Author

الملك سلمان .. يد حازمة ويد حانية ندية

|
أتت الأوامر الملكية الأخيرة لتضع النقاط على حروف كثيرة، فمنها تأكيد اهتمام الملك سلمان المباشر بجنودنا البواسل الذين يعملون ليل نهار من أجل الدفاع عن مقدرات هذه البلاد، فمنح راتب شهرين مع إقبال شهر رمضان المبارك يدل على أن خادم الحرمين الشريفين حريص على أبنائه الجنود، ويشاركهم همومهم ويرعى أسرهم، ويراقب كل ما من شأنه راحتهم، فهم ليسوا وحدهم على الجبهات يدافعون عن الحرمين بل معهم كل أبناء الوطن وعلى رأسهم الملك سلمان، لتبقى يد الوطن حازمة على الأعداء حانية ندية على الأبناء المخلصين. وفي مقام الأوامر الملكية نقرأ الأمر بإعادة البدلات والمزايا المالية للموظفين من مدنيين وعسكريين بشكل يقطع الجدل حول وضع الاقتصاد السعودي، وعن أسباب القرارات التي صدرت سابقا بشأن إيقاف هذه البدلات والمزايا، فبعد أن انجرفت الجهات الحكومية في مختلف القطاعات إلى البذخ والإسراف في المشاريع ومنح المزايا المالية حتى دون وجه حق أحيانا، وذلك مع ارتفاعات أسعار النفط وتحقق فوائض مالية كبيرة حينها، فإن التراجع السريع والخطير في الإيرادات الحكومية نظير تراجع أسعار النفط كان سيتسبب في فوضى مالية عارمة قد تدخل البلاد في نفق يصعب الخروج منه، ومع تراجع كفاءة الأداء رغم زيادة الإنفاق الحكومي وتعثر المشاريع فقد كان الحل الأمثل هو إيقاف جميع التصرفات المالية وإعادة دراسة كل أوجه الصرف وتنظيم الموارد وتوزيعها، وهو قرار مؤلم في حينه، وقد أشار خادم الحرمين إلى ذلك وأنه يستشعر مدى تأثير القرار في الاقتصاد والأسرة، لكن كان ذلك الأمر مهما من أجل تجنيب البلاد هاوية مالية خطيرة قد تتسبب في استقطاعات كبيرة من الميزانية وإلى آجال غير معروفة، فكانت التضحية بتأخير المزايا والبدلات أفضل بكثير من قرارات أشد وطأة قد تتسبب في قطعها نهائيا، ولعل تجربة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان مع الأزمة الاقتصادية التي مرت بالمملكة في تسعينيات القرن الماضي قد أضاءت له الطريق نحو الجادة إلى معالجة صائبة وسريعة بدل التعرض إلى أزمة طويلة الأمد قد تتسبب في قرارات أكثر إيلاما كما حدث في تلك الحقبة. وقد تقبل المجتمع تلك القرارات بقناعة تامة وخاصة مع نهج خادم الحرمين الشريفين في الشفافية وإيضاح الأوضاع كافة، ولكن رغم هذا التقبل من الجميع وتحمل المسؤولية الواضح فلم يكن هناك من توقع أن تنتهي تلك الإجراءات الاحترازية بهذه السرعة. لعل هذا من أهم ما جاءت الأوامر الملكية الأخيرة لتأكيده، فإيقاف المزايا والبدلات لم يكن هدفا بذاته بل كان وسيلة لتحقيق هدف ضبط إيقاع الاقتصاد، وإعادته لمسار يضمن النمو ويضمن تحقيق نهضة جادة، ثم جاءت "رؤية المملكة 2030" ومن ضمنها برامج التوازن المالي و"التحول الوطني 2020"، ثم عمل شاق جدا ومتواصل من أجل تحقيق إنجاز سريع يعيد الأمور إلى نصابها، وخلال هذه الفترة من العمل تم إنجاز عديد من المبادرات كما وردت في تقرير برنامج التحول الوطني، كما عملت المملكة على الجانب الدولي لتوقيع عدد واسع من الاتفاقيات الاقتصادية التي من شأنها ضخ سيولة قوية في الاقتصاد الوطني، وأيضا تم تحسين وضع صندوق الاستثمارات العامة حتى أصبح واحدا من الصناديق العالمية الكبرى، وحققت المملكة نجاحا واسعا في إصدارها من السندات، كل هذا العمل كان يتم مع جهود كبيرة لإصلاح السوق النفطية والمحافظة على الحصة في السوق رغم دخول مصدرين آخرين، ونجحت جهود المملكة لخفض الإنتاج العالمي من أجل السيطرة على التخمة من المعروض. وفي الشأن الداخلي تم العمل في مكتب ترشيد الإنفاق بكفاءة وسرعة عالية وتمت مراجعة المشاريع الحكومية وتحديد الجدوى الاقتصادية من كل مشروع وهذا حقق وفرا بلغ أكثر من 80 مليارا منذ إنشاء المكتب في عام 2016، وهكذا بدت الصورة الاقتصادية واضحة ويمكن قياس الأداء وتتبع المشاريع ومصادر الأموال وإنفاقها، فكان أن صدر الأمر الملكي بإعادة المزايا والبدلات إلى ما كانت عليه، ولأن يد الملك سلمان الندية هي نفسها اليد الحازمة القوية ولأن العودة إلى المربع الأول غير مقبولة بعد كل هذه الجهود فإن أمره ـــ حفظه الله ـــ بإعفاء بعض الوزراء والتحقيق مع وزير الخدمة المدنية في شأن إساءة استخدام السلطة ليؤكد دون أدنى شك إلى أن وصفة العلاج للمشكلة التي علق فيها الاقتصاد السعودي يجب أن تضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار، وقد أتت ثمارها ولله الحمد.
إنشرها