المشراق

راشد الخلاوي وقيس المجنون

راشد الخلاوي وقيس المجنون

راشد الخلاوي شاعر من أهم وأقدم شعراء النبط، وأكثرهم شهرة، كان جيد الشعر طويل النفس فيه، وصلت إحدى القصائد المنسوبة إليه إلى أكثر من ألف بيت. وللخلاوي معرفة قوية في علم الفلك والنجوم نلمسها في شعره الذي يفيض حكمة وفلسفة. اختلف الباحثون في تحديد زمنه، وأكثرهم على أنه عاش في القرن الـ9 الهجري، ومنهم من يرى أنه في القرن الـ12. والأرجح أنه عاش في القرن الـ10 الهجري، ويتبين ذلك من خلال علاقته بممدوحه منيع بن سالم آخر حكام الدولة الجبرية في الأحساء، الذي عاش في النصف الثاني من القرن الـ10، والخلاوي كان معاصرا له وقصائده فيه معروفة، وهذه الدلالة كافية لتحديد زمن الخلاوي. ومما يؤيد ذلك ما ورد في التاريخ المنسوب للشيخ صالح القاضي (ت1351هــ) فقد ذكر أن وفاة الخلاوي عام 1010هــ.
الخلاوي مع الغزال:
كان لمنيع بن سالم زوجة جميلة اسمها ميثا، ويذكر الخلاوي في شعره أن "منيع" أوصاه ألا يصيد الغزلان حتى لو كان جائعا، لأن الغزال يشبه ميثا. وتمر السنوات، وبينما الخلاوي في جوف الصحراء يكاد يهلك من الجوع، وليس عنده ما يطعمه من الزاد، إذ به يشاهد غزالا، فاحتال حتى صادها، ولم هم بذبح الغزال ورأى عينيها الجميلتين تذكر وصية صديقه القديم، فأطلق سراحها لتسيح في الصحراء حرة طليقة إكراما لمنيع بن سالم، واهتبلها شاعرنا فرصة ليبلغ ممدوحه بذلك:

يا مبلغ عني منيع بن سالم
قيدوم السبايا والجيوش القوالع
حبايلي صادت عنقا من المها
رباعية في سايلات المدامع
ثم يصف الغزال وكيفية صيده لها، واستلاله خنجره كي يذبحها، وكاد أن يذبحها لولا أنه:
وذكرت وصاة من منيع بن سالم
وغيري إلى ما جاع ينسى الودايع
حَلِية ميثا يا الصليبي خلها
ولو كان بأيام الصفاري وجايع
وخليتها لعيون ميثا عتيقة
عتيقة صليبي طويل المذارع
قلت لها روحي فلولا ابن سالم
ما كان لك من حفرة الموت مانع

موقف طريف يذكرنا بما حدث للمجنون قيس بن الملوح حين اصطاد غزالا ولما نظر في عينيها تذكر معشوقته ليلى، فأطلقها من أجل عيني ليلى، ثم قال:

أيا شبه ليلى لا تراعي فإنني
لك اليوم من بين الوحوش صديق
أقول وقد أطلقتها من وثاقها
لأنت لليلى إن شكرت طليق
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من المشراق