سفر وسياحة

تأثير غريب لظاهرة التغير المناخي يجعل أحد الأنهار يغير مجراه

تأثير غريب لظاهرة التغير المناخي يجعل أحد الأنهار يغير مجراه

إنه تأثير غريب لظاهرة التغير المناخي حيث أدى انحسار أحد الجبال الجليدية متأثرا بدرجات حرارة قياسية لتغيير مسار أحد الأنهار. بينما كان معظم الماء الناتج عن ذوبان جبل كاسكاولش يتجه نحو الشمال ليصب في النهاية في بحر بيرنج أصبح منذ أيار/مايو عام 2016 يصب بشكل كامل في خليج ألاسكا في المحيط الهادي على بعد آلاف الكيلومترات من مصبه الأول. حاول باحثون في مجلة "نيتشر جيوساينس" إعادة تخيل كيفية حدوث هذه الظاهرة وقالوا إن هذه الحالة غير الطبيعية تبين كيف يمكن لتراجع الجبال الجليدية أن يغير مسارات الأنهار بشكل مفاجئ وبتداعيات واسعة على الطبيعة والبشر. يعلم الباحثون من خلال دراسات عن تاريخ الأرض كيف يمكن للأنهار تغيير مسارها بشكل جذري حيث كان نهر التايمز على سبيل المثال يصب قبل نحو 500 ألف سنة في منطقة شمال بحر الشمال أبعد بكثير عن مصبه الحالي. تبين للباحثين تحت إشراف دانيل شوجار من جامعة واشنطن وجود تغير أخطر بكثير عن التغير الذي وقع في أيار/مايو 2016 في منتزه كلوان الوطني الواقع عند سفح جبل كاسكاولش الجليدي وهي الحالة الأولى من نوعها في العصر الحديث حسب العلماء. يقع جبل كاسكاولش الجليدي عند مفترق مائي أو ما يسميه الباحثون حد التصريف.
وكان الجزء الأكبر من مائه الذائب يجري في نهر سليمز وبحيرة كلوان باتجاه الشمال في نهر يوكون الذي يصب بدوره في بحر بيرينج في حين كانت بقية المياه الذائبة تصل إلى نهر ألسيك في المحيط الهادي القريب. انحسر الجبل الجليدي منذ القرن التاسع عشر بمقدار نحو 5ر1 كيلومتر وبقيت منه بحيرات والكثير مما يسمى الجليد الميت الذي يقطعه الجبل الجليدي.
وتدل الصور التي التقطت بالأقمار الصناعية على أن مستوى المياه لنهر سليمسه الذي يفقد مياه كلما اتجه نحو الشمال تراجعت بشكل هائل اعتبارا من السادس والعشرين من أيار/مايو .2016
فبينما كان النهر يرمي في سبعينات القرن الماضي بنحو 130 متر مكعب من المياه في البحر في كل ثانية تراجعت هذه الكمية إلى 11 متر مكعب فقط/ثانية في أيلول/سبتمبر عام .2016 وفي مقابل ذلك حقق نهر ألسيك الذي يصب في المحيط الهادي رقما قياسيا أواخر شهر تموز/يوليو حيث بلغت نسبة المياه التي كان يصبها في المحيط الهادي 1620 متر مكعب في الثانية. وفاق هذا الرقم معدله الفصلي بنسبة 57%. وحيث إنه لم تسقط أمطار خلال الوقت الذي سبق التحول فإن الباحثين يعزون ذلك إلى درجات الحرارة القياسية في الأشهر الأولى من عام 2016 حيث فاقت هذه الدرجات معدلاتها في العقد السابق الذي كانت درجة الحرارة فيه دافئة بشكل كبير بواقع أربع درجات مئوية تقريبا مما جعل مؤخرة الجبل الجليدي تنحسر وفي الوقت ذاته حفر التدفق القوي للمياه الذائبة لسانا بعمق 30 مترا في الجليد الميت أصبح الماء يتدفق من خلاله في اتجاه جديد. عن ذلك قال فريق الباحثين: "يبدو أن جبل كاسكاولش الجليدي قد شهد ذوبانا قويا بشكل غير عادي على سطحه في ربيع عام 2016 أدى إلى تكون أخدود جليدي وعزز تدفق المياه في نهر ألسيك".
وأوضح الباحثون أن مسار الصرف الجديد يجعل منسوب مياه بحيرة كلوان الذي لا يكاد يحتوي على مياه ذائبة ينخفض بشكل واضح وربما بشكل يحول دون قدرة المياه على التصرف وجعل البحيرة حوضا مغلقا.
أضاف الباحثون أن الاتجاه المتغير للمياه المتدفقة يؤثر ايضا على التركيبة الكيميائية للمياه وبذلك على النظام البيئي للبحيرة بالإضافة إلى أن تغير مجراه ينطوي أيضا على عواقب على الثروة السمكية في النهر المعني.
ويرى الباحثون أن سبب هذه الظاهرة هو التغير المناخي الذي يقف الإنسان وراءه. وفقا لتقديرات الباحثين فإن احتمال أن تكون هذه الظاهرة بسبب تذبذبات مناخية طبيعية لا يتجاوز 5ر0% وأن "هذه الآثار تؤكد عواقب انحسار الجبال الجليدية الناتجة عن المناخ وما يتسبب فيه من نقل الأنهار بالنسبة لمجرى المياه والرواسب التي تبقى في المنطقة التي تجرد من الجبال الجليدية". ومعلقا على الدراسة رأى راخيل هيدلي من جامعة ويسكونسن الأمريكية في تعليق له في مجلة نيتشر أن "شوجار و زملاءه وثّقوا حالة فريدة من نوعها لانحسار جبال جليدية جراء التغير المناخي في منطقة يوكون الكندية.. والذي أدى إلى تغيير مجرى المياه الناتجة عن ذوبان أحد أكبر الجبال الجليدية في منطقة يوكون الكندية إلى خليج ألاسكا، على بعد آلاف الكيلومترات من الهدف الرئيسي في بحر بيرينج".
وشدد هيدلي على أن مثل هذه التغيرات في مسار المياه تنطوي على عواقب للبشر الذين يعيشون بالقرب من الأنهار. وأكد هيدلي أن الجبال الجليدية على مستوى العالم تتقلص في الوقت الحالي جراء ظاهرة التغير المناخي التي يقف الإنسان وراءها "فبينما ترتفع درجة حرارة العالم وتذوب المزيد من الجبال الجليدية فلابد أن يولي السكان الذين يعتمدون في عيشهم على المياه الذائبة المزيد من الاهتمام بمثل هذه العمليات".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من سفر وسياحة