أخبار اقتصادية- عالمية

مخاوف من حرب ضريبية عالمية

مخاوف من حرب ضريبية عالمية

أثارت خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب القاضية بخفض الضرائب على الشركات في الولايات المتحدة مخاوف من قيام سباق جديد في العالم لخفض الضرائب قد يتسبب بعواقب اجتماعية وخيمة، برأي خبراء.
وبحسب الخطة التي وصفها غاري كون مستشار ترمب في الاقتصاد بأنها "أهم قانون لخفض الضرائب منذ 1986، وأحد أكبر التخفيضات الضريبية في التاريخ الأمريكي"، يعتزم البيت الأبيض تخفيض الضرائب على الشركات من 35 إلى 15 في المائة.
ووفقا لـ "الفرنسية"، فقد صرح ستيف منوتشين وزير الخزانة الأمريكي بأن الهدف هو: "إعادة مئات مليارات الدولارات الموجودة خارجة البلد لاستثمارها هنا في الولايات المتحدة وإنشاء وظائف".
ويسعى ترمب من خلال خطته الإصلاحية لتحقيق نمو اقتصادي سنوي بنسبة 3 في المائة، غير أن الخطة المرتقبة منذ فترة طويلة والتي لم يكشف عنها سوى بعض الخطوط العريضة بدون الخوض في التفاصيل، قد تواجه معارضة شديدة في الكونجرس، بما في ذلك من بعض الجمهوريين، على خلفية خلاف حاد بين الأعضاء حول زيادة العجز المالي المرتفع أساسا.
وأثارت الخطة انتقادات منظمات غير حكومية وجمعيات غير ربحية، وأفادت مانون أوبري المتحدثة باسم منظمة "أوكسفام" أن الخطة قد تؤدي إلى تسريع "السباق إلى المنافسة الضريبية على صعيد عالمي، وسندفع جميعا الثمن. وحين تقرر أقوى دولة في العالم تخفيض عائدات الضرائب إلى هذا الحد، فقد تحذو عدة دول أخرى حذوها، ما سيؤدي إلى خلل تترتب عنه عواقب هائلة على مجتمعاتنا".
وحذرت بأن تراجع العائدات الضريبية قد يجعل من الصعب على الحكومات دفع نفقات الضمان الصحي والمساعدات الاجتماعية وغيرها من التقديمات، دون زيادة العجز في الميزانية.
وفي سعيها للتعويض عن العجز، قد تعمد الحكومات بحسب أوبري إلى زيادة ضريبة القيمة المضافة التي تنتقد في غالب الأحيان لما تتسبب به من أعباء ضريبية غير متناسبة بحق الأقل ثراء.
وأوضح جان بيار ليب المحامي المتخصص في المسائل الضريبية أن تخفيض الضرائب على الشركات في الولايات المتحدة سيثير توترا بين الدول، وتعتبر الضرائب على الشركات في الولايات المتحدة حاليا الأعلى بين دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، تليها فرنسا حيث النسبة 34 في المائة، ثم بلجيكا (33 في المائة) وأستراليا (30 في المائة).
ويبلغ متوسط الضرئب على الشركات في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية حاليا نحو 24 في المائة، غير أن عددا من الدول قررت خفض معدلات الضرائب على الشركات، سعيا منها لتحسين بيئة الأعمال وجعلها أكثر جاذبية للشركات.
وفي هذا السياق، تعتزم بريطانيا تخفيض المعدل من 20 إلى 17 في المائة عام 2020، في قرار اتخذ قبل خطة ترمب، وجاء استجابة للمخاوف من أن تفقد بريطانيا قدرتها على اجتذاب الشركات بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.
وأفادت بعض الصحف البريطانية حتى عن خطط لخفض الضرائب إلى 15 في المائة لمساعدة البلاد على مواجهة عواقب بريكست، لكن يبدو أن رئيسة الوزراء تيريزا ماي استبعدت مثل هذا التخفيض الكبير في الوقت الحاضر.
أما فرنسا، فتعتزم تخفيض نسبة الضرائب على الشركات من 34 إلى 28 في المائة عام 2020، كما تنوي دول أخرى بما فيها إيطاليا وإسرائيل اتخاذ تدابير مماثلة.
وأوضح جان بيار ليب أن ما نشهده هو حركة هروب إلى الأمام، مشيرا إلى المجر التي ستخفض الضرائب على الشركات من 19 إلى 9 في المائة، لكن حتى إذا نجح ترمب في تنفيذ خططه، فإن دولا مثل إيرلندا استخدمت ضرائبها المتدنية لاجتذاب شركات أجنبية مثل جوجل وأبل، تتوقع أن تبقى جذابة لهذه الشركات.
وقالت مجموعة الضغط الكبرى للأعمال في إيرلندا "آيبيك" إن الاقتراحات الأخيرة "قد تشكل بعض الضغط على إيرلندا لجهة قدرتها التنافسية"، ورأى اللوبي أنه حتى إذا نجحت الولايات المتحدة في تطبيق تخفيض ضريبي كبير، فإن العرض المتاح للشركات الأميركية للاستثمار في إيرلندا يبقى جذابا.
وعبرت وزارة المالية الإيرلندية عن الرأي ذاته، وأشار مصدر في الوزارة إلى أن كون إيرلندا عضوا في الاتحاد الأوروبي، يشكل وسيبقى عاملا أساسيا لاجتذاب استثمارات أجنبية مباشرة من الولايات المتحدة وبلدان أخرى. غير أن البعض يشكك في قدرة ترمب على تمرير هذه التخفيضات الضريبية في الكونجرس، ورأى مركز "تاكس بوليسي سنتر" الأمريكي للدراسات أن خطط ترمب قد تخفض ميزانية واشنطن بمقدار 6.2 تريليون دولار خلال العقد المقبل، وتزيد الدين العام الأمريكي بمقدار 20 تريليون دولار بحلول 2036، ويعارض الكثير من الجمهوريين تقليديا أي زيادة في الديون العامة، ولن يكونوا بالتالي على استعداد للقبول بمثل هذه الزيادة في المديونية.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية