السلوانة .. خرزة العشق والشفاء منه

السلوانة .. خرزة العشق والشفاء منه

السلوانة: حصاة أو خرزة تزعم العرب في أساطيرها قبل الإسلام أنها إذا طحنت وسقيت للعاشق برأ من عشقه، وقصدها الشاعر العاشق عروة بن حزام حين قال:
جعَلْتُ لعَرّافِ اليَمامةِ حُكْمَهُ وعَرّافِ نجْدٍ إنْ هُما شَفَياني
فما ترَكا من رُقْيَةٍ يَعْلَمانِها
ولا سَلْوَةٍ إلا بها سَقَياني

وقد تحدث علماء اللغة قديماً عنها، فقال أبو منصور الأزهري في "تهذيب اللغة": "قال رؤبة:
لو أشرب السلوان ما سليت
ما بي غنى عنك وإن غنيت
قال: وسمعت محمد بن حيان يحكي أنه حضر الأصمعي ونُصير بن أبي نُصير يعرض عليه بالريّ، فأجرى هذا البيت فيما عرض عليه، فقال لنُصير: ما السُّلوان، فقال: يقال إنها خرزة تُسحق ويُشرب ماؤها فتورث شاربها سلوَةً، فقال: اسكت، لا يسخر منك هؤلاء، إنما السُّلوان مصدر قولك: سَلَوتُ أسلُو سُلوانا؛ فقال؛ لو أشرب السُّلوان، أي السُّلوَّ شُرْباً ما سَلوْتُ. وقال اللحياني في نوادره: السلوانة: والسَّلوان: والسَّلْوَان شيء يسقى العاشق ليسْلو عن المرأة.
قال: وقال بعضهم: السُّلوانة حصاة يسقى عليها العاشق فيسْلُو؛ وأنشد:
شَرِبْتُ على سُلوانةٍ ماءَ مُزْنةٍ
فلا وجَديد العَيْشِ يا مَيّ ما أسْلو
وقال أبو الهيثم: قال أبو عمرو والسعدي: السُّلوانة: خرزة تُسحق ويُشرب ماؤها فيسلو شارب ذلك الماء عن حُبِّ من ابتلى بحبّه. قال: وقال بعضهم: بل يؤخذ تُراب قبر ميت فيُجعل في ماء فيموت حُبُّه؛ وأنشد:
يا لَيتَ أَنّ لقلْبي منْ يُعللهُ
أو ساقياً فسَقاني عنكِ سُلوانَا
أبو العباس عن ابن الأعرابي قال: السُّلوانة: خرزة للبغض بعد المحبة.
وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: "فأما مذهبهم في الخرزات والأحجار والرقى والعزائم فمشهور، فمنها السلوانة- ويقال السلوة- وهي خرزة يسقى العاشق منها فيسلو في زعمهم، وهي بيضاء شفافة، قال الراجز:
لو اشرب السلوان ما سليت
ما بي غنى عنكم وإن غنيت

السلوان: جمع سلوانة.
وقال اللحياني: السلوانة تراث من قبر يسقى منه العاشق فيسلو، وقال عروة بن حزام:
جعلت لعراف اليمامة حكمه وعراف نجد إن هما شفياني
فقالا نعم: نشفي من الداء كله وقاما مع العواد يبتدران
فما تركا من رقية يعرفانها
ولا سلوة إلا وقد سقياني

وقال آخر:
سقوني سلوة فسلوت عنها سقى الله المنية من سقاني
أي سلوت عن السلوة واشتد بي العشق ودام. وقال الشمردل:
ولقد سقيت بسلوة فكأنما
قال المداوي للخيال بها ازدد"

ويقول الدكتور جواد علي في موسوعته الشهيرة "المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام": "السلوانة خرزة تسحق ويشرب ماؤها، فيورث شاربها سلوة. وقيل: خرزة للتأخيذ، يؤخذ بها النساء الرجال، وقيل خرزة للبغض بعد المحبة، وقيل خرزة شفافة تدفن في الرمل، فتسود فيبحث عنها ويسقاها الإنسان فتسليه، أو يسقاه العاشق فيسليه عن المرأة. وقيل خرزة كانوا يقولون: إذا صب عليها ماء المطر، فشربه العاشق سلا. أو هو أن يؤخذ تراب قبر ميت: فيجعل في ماء فيسقى العاشق، فيموت حبه، أو هو دواء يسقاه فيفرحه. والقرزحلة، وهي خرزة من خرز الضرائر.

الأكثر قراءة