default Author

الآثار الاقتصادية لانتشار مرض السل «1 من 2»

|
لم ينل مرض السل القدر الملائم من التقدير لزمن طويل، كما كان يجري التعامل معه بعد فوات الأوان، وذلك على الرغم من أثره في الشرائح الأشد فقرا وتبعاته الاقتصادية الجسام. وعلى مستوى العالم، شهد عام 2015 وحده 10.4 مليون مصاب بالسل، وتوفي 1.8 مليون شخص من هذا المرض، منهم 400 ألف كانوا يعانون السل والإيدز. وتعتبر منطقة الجنوب الإفريقي مركز الإصابة بمرض السل، حيث تشير التقارير إلى وجود 134 حالة إصابة بين كل 100 ألف شخص سنويا مقابل المعدل العالمي البالغ 86 حالة بين كل 100 ألف شخص. وفي 2015، بدأت منظمة الصحة العالمية تجميع البلدان حسبما تعانيه من أعباء بشأن مرض السل، والسل والإيدز، وعصيات السل المقاومة للعقاقير المتعددة؛ ووجد أن كل بلدان الجنوب الإفريقي على وجه التقريب تتبع مجموعة أو أكثر من هذه المجموعات الثلاث. وعلى الرغم من استحكام مرض السل في منطقة إفريقيا، فإن اليوم العالمي للسل هذا العام يجيء في حقبة ذات إمكانات جديدة. فقد أسهمت المعالم الرئيسة للسنوات القليلة الماضية في إعداد المشهد، ولو جزئيا. - منذ خمس سنوات التزم رؤساء وحكومات دول الجنوب الإفريقي بما جاء في إعلان الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي بشأن السل في قطاع التعدين. منذ ثلاث سنوات مضت، وافقت منظمة الصحة العالمية على استراتيجية القضاء على السل. بعد سنة، اعتمدت الأمم المتحدة أهداف التنمية المستدامة. ومع الوتيرة السريعة حتى وصولنا إلى يومنا هذا نرى الشركاء يعتمدون حاليا على هذه الالتزامات رفيعة المستوى، ويفكرون خارج الصندوق، ويبدأون باتخاذ إجراءات غير معتادة. ولا يتم الوصول إلى ثلث من يقعون في براثن الأمراض والاعتلال بسبب السل كل سنة باستخدام أساليب الفحص أو الكشف أو العلاج الملائمة بسبب مزيج من المعوقات على جانبي العرض والطلب، ويشمل ذلك القيود المالية على الأسر المعيشية، ومخاوف الوصم بالعار، وضعف أنظمة الرعاية الصحية، على سبيل المثال، ضعف سبل الوصول إلى رعاية صحية ذات جودة عالية. واستجابة لذلك، قام برنامج الوصول إلى مرضى السل، وهو آلية تمويل متعددة الأطراف تساندها وزارة الشؤون العالمية في كندا، بتجربة وتوثيق نهج جديد نحو اكتشاف السل، وزيادة الإبلاغ عن الحالات، مثل استخدام العيادات المتنقلة، وتحسين عمليات الفحص المنهجية والمنتظمة في منشآت الرعاية الصحية، وتكثيف الفحص المنتظم لمرضى السل بين شرائح السكان المحرومين والمستضعفين، ويشمل ذلك مرضى الإيدز، والمتصلين بمرضى السل، والمعرضين لغبار السليكا، مثل عمال المناجم. وهناك اتجاه رائد آخر وجديد نحو الوقاية من السل ورعاية مرضاه يتمثل في مواجهة المرض على مستوى الأسرة المعيشية من خلال إجراءات تدخلية على جانب الطلب. وامتزاج مرض السل مع الفقر يمكن أن يعني تأخر توفير سبل الرعاية، وهو ما ينجم عنه زيادة العدوى بين أفراد الأسرة. ومن الممكن أن تبدأ برامج الحماية الاجتماعية بمعالجة الآثار والتبعات الخاصة بالنفقات على مستوى الأسر المعيشية وغيرها من الآثار والتبعات الاجتماعية والاقتصادية للسل من خلال مساعدات تكميلية للأسرة المعيشية المتضررة من مرض السل، مثل تقديم مساعدات غذائية. وتم توثيق عملية تجميع الإجراءات التدخلية المعنية بمكافحة السل وتقديم خدمات الرعاية الصحية للجمهور والحماية الاجتماعية التي تستهدف الأسر المعيشية والأفراد المتضررين في عديد من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. وتعتبر آليات التمويل المستندة إلى تحقيق نتائج خيارا واعدا آخر، وإن لم تكن عصا سحرية. وهذا النوع من التمويل لتقديم خدمات الرعاية الصحية يربط تمويل قطاع الرعاية الصحية بتحقيق نتائج محددة سلفا. ويعمل هذا النوع من التمويل على تحسين أداء جانب العرض في أنظمة الرعاية الصحية من خلال أدوات مثل التمويل المستند إلى الأداء. وعلى جانب الطلب، من الممكن أن يساعد استخدام أدوات مثل التحويلات النقدية المشروطة أو المساعدات الغذائية للأسر المعيشية في تشجيع الالتزام بعلاج وفحص حالات مرض السل. وبخلاف تشخيص مرض السل وتغطية الخدمات العلاجية للسكان بوجه عام، يدور محور تركيز مشروع مساندة أنظمة الرعاية الصحية والسل في الجنوب الإفريقي الذي وافق عليه البنك الدولي في السنة الماضية حول الشرائح المستضعفة في (1) مجتمعات التعدين والمجتمعات المجاورة لها؛ (2) النقاط الساخنة التي تعاني زيادة أعباء مرض السل؛ (3) المناطق الحدودية التي تعاني زيادة معدلات انتقال السكان والبضائع؛ (4) مناطق إيفاد العمالة؛ (5) مناطق انتشار الفقر.
إنشرها