Author

المدن .. والتكيف مع التحولات الاقتصادية

|

إن النظم الاقتصادية المبتدئة آخذة في الظهور في المناطق الحضرية في جميع أنحاء العالم. واليوم، يستحدث المشروع المبتدئ القائم على التكنولوجيا نموذجا أوليا يقوم بوظائفه، ولا يحتاج في ذلك إلا إلى نحو ثلاثة آلاف دولار وستة أسابيع من العمل ووصلة إنترنت.
ولا يسعى رواد الأعمال إلى توجيه استثمارات كبيرة في الأجهزة أو المساحات المكتبية. بدلا من ذلك، فإنهم يبحثون عن الوصول إلى شبكات المتخصصين، والموجهين، والتعلم متعدد التخصصات، والمواهب المتنوعة. وتعد المدن الوجهة الأنسب لتلبية احتياجاتهم، إذ توفر التنوع وتتيح التفاعل والتعاون المستمرين. ومن ثم، فإن التحول الذي أحدثه ما يعرف باسم "الثورة الصناعية الرابعة" يجعل المدن الأرض الجديدة للابتكار المؤدي إلى النمو.
ويمكن تطبيق نموذج الابتكار الحضري في المدن في البلدان المتقدمة والبلدان النامية على حد سواء. وتدفع الاتجاهات نفسها تحضر النظم الاقتصادية للابتكار المؤدي إلى النمو في مدينة نيويورك ولندن وستوكهولم ومومباي وبوينس آيرس ونيروبي. ويتيح هذا الأمر فرصة كبيرة للبلدان النامية لإقامة نظم اقتصادية للابتكار في المدن، وإيجاد مجتمعات لرواد الأعمال لتعزيز استحداث قطاعات وأنشطة أعمال جديدة.
لكن في حين طورت بعض المدن أنظمة اقتصادية للابتكار المؤدي إلى النمو، فإن رعاية نظام اقتصادي مستدام قابل للتوسع عادة ما تتطلب عملا دؤوبا. علاوة على ذلك، فليس كل المدن تقيم نظمها الاقتصادية للابتكار بالوتيرة نفسها. ومن أجل دعم نظام اقتصادي للابتكار على المستوى المحلي وزيادة سرعة نموه، يمكن للمدن أن تعزز التعاون عن طريق المساحات الإبداعية، وشبكات الدعم، في حين تستضيف أيضا مسابقات لحل المشكلات المحلية.
وتعزز المدن بقوة التعاون بين رواد الأعمال عن طريق تطوير مساحات إبداعية - بما في ذلك مراكز الابتكار، ومناطق للصناع، والمختبرات الحضرية - وكذلك شبكات الحاضنات والمعجلات. ويعد برنامج "نوما" في باريس، ومركز "فاب لاب" في برشلونة، ومركز "آي. إف "iF في سنتياجو من الأمثلة الجيدة في هذا الشأن. إضافة إلى ذلك، فإنه باستضافة المدن مسابقات تهدف إلى دمج التكنولوجيا في حياة المدن، يمكنها الاستفادة من المجتمعات المحلية لرواد الأعمال في حل القضايا التي تؤثر في بيئتهم المدنية.
ويمكن لهذه السياسات أن تزيد حجم النظم الاقتصادية المبتدئة، وأن تساعد على ربط المجتمعات المحلية على المستويين المحلي والعالمي. وعلى نحو ما توضح حالة مدينة نيويورك، يمكن للمدن التي تفتح مجتمعاتها المحلية المبتدئة وتربط فيما بينها أن تجذب المزيد من المواهب وأن تعزز قدراتها التنافسية.
إن مجرد تطوير هذه النظم الاقتصادية للابتكار ليس كافيا. فهناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات أخرى لدعم تحويل الأفكار والمشروعات المبتدئة إلى مشروعات تتوافر لها مقومات الاستمرار.

إنشرها