default Author

متطلبات التغير في نماذج الأعمال

|
الابتكار أكثر من مجرد تكنولوجيا جديدة، والجدال البناء والمنهجي في تقييم المخاطر بنموذج الأعمال الخاص بك بإمكانه أن يطلق فرصا عدة لتطوير الأداء. لعقد أو أكثر ظهر موقع كريج ليست، كاستثناء نادر لمبدأ "ابتكر أو تفشل". في وقت مبكر من الألفية الثانية انطلق الموقع عبر الإنترنت من مدينة سان فرانسيسكو متخذا موقعا له بأسلوب التبويب الذي اشتهرت به الصحف المحلية، ومتبعا بشكل استثنائي نموذج الأعمال، "الإعلانات المجانية" بتكاليف تشغيل منخفضة. وتوسع الموقع في أكثر من 70 بلدا من دون إجراء أي تطوير على تصميمه الباهت أو طريقة إدارته. مع الموجة الأخيرة من الإجراءات القانونية المتخذة ضده بخصوص حقوق التأليف، قد تكشف بأن موقع كريج ليست يواجه خطر الفشل. في نيسيان (أبريل) 2013 رفضت المحكمة دعوة مقدمة من الموقع بمنحه ترخيصا حصريا لمضمونه. في السنة التي سبقت الدعوة قام الموقع بإضافة لغات أخرى لخدماته، مؤكدا ملكيته الحصرية لجميع مشاركات المستخدمين ومثيرا غضب بعض المستهلكين، حيث قام بحذف اللغات المضافة بعد ثلاثة أسابيع. على الأقل رأى البعض أن الشركة أظهرت جانبا إقصائيا ولم تحافظ على مهمتها في تقديم خدمة عامة. ربما يكون قد حان الوقت لكريج ليست لإعادة التفكير في سياسته القديمة القائمة على رفض الابتكار، كما أنه لا يمكن معالجة مثل هذه المسألة بمجرد إضافة ميزات جديدة. يجب على الشركة أن تغض النظر عن أسباب نجاحها غير المدروسة إذا ما أرادت إرضاء نقادها واعتبار الشركات الناشئة مثالا لها. في كتابهم الجديد "نموذج الأعمال المدفوع بالمخاطر: الأسئلة الأربعة للتعريف بشركتك"، كارين جيروترا أستاذ التكنولوجيا وإدارة العمليات وسيرجو نيتسين أستاذ كرسي في التكنولوجيا العالمية والابتكارات في كلية إنسياد "تيمكن"، قدما برهانا قويا كيف يمكن لكريج ليست أو أي شركة أخرى فقدت قدرتها التنافسية أن تستخدم نموذج الأعمال الابتكاري لمصلحتها؟ الأسئلة الأربعة التي طرحها عنوان الكتاب هي "من ــ ماذا ــ متى ــ لماذا" بالكاد تكون جديدة على عالم الأعمال. ولكن وفقا للمؤلفين، فإن قلة من الشركات تخضع نموذج أعمالها إلى التدقيق بصورة دائمة. يقول كل من جيروترا ونيتسين: لا يوجد بديل عن الأسئلة الأساسية مثل ماذا علينا أن نبيع؟ أو متى علينا أن نطرح منتجاتنا الجديدة؟ وفي مقابلة له مع "إنسياد للمعرفة" صرح نيتسين: أفضل مقارنتها بالتدقيق المالي الذي تقوم به الشركات بشكل سنوي عدة مرات، وأغلب الشركات العامة تقوم بذلك ربع سنوي. ولكن عند سؤال الشركة نفسها عن عدد المرات التي تقوم بها الشركة للتدقيق على نموذج أعمالها، عادة ما تكون الإجابة: لا نعرف، منذ 20 عاما؟ 30 عاما؟ يؤكد الكاتب أن المخاطر المتراكمة قد تفضح الشركة عندما يحين الوقت لمراجعة الأعمال. على الرغم من أن هذه المخاطر قد تأتي بأشكال مختلفة، لكن الكتاب يركز على شكلين أساسيين: مخاطر المعلومات ومخاطر التحفيز. وقد وضح جيروترا أن خطر المعلومات يتبدى عندما لا تعرف شيئا. والوعي لمثل هذه المخاطر دفع شركة بلوك باستر في التسعينيات إلى تغيير عقدها مع استديوهات الأفلام، بما يتيح لها طلب نسخ أكثر من الإصدارات الجديدة، وهو ما أدى إلى قفزة هائلة في الأرباح، وبدء عهد جديد في تاريخ شركة بلوك باستر ولو لفترة مؤقتة. صرح المؤلف أن المشكلات التي واجهت شركة بلوك باستر أخيرا، كان من الممكن تفاديها في حال أعارت اهتمامها للأسئلة الأربعة التي تعد حجر الأساس لإطار العمل، لأنهم يعتبرون همزة الوصل لتقليل شكلي المخاطر المذكورين أعلاه. كما يمكن الحد من عدم الكفاءة التي تسببها هذه المخاطر وإضافة قيمة جديدة عن طريق تغيير نموذج العمل لمواجهة هذه المخاطر. عديد من الشركات لجأت إلى استخدام أسلوب نموذج الأعمال الابتكاري عند مواجهتها لأزمات وجودية. ويأتي "أمازون" كمثال مختلف لجيروترا ونيتسين عن استباق الأحداث وليس التصرف كرد فعل وإعادة ابتكار نموذج العمل. فقد لجأ أمازون في الـ 15 سنة الأولى إلى تغيير نموذج العمل عدة مرات، فقد تحول من نظام يعتمد كليا على تجارة الكتب بالجملة ودور نشر إلى أحد أكبر تجار الجملة مع أكبر شبكة مستودعات. من المذهل كيف حافظت شركة أمازون على انضباطها أكثر من أي شركة أخرى، يقول جيروترا. ويعد نموذج الأعمال الابتكاري ليس حكرا على اللاعبين الكبار، فبعيدا عن شركة أمازون على سبيل المثال، فإن بإمكان شركات البيع بالتجزئة على الإنترنت استخدام الأسئلة الأربعة لإيجاد مكانة لها. هذا ما حدث مع شركة دايبرز دوت كوم التي انطلقت في 2005 بنموذج أعمال يركز على الآباء الجدد. وقال نيتسين إن الجانب الإجابي في "دايبرز" إنه كان من السهل عليهم أن يتوقعوا حجم الطلب على منتجاتهم لسنتين أو ثلاث أخرى، وما مكنهم من إدارة أعمالهم بتكلفة قليلة جدا وبكفاءة أكبر من شركة أمازون. ومن الغريب أنه عندما استحوذت شركة أمازون على شركة دايبرز دوت كوم في عام 2010، سمحت للشركة الجديدة بالبقاء على مسافة من الشركة الأم. وأضاف جيروترا: ربما لأنهم أرادوا أن يفصلوا بين نموذجي الأعمال وهو ما يسمح لكلتا الشركتين بالاستمرار بالقوة نفسها وأكثر. وقال المؤلف، يأتي تطبيق نموذج الأعمال الابتكاري على ثلاث مراحل، الأولى تتجلى في طرح عدة أفكار يمكن للشركة تطبيقها، والثانية الاختيار بين هذه الابتكارات وفي المرحلة الأخيرة تجربتها على أرض الواقع لمعرفة إذا ما كانت مناسبة. وفي مرحلة تجميع الأفكار نصح المؤلف بجمع أكبر عدد ممكن منها ومشاركة الأفراد على اتساع المنظومة. ولضمان الفاعلية من الأفضل أن تختار الإدارة العليا فريقا متنوعا للإشراف على مرحلتي التحسين والتجريب. وأوضح جيروترا أنه ليس حربا على نموذج العمل الحالي، ولكن حالة تمرد من مجموعة من الأفراد يعملون خارج الإطار التقليدي لتطوير نموذج الأعمال. هذا ليس نوعا من التمرد الذي يطيح بالحكومات، ولكنه عمل يرتكز على الأدلة والتجارب التي تستبعد عديدا من النظريات الموجودة والجديدة، كما أضاف المؤلف. الأسلوب اللإداري والتمثيل الواسع للفريق يساعدان على تقبل التغيير وتقليل المتاعب. على الرغم من أن البعد عن الأعمال اليومية المعتادة فيه نوع من المخاطرة، ولكن شدد نيتسين على أهمية التجربة للابتكار حتى لو سببت خسائر على المدى القصير. عندما تريد الابتكار توقع أن تفشل أكثر من أن تنجح، ولكن المهم أن تستمر المحاولات.
إنشرها