبا، إلا أن تلك الوضعية اختلفت في شهر مارس إذ زاد إنتاج الصين، ولكن بنسبة أقل كثيرا لم تتجاوز 1.8 في المائة، بينما ارتفع الناتج العالمي بـ 4.6 في المائة، وهو ما قد يوحي بأن أسعار الصلب قد تتراجع مع هبوط الطلب العالمي بمعدلات أكبر من تراجع الإنتاج.
ويبقى وضع النحاس أحد أهم المعادن الصناعية محل تساؤلات، فالارتفاع الراهن يأتي وسط تضارب التحليلات بشأن أسبابه، فالنحاس تسليم شهر تموز (يوليو) المقبل قفز بنحو 2.5 في المائة.
ويرجع بعض مختصي البورصة في لندن السبب في ذلك إلى الإضراب الذي يقوم به عمال ثالث أكبر مناجم النحاس في العالم، وهو منجم غراسبرغ في إندونيسيا، وذلك في أعقاب قيام الشركة المسؤولة عن المنجم بتسريح نحو 10 في المائة من قوة العمل به، نتيجة خلافات بينها وبين الحكومة.
ويمكن لهذا الإضراب وإضرابات في مناطق أخرى في البلدان المنتجة مثل شيلي، أن تؤثر في الإنتاج العالمي، وهوما يوجد مخاوف لدى المستهلكين باحتمال أن تشهد الأسواق نقصا في المعروض خلال العام الحالي.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- المعادن