Author

إصلاح الميزانية هدفه الإنسان السعودي

|
يعد مشروع إصلاح الميزانية العامة للدولة، الذي تبناه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مشروعا استراتيجيا ضخما، وعندما تم الحديث عنه لم يكن أكثر المتفائلين يتوقع أكثر من إعادة تكرار لسيناريوهات قديمة في المسار نفسه، وتنتهي دون تحقيق نجاح يذكر. لكن يبدو أن العمل جاد الآن، والجميع مؤمنون بالحاجة إلى إصلاح هيكل النفقات الحكومية في المملكة. وفي تصريح موسع لنائب وزير الاقتصاد والتخطيط، يتبين حجم العمل على المشروع، الذي يمكن تقسيمه إلى عدة محاور، وهي: تخفيض التكاليف، وتعزيز الإيرادات، والخصخصة. وفي مجال تخفيض التكاليف، فقد نجحت خطط المالية العامة في خفض التكاليف بواقع 4.5 مليار دولار في الربع الأول (17 مليار ريال تقريبا)، وهذا أدى بدوره إلى خفض واسع في العجز المتوقع للميزانية العامة بواقع 6.9 مليار دولار (26 مليار ريال) بعد أن كان العجز المتوقع بقيمة 56 مليار ريال، وهذا الفارق الضخم الذي يعادل 17 مليارا ــ كما أشرنا ــ جاء نتيجة لخفض التكاليف. وهذا معناه مركز قوي جدا للتقديرات المالية إلى نهاية العام، وأيضا معناه تخفيض واسع في نسب الدين المتوقعة، كما أن الاحتياطيات تبدو في أمان أكثر مع هذا الالتزام بضبط النفقات، وبرغم هذا النجاح السريع لخطط القضاء على العجز في الميزانية، التي تستهدف عام 2020، فقد أشار نائب وزير الاقتصاد والتخطيط إلى أن الخطط في هذا المسار تسير كما هي، ولم تتغير، وأن هناك فرصا أكبر لمزيد من ترشيد التكاليف. وفي مجال تعزيز الإيرادات، فقد تبين أن الحكومة حققت ما بين أربعة وخمسة مليارات ريال من الإيرادات غير النفطية جاءت أعلى من المتوقع، وهذا هو المسار الثاني الذي تسير فيه المالية العامة نحو تحقيق التوازن والقضاء على العجز، فمع ضبط الإنفاق لا بد من البحث عن مداخيل جديدة للدولة خارج نطاق النفط، فزيادة الإيرادات غير النفطية عن المتوقع لها في الميزانية دلالة لها شأنها على دقة المسار الذي نمضي فيه، وهذا بالتأكيد له أثر واسع في القيمة الاقتصادية للمملكة، كما يشير إلى تحسن واضح في الناتج المحلي. ويأتي مجال الخصخصة كحالة خاصة بين الحالتين السابقتين، فهو يحقق ترشيدا للتكاليف من جانب تخلص الميزانية العامة للدولة من الأعباء المالية والنفقات التي تتعلق بالخدمات التي ستتم خصخصتها، ولهذا نقول إن مشروع الخصخصة سيدعم مشروع خفض التكاليف، وكلما انخفضت التكاليف تقلص العجز ومعه الدين العام، وأصبحنا أقرب إلى تحقيق التوازن حتى قبل عام 2020 كما تبين من النجاح الذي تحقق في الربع الأول من هذا العام. ومن الجانب الآخر فإن مشروع الخصخصة سيدعم إيرادات الدولة؛ لأنه من المتوقع أن بيع أصول الخدمات التي ستتم خصخصتها سيحقق إيرادات 200 مليار دولار (750 مليار ريال) "كما أشار بذلك نائب وزير الاقتصاد والتخطيط"، وهذا سيحقق دعما هائلا للميزانية العامة، خاصة إذا تم استثمار هذه الإيرادات بطريقة جيدة. هذه الأركان الثلاثة لمشروع التوازن المالي تمثل مشروعا حيويا وضخما لا بد من استكماله، والأمور تسير بشكل رائع حتى الآن، وقد أثمرت هذه الإصلاحات عودة سريعة للمزايا والبدلات لموظفي القطاع العام، وهو ما يشير إلى أن الإصلاحات في الميزانية العامة تستهدف المواطن السعودي، وتحسن فرص العمل والحياة في المملكة.
إنشرها