أخبار اقتصادية- خليجية

مساع خليجية لإبرام اتفاق تجارة حرة مع بريطانيا بعد «بريكست»

مساع خليجية لإبرام اتفاق تجارة حرة مع بريطانيا بعد «بريكست»

مساع خليجية لإبرام اتفاق تجارة حرة مع بريطانيا بعد «بريكست»

قال مسؤولون خليجيون: إن دول الخليج تسعى لإبرام اتفاق تجارة حرة مبكر مع بريطانيا من أجل نيل ترتيبات تفضيلية بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي وأن مسودة اتفاق قد تصبح جاهزة خلال أشهر.
ووفقا لما نقلته "رويترز"، فإن بريطانيا لا تستطيع في الوقت الحالي رسميا توقيع اتفاقات تجارة ما دامت عضوا بالاتحاد الأوروبي لكن الحكومة البريطانية تقول إنها ترغب في بدء الأعمال التحضيرية كي تستطيع التوصل إلى اتفاقات سريعا بعد مغادرتها الاتحاد،
وبحسب المسؤولين فإن أحد أول الاتفاقات قد يكون مع دول مجلس التعاون الخليجي الذي أكبر اقتصادين عربيين، السعودية والإمارات، إلى جانب قطر والكويت والبحرين وسلطنة عمان. وتبلغ التجارة بين بريطانيا ودول الملجس الست نحو 30 مليار جنيه استرليني (37.5 مليار دولار) سنويا.
وقال مسؤول قطري -طلب عدم نشر اسمه- لأنه غير مخول بالتحدث لوسائل الإعلام إن وزير المالية القطري علي شريف العمادي ناقش خلال اجتماع مع وزير الخزانة البريطاني فيليب هاموند في كانون الأول (ديسمبر) مسودة جزئية لاتفاق تجارة حرة.
وأضاف أن دول مجلس التعاون تريد إعداد اتفاق بحيث يمكن التوقيع عليه فور خروج بريطانيا من الاتحاد.
وقال مسؤول خليجي آخر: "اتفاق تجارة حرة مع المملكة المتحدة. هذا شيء نريد أن نشجع عليه وندعمه".
وتحاول دول الخليج تنويع موارد اقتصاداتها وتعزيز التجارة غير النفطية. فيما تصدر دول المنطقة بالأساس النفط والغاز والمنتجات ذات الصلة إلى الاقتصادات الغربية بينما تستورد تشكيلة واسعة من السلع والخدمات.
إلى ذلك تباشر رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الأربعاء المقبل، آلية الخروج من الاتحاد الأوروبي، في سابقة تاريخية تفتتح عامين من مفاوضات صعبة لا يمكن التكهن بنتائجها.
وبذلك ستكون المملكة المتحدة عام 2019 خارج الاتحاد الأوروبي، بعد الاستفتاء الذي جرى في 23 حزيران (يونيو) 2016، وقضى بالطلاق مع التكتل، مثيرا انقساما عميقا في البلد ومحركا النزعة الاستقلالية لدى الاسكتلنديين.
ووفقا لـ "الفرنسية"، فقد شهدت لندن السبت تظاهرة جديدة ضد بريكست مع نزول عشرات الآلاف إلى الشوارع بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس النادي الأوروبي، وستبلغ ماي بتفعيل المادة 50 من اتفاقية لشبونة التي ستشكل نقطة انطلاق لآلية الطلاق، في رسالة تسلم إلى رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، وقد تعلن ماي للبرلمان البريطاني توجيه هذه الرسالة، في كلمة تلقيها أمامه الأربعاء.
ومن المقرر أن يصوت البرلمان الاسكتلندي في اليوم السابق على مذكرة تجيز لرئيسة الوزراء نيكولا ستورجن مطالبة لندن بتنظيم استفتاء جديد حول الاستقلال، وهي تستند إلى تصويت الاسكتلنديين في الاستفتاء بنسبة 62 في المائة لمصلحة البقاء في الاتحاد الأوروبي لترفض الانجرار إلى الطلاق.
غير أن تيريزا ماي ترفض أن يجري مثل هذا الاستفتاء خلال مفاوضات الخروج، خشية أن يضعف موقعها، وهي تعتزم القيام بعملية طلاق "واضحة وقاطعة" مع الاتحاد الأوروبي، تتضمن الخروج من السوق الموحدة، حتى تتمكن من الحد من حرية تنقل المهاجرين الأوروبيين، وهو ما كان أحد الأسباب الرئيسة التي دفعت البريطانيين لاختيار بريكست.
ومع اقتراب الاستحقاق، يطرح بشكل متزايد سيناريو انهيار المفاوضات، ما سيترك البلاد بدون اتفاق، وقال أناند مينون من مجموعة الأبحاث" يو كاي إين أيه تشاينجينج يوروب" إن المملكة المتحدة في أوروبا متبدلة، وسنحتاج إلى قدر أكبر بكثير من الوقت والعزيمة الطيبة واللباقة مما شهدناه من الجانبين".
ويقدر مينون احتمال فشل المفاوضات بـ50 في المائة، ما سيترك بريطانيا بلا "شباك أمان"، عرضة للترتيبات الأساسية التي وضعتها منظمة التجارة العالمية ومنها خصوصا الحواجز الجمركية.
ويرى خبراء الاقتصاد أن السيناريو الأصعب سيكون على حي المال والأعمال بوسط لندن وممثلي القطاع الصناعي، أما ماي، فتردد أنه "من الأفضل عدم التوصل إلى اتفاق على التوصل إلى اتفاق سيئ".
وأوضح ديفيد ديفيس الوزير المكلف بعملية بريكست، وهو من أشد معارضي الاتحاد الأوروبي، ردا على سؤال حول هذه النقطة أمام مجلس النواب في منتصف آذار (مارس) أن مثل هذا السيناريو ليس مخيفا بالقدر الذي يجري الكلام عنه، مقرا في الوقت نفسه بأن الحكومة لم تحتسب وطأة الخروج من الاتحاد الأوروبي بدون التوصل إلى اتفاق، أما بوريس جونسون، وزير الخارجية، فقال إن هذا الشهر سيمر "بخير تماما".
على صعيد الجانب الأوروبي، فقد بات "كل شيء جاهزا" للمفاوضات التي ستفتتح بتسليم لندن فاتورة كل الالتزامات التي قطعتها بريطانيا في سياق الميزانية الأوروبية، وقدر مسؤول أوروبي قيمة الفاتورة ما بين 55 و60 مليار يورو. وأشار ميشال بارنييه كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي الفرنسي الجنسية إلى أنه حين يغادر بلد الاتحاد الأوروبي، فلن يكون هناك عقوبة ولا ثمن يتحتم دفعه، لكن علينا تسوية الحسابات، لا أكثر ولا أقل.
وبمقدور لندن نظريا الامتناع عن دفع المبالغ المطلوبة، وهو ما أشار إليه تقرير أصدره مجلس اللوردات البريطاني أخيرا، لكن مثل هذا القرار سيشكل إعلان حرب دبلوماسية، ومن المتوقع بالتالي أن تدور المفاوضات حول قيمة المدفوعات.
وستسعى لندن للحصول على ضمانات حول مصير 1.4 مليون بريطاني يعيشون في دول الاتحاد الأوروبي، على أن تحاول الضغط بهذا الشأن مستخدمة الضمانات التي يمكنها إعطاؤها لـ3.3 مليون أوروبي يقيمون في بريطانيا.
أما الموضوع الأبرز، وهو العلاقات التجارية الجديدة بين لندن والاتحاد الأوروبي الذي يمثل تقريبا نصف المبادلات البريطانية من السلع، فهو غير مشمول في المفاوضات بشكل صريح، وقد يستغرق الأمر سنوات للتوصل إلى اتفاق بهذا الصدد، ما حمل على طرح فرضية اتفاق مرحلي.
وسيضع الطلاق حدا لأكثر من 40 عاما من علاقة متقلبة، حيث إن البريطانيين لطالما رأوا في الاتحاد الأوروبي سوقا مشتركة، رافضين في المقابل فكرة الاندماج السياسي، ويشكل بريكست تحديا كبيرا للتكتل الأوروبي الذي طرح بوادر حل يقوم على فكرة أوروبا تعمل "بوتيرات متفاوتة"، في إعلان صدر السبت في روما. ومع دنو موعد بريكست، تزداد ضرورة إنقاذ علامة "بريطانيا" المميزة، ويحذر مهنيو إعلانات اجتمعوا في لندن، من أن صورة هذا البلد المعروف بانفتاحه على العالم قد تعاني جراء خروجه من الاتحاد الأوروبي، ولو أن لندن تحتفظ بأوراق مفيدة لمصلحتها.
فالثقافة الشعبية البريطانية، من الموسيقى إلى السينما، عكست في العقود الأخيرة صورة بلاد عصرية وحيوية، ومع سهولة الهجرة إلى بريطانيا والعمل فيها، اكتسبت البلاد سمعة مجتمع مضياف منفتح على الآخرين. غير أن رفض غالبية من البريطانيين لأوروبا في استفتاء تاريخي، وجه رسالة مقلقة بهذا الصدد، مع إمكانية تشديد الرقابة على الحدود، ولا سيما بعد الخروج من السوق الموحدة.
وأوضح مات شيكنر مؤسس "أسبوع الإعلانات" والمدير العام لهذه التظاهرة، أن "بريكست يشكل جرحا ذاتيا، لأنه يضر بصورة الانفتاح. وبالتالي، فإن توجيه رسالة مفادها أن بريطانيا منفتحة على الأعمال يرتدي أهمية فائقة".
وتابع "ما يجعل الثقافة البريطانية فريدة سيبقى على ما هو. وبذلك أعني الموسيقى والموضة والتلفزيون والأفلام والمحتويات الإبداعية، كل هذا ليس في خطر فعلي. لكن بالنسبة للسياحة، وبصورة عامة الأعمال التي توظف مواهب شابة، ثمة خطر بأن تعتبر البلاد بعد الآن مكانا غير مضياف كثيرا".
ونظم شيكنر النيويوركي هذا الأسبوع النسخة الخامسة لـ"أسبوع الإعلانات" في لندن، وهي تظاهرة خاصة بالعاملين في مجال الإعلانات تتضمن سلسلة من المحاضرات واللقاءات، ولدت في نيويورك عام 2004، ولقيت انتشارا فباتت تنظم في لندن وكذلك في طوكيو وقريبا في مكسيكو وسيدني أيضا.
واحتشد نحو 40 ألفا من العاملين في هذا القطاع لحضور التظاهرة التي استمرت أربعة أيام في حي سوهو، ولا يمكن العثور على الكثير من مؤيدي بريكست بين هؤلاء المشاركين المعروفين عالميا، ومعظمهم شبان.
وقالت ميلاني ريد من وكالة "إيسوب" للإعلانات مبدية أسفها "إنها آلية أنانية بشكل أساسي"، لكنهم يرون بمعظمهم أنه من الممكن إنقاذ "علامة بريطانيا" وصورة البلاد الإيجابية، بشرط توخي الصراحة.
وذكر مات دونيغان مدير وكالة "سوشل سيركل" للتسويق أنه ينبغي التركيز مجددا على نقاط قوتنا، مثل قدراتنا على صعيد الإبداع الثقافي، مشددا على وجوب أن تستمر البلاد في اجتذاب أفضل ما في الثقافات الأجنبية.
كما يتحتم التشديد أيضا على تنوع الآراء داخل المملكة المتحدة، حتى لا تظهر البلاد أقرب إلى كتلة هرمة منطوية على ذاتها، ويعمل ريتشارد ستيبلهورست الثلاثيني الشائب الشعر والمتقد العينين، في وكالة "لاتيمير"، حيث يتولى مسائل التزامات الشباب الذي صوت بغالبيته الكبرى لمصلحة البقاء في الاتحاد الأوروبي.
وهو يبقى رغم كل شيء متفائلا، ويوضح أنه حتى لو أن القوانين الجديدة التي ستصدر في سياق "بريكست" ستحد من حرية الحركة نحو بريطانيا، "ثمة كثيرون سيصرون على أن نبقى منفتحين، وسينشطون على شبكات التواصل الاجتماعي ليقولوا كل هذا ليس عادلا، وسنبقى مضيافين".
وسيشكل ذلك ثقلا موازنا قد يساعد في الحفاظ على صورة البلاد في الخارج بمعزل عن التقلبات السياسية، وأكد ليام فوكس وزير التجارة الدولية أن البريطانيين بطبيعتهم يتطلعون إلى الأفق، مقللا من شأن المخاوف بأن يتحول البريطانيون إلى شعب منغلق على نفسه يتخوف من الخارج.
وترتدي صورة بريطانيا أهمية جوهرية بالنسبة لهذا البلد الجزيرة الذي يعد 65 مليون نسمة، والذي سيقطع الجسور بعد عامين مع الكتلة القارية المكونة من 500 مليون نسمة، ما يحتم عليه إقناع العالم بقدرته على الخروج منتصرا من رحلته المنفردة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- خليجية