التجارة الإلكترونية .. وأدوات العولمة الاقتصادية

التجارة الإلكترونية E-commerce اليوم أصبحت أحد مظاهر العولمة الاقتصادية التي بدأت تغزو المجتمعات خصوصا في الدول النامية التي تشهد ضعفا وقدرة أقل في مواجهة أدوات العولمة الاقتصادية، والعولمة globalization هي مظهر حديث يهدف إلى جعل العالم أشبه بالقرية الصغيرة التي تمكنها من التواصل بصورة يشعر فيها الإنسان بأنه لا يحتاج إلى كثير من الوقت والجهد والمال والانتقال للوصول إلى المعرفة أو الثقافات الأخرى أو التجارة بمختلف صورها أو كثير من المعاملات التي يحتاج إليها الأفراد أو الشركات عموما، والتجارة الإلكترونية هي جميع المعاملات التجارية بمختلف أشكالها التي تتم من خلال المحتوى الافتراضي الذي تقدمه الجهات ذات العلاقة بالتجارة. المساحات الافتراضية اليوم أصبحت أشبه بالإمبراطوريات التي تضم عمالقة من الشركات والمنتجات إضافة إلى كثير من الخدمات والمحتوى الذي له تأثير كبير حاليا ويتزايد تأثيره مع الزمن في إشارة إلى منافسة قوية جدا بين التجارة في الواقع الملموس والتجارة في المحتوى الافتراضي. والمشاهد أن المحتوى الافتراضي يتضخم بصورة أكبر فيما يظهر مقارنة بالتجارة التقليدية وبحسب ما نشر في صحيفة "الاقتصادية" بتاريخ غرة شعبان 1438هـ عن تصريح لمنظمة التجارة العالمية: "أكد روبرتو أزيفيدو، المدير العام لمنظمة التجارة العالمية أن عديدا من الدول الأعضاء في المنظمة تريد تعيين مسار إلى الأمام للمناقشات المتعلقة بالتجارة الإلكترونية، بهدف ضمان أن تحقق التجارة الإلكترونية دعما للنمو والتنمية الاقتصادية في السنوات المقبلة لجميع أنحاء العالم. واستشهد، أزفيدو، ببحث أجرته شركة برايس ووترهاوس كوبرز حول شراء الملابس في 25 بلدا متقدما وناميا، أظهر أن 54 في المائة من الذين تم استجوابهم اشتروا بالفعل منتجات على الإنترنت أسبوعيا أو شهريا. وفي الواقع، أن الأرقام كانت أعلى في بعض البلدان النامية. وأشار أزيفيدو، إلى أن أرقام منظمة التجارة العالمية تؤكد أنه بين 2013 و2015، قفزت قيمة التجارة العالمية على شبكة الإنترنت من 16 تريليونا إلى 22 تريليون دولار، مشيرا إلى أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم تمكنت بفضل التجارة الإلكترونية من أن تقلل بكثير تكاليف القيام بالأعمال التجارية عبر الحدود. وذكر أزيفيدو، أن التجارة الإلكترونية وفرت منصة تسمح للمنتجين، سواء من الشركات متعددة الجنسيات أو المؤسسات الصغيرة أو متوسطة الحجم، من الوصول إلى الأسواق العالمية، والوصول إلى شبكة أوسع من المشترين، وأن تسهم في سلاسل القيمة العالمية، كما أتاحت للمستهلكين، الوصول إلى تشكيلة أوسع من المنتجات، من طائفة أوسع من الموردين، وأسعار أكثر تنافسية. وبهذه الطريقة، يمكن أن تساعد التجارة الإلكترونية في تحسين سبل كسب العيش، وتشجيع مزيد من الشمولية في النظام التجاري، وتعزيز التنمية. إنه أمر إيجابي جدا أن تبحث في كيفية تحقيق أقصى استفادة من هذه الفرص". التجارة الإلكترونية بلا شك قد تكون أضخم بكثير من وضعها الحالي وقد تتفوق يوما ما على التجارة التقليدية وحجم النمو في سنتين الذي بلغ تقريبا 38 في المائة يرجح احتمال تفوق التجارة الإلكترونية في ظل محدودية النمو في قطاع التجارة التقليدية والنمو عموما للاقتصاد في العالم، والمنافع التي تحققها التجارة الإلكترونية التي تقدم ميزات تتفوق على التجارة التقليدية تؤهلها لأن تكون خيار المستهلك مستقبلا خصوصا في الدول النامية التي تجد صعوبات في تحقيق احتياجات المستهلك. التجارة الإلكترونية مظهر من مظاهر العولمة، والعولمة اليوم أصبحت واقعا يجب أن تتعامل معه المجتمعات لتستطيع مجاراة النشاط التجاري والاقتصادي العالمي إذ إن العزوف أو التباطؤ في المشاركة في هذا القطاع ستكون نتيجته انحسار لحجم النشاط الاقتصادي المحلي ولذلك ينبغي على الجهات الرسمية أن تشجع على الانفتاح أكثر على التجارة الإلكترونية ليس فقط لتوزيع المنتجات محليا، بل حتى للوصول إلى دول العالم، وهذا يتطلب مجموعة من الخطوات منها: وجود لجنة قانونية بالغرفة التجارية تهدف إلى التوعية بالأنظمة والقوانين للدول فيما يتعلق بالسلع والخدمات المسموحة والممنوعة وأنظمة التجارة الإلكترونية بها عموما، ووجود بنية تحتية تقنية محمية بصورة عالية لتسهل مسالة ربط الشبكات المختلفة سواء الدفع أو التسليم والتسلم، ووجود تشريعات لحماية المستهلك والتاجر وتوعية المجتمع بها لزيادة الثقة محليا وعالميا واشترط جعلها جزءا من المحتوى لأي جهة تطلب ترخيصا لها لمزاولة نشاط التجارة الإلكترونية محليا، وأن تشجيع المتاجر المحلية بفتح فروع افتراضية لمزاولة أنشطة البيع والشراء من خلالها، وأن تتبنى مشاريع بالتعاون مع القطاع الخاص لبناء مراكز تجارية افتراضية تتيح للمتاجر والأنشطة التجارية الفردية التسويق من خلالها. فالخلاصة أن العولمة اليوم أصبحت واقعا ومن أشكال العولمة التجارة الإلكترونية التي أصبحت تنمو بصورة كبيرة خلال الأعوام الماضية، وتجاهلها أو التباطؤ في تبنيها سيجعل التجارة التقليدية تنحسر محليا لمصلحة متاجر أجنبية، ما يتطلب تشجيع التوسع في المتاجر المحلية للتجارة محليا وعالميا، ما يتطلب العمل على التوعية بالأنظمة التجارية العالمية خصوصا فيما يتعلق بأنواع السلع المسموحة والممنوعة في كل دولة، وتهيئة بنية تقنية عالية الكفاءة، وتشجيع المتاجر التقليدية أن يكون لها منافذ إلكترونية، وبناء مراكز تجارية إلكترونية بالتعاون مع القطاع الخاص لتكون منصة للمتاجر التقليدية وأنشطة الأفراد التجارية.