FINANCIAL TIMES

صناعة الساعات التقليدية تتجاوز خوفها من الساعة الذكية

صناعة الساعات التقليدية تتجاوز خوفها من الساعة الذكية

مع رأسه الحليق، وقميصه الأسود وتفاؤله الذي لا هوادة فيه، يبدو جان كلود بيفيه كما لو أنه يمتلك شركة تكنولوجيا ناشئة أمريكية على الساحل الغربي. في الواقع، بيفيه هو في طليعة رد فعل صناعة الساعات السويسرية على الساعات الذكية المدعومة بالتكنولوجيا، التي يعتقد التنفيذيون في الصناعة أنها لم تعد تشكل تهديدا وجوديا من النوع الذي كانوا يخشونه في الماضي.
هذا الأسبوع دافع بيفيه، رئيس "تاج هوير" والقسم الأوسع للساعات الفاخرة لدى LVMH، بحماس عن صناعة الساعات التقليدية في "بازل ويرلد" Baselworld، معرض شركات صناعة الساعات السويسرية على الحدود السويسرية مع فرنسا وألمانيا، الذي يمتد عمره إلى 100 عام.
يقول بيفيه عن منافسيه في مجال الإلكترونيات الاستهلاكية "لا أريد انتقاد هؤلاء الناس. أعتقد أنهم يبيعون التكنولوجيا فقط، هذا ليس كافيا، لأن الناس يريدون العواطف ويريدون الأحلام على المعصم".
لا تزال صناعة الساعات السويسرية عالقة في انكماش حاد. انخفضت الصادرات 10 في المائة تقريبا في العام الماضي، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى اقتصاد عالمي متعثر، وتكدس المخزون في هونج كونج، وتشديد القبضة على "إهداء" الساعات الفاخرة في الصين.
لكن على نحو مهم تماما بالنسبة إلى هذه الصناعة، لا يتم إلقاء اللوم في انخفاض المبيعات على التحول الهيكلي في السوق نحو الساعات الذكية، من النوع الذي توقعه بعض المحللين. في الواقع ينظر صناع الأجهزة القابلة للارتداء الآن بقلق إلى مبيعاتهم في سوق الأجهزة المتصلة التي لم تقلع بالسرعة التي كانت متوقعة.
عزز معرض "بازل ويرلد" هذا العام القناعة بين شركات صناعة الساعات السويسرية بأن المنافسين في مجال الإلكترونيات الاستهلاكية ليسوا أكبر تهديد لهم، بل ربما يساعدون على إحداث انتعاش الطلب على الساعات الميكانيكية الدقيقة.
عندما تم إطلاق ساعة أبل الذكية "أبل واتش" لأول مرة، أحدثت انقساما بين المراقبين في الصناعة السويسرية التي تمثل 95 في المائة من تجارة التجزئة للساعات التي تزيد أسعارها على ألف فرنك سويسري "ألف دولار".
يقول بنجامين بيرجهاوس، المختص في الصناعة الفاخرة في جامعة سانت جالن "قبل ثلاث سنوات، لم يكن على "أبل" أن تدفع ثمن حصولها على مكان للعرض "في بازل ويرلد" وكانوا حديث المدينة".
كان السيناريو الأسوأ هو أن تهدد شركة آسيوية أو أمريكية تعمل في مجال الإلكترونيات أو في أيقونات اللياقة البدنية بإيقاع حالة مماثلة من الاحتضار بالنسبة إلى المصنعين السويسريين كالتي حدثت مع وصول ساعات الكوارتز اليابانية في السبعينيات.
لم يحدث ذلك، بل تراجعت مبيعات الساعات الذكية في العام الماضي - انخفضت الوحدات التي تم شحنها 51.6 في المائة في الربع الثالث مقارنة بالفترة نفسها عام 2015، وفقا لمؤسسة بيانات السوق IDC. أما التكنولوجيا القابلة للارتداء، مثل فيتبيت وجوبون، فهي تعاني المتاعب.
يقول فرانسوا ثيبو، رئيس "تيسو"، "كانت الساعات الذكية مثيرة جدا للاهتمام بالنسبة إلى الأشخاص الذين يمارسون الرياضة". لكن ساعات المعصم منتجات مثيرة للعاطفة. "الساعة الأولى التي تلقيتها في حياتك، لن تنساها أبدا. أنت لا تحتفظ في العادة بأول ساعة ذكية تحصل عليها".
ويتساءل بيفيه "ما الذي يجعلك تضع جهاز كمبيوتر على جسمك"؟
نيك هايك، الرئيس التنفيذي لمجموعة سواتش، قال لصحافيين الأسبوع الماضي "إن الساعات السويسرية تعني شيئا للأجيال الماضية، بينما بعض المنتجات الجديدة لها دورات حياة لمدة ستة أو 12 شهرا فقط، ثم يتعين على المورد شطب استثماراته".
لكن صناع الساعات لا يزالون يدركون الحاجة إلى جلب عناصر من هذه السوق إلى منتجاتهم. وأطلقت تاج هوير ساعة متصلة بالإنترنت قبيل معرض بازل ويرلد. وهذا الشهر كشفت "سواتش" ـ المالكة لعلامات تجارية مثل أوميجا وتيسو، فضلا عما يسمى ساعات السوق العامة التي تحمل اسمها ـ أنها تعمل على تطوير نظام تشغيل بهدف منافسة نظام iOS التابع لـ "أبل" ونظام أندرويد التابع لـ "جوجل". وهذا من شأنه تمكين "النظام البيئي" الخاص بها للمنتجات المصغرة.
بدلا من كونها تشكل تهديدا، يمكن للساعات الذكية أن تعزز الطلب على الساعات الميكانيكية باهظة الثمن، كما تأمل الصناعة. يقول ثيبو، من تيسو "كثير من الشباب لا يرتدون ساعة – فهم يقضون أوقاتهم على هواتفهم المحمولة أو أجهزة الكمبيوتر اللوحية. ربما تجعلهم "الساعة الذكية" يتقبلون فكرة ارتداء شيء على معصمهم".
ويعلق أحد التنفيذيين في صناعة الساعات "ينمو الشباب ويتوجهون نحو التهرب من الضرائب والسلع الفاخرة".
ويصر هايك أيضا على أن أجهزة سواتش المتصلة "يجب أن تبقى ساعة. نحن لا نريد أن نكون جزءا من صناعة الإلكترونيات الاستهلاكية".
هذا الشعور ترددت أصداؤه لدى الشركات المنافسة القادمة من قطاع الإلكترونيات. يحذر هيروشي ناكامورا، نائب الرئيس التنفيذي في شركة كاسيو اليابانية، من أن شركات صناعة الساعات التقليدية ليس لديها الخلفية التكنولوجية اللازمة ويقول "بالنسبة إلى الشركات الصانعة السويسرية استحداث ساعات ذكية يكاد يكون من المستحيل".
وتباع الساعات الميكانيكية السويسرية الجميلة على أنها نوع من الحُلي تعتز بها الأجيال. يقول رينيه ويبر، المحلل في شركة فونتوبل "في النهاية، ليست المسألة مشكلة على الإطلاق – فهم يشعرون بالإهانة إذا قارنتَ منتجاتهم بساعة "أبل". شخصيا، لست في حاجة إلى صندوق البريد الإلكتروني الخاص بي على معصمي".
يقول دفيد تراكسلر، الرئيس التنفيذي لشركة كوروم المصنعة للساعات السويسرية الفاخرة، التي كان من ضمن زبائنها الرئيسان الأمريكيان، ريتشارد نيكسون وجورج بوش الأب، "إن الساعات في أغلب الأحيان هي عنصر الحُلي الوحيد الذي يسمح الرجال لأنفسهم بارتدائه". ويضيف "بل إني أذهب إلى حد القول إن "الزبائن" لا يهتمون حقا إذا لم يتمكنوا من قراءة الوقت".
هذا لا يعني أن هناك انتعاشا وشيكا في صناعة الساعات السويسرية. ويرى محللون أن مصادر القلق الجيوسياسية وتلك الناشئة عن عوامل اللبس الاقتصادية – إلى جانب التغير في أذواق الزبائن – سيعمل بالتأكيد على إضعاف المبيعات في 2017. يقول بيرجهاوس "الآن نحن نشعر بالقلق لأسباب أخرى – لكن ليس بسبب الساعات الرقمية".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES