Author

محاصرة «الإسلاموفوبيا» في الشرق

|

من المكاسب التي حققتها زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لدول الشرق، مجموعة الرسائل التي أرسلها ضد حملات الكراهية التي يقوم بها أنصار الإسلاموفوبيا في الغرب ضد الإسلام ويلصقون بالإسلام صفة الإرهاب.
ولقد أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان في زياراته لليابان والصين - على وجه التحديد - أن الإسلام دين السلام ونشر ثقافة التسامح بين المجتمعات كافة في كل أنحاء العالم، والمملكة، وهي تحتضن الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، من أكثر الدول التي تعاني الإرهاب الذي يستهدف أمنها واستقرارها. ولذلك لا معنى لحملات الكراهية التي يشنها الغرب ضد الإسلام، ولا معنى لسياسة التمييز العنصري التي تمارسها الحكومات الغربية ضد المسلمين في بلاد الغرب.
والمملكة العربية السعودية، وهي تحتضن المقدسات الإسلامية، هي التي أسست مركز الملك عبد الله للحوار بين الديانات والثقافات في قلب أوروبا في العاصمة النمساوية فيينا، ويحمل المركز رسائل ضد أنصار الكراهية وصدام الحضارات، ويهدف إلى نشر القيم الإنسانية وتعزيز التسامح، والسعي إلى تحقيق الأمن والسلم والاستقرار لشعوب العالم أجمع، كذلك يهدف المركز إلى احترام الاختلاف بين أتباع الديانات، ويشجع على التوافق بين الجماعات، ويقدم الإسلام الوسطى في صورته السلمية العادلة.
إن أهم أهداف مركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين الديانات والثقافات هو وقف الإساءات التي طالت الأديان السماوية ورموزها، خاصة شحنات الكراهية التي صدرت عن الإسلاموفوبيا وممارسة التمييز العنصري ضد المسلمين في الغرب، كذلك يسعى المركز إلى وضع منظومة أخلاقية وإنسانية مشتركة تدعم أواصر الأسرة الدولية وتحمي الموروثات الحضارية والمصالح المشتركة لمصلحة عالم يسوده احترام الأديان وتعزيز القيم الإنسانية والحرص على التعايش السلمي المشترك.
ويسعى المركز إلى إصدار قرارات من المنظمات الدولية بتجريم المساس بالمقدسات ورفض كل المبررات القائلة إن التجرؤ على الأديان هو من باب حرية الرأي، وإنما على عكس ذلك فإن التجرؤ على الأديان ورموزها يجب اعتباره اعتداء على حقوق الإنسان وحقوق البشرية جمعاء، ويعد مركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين الديانات والثقافات هو الرد العملي المعتدل ضد أصحاب نظرية الإسلاموفوبيا وصدام الحضارات، خاصة ضد برنارد لويس وصديقه صامويل هانتجتون اللذين بشرا بنظرية صدام الحضارات، وطلبا من الزعامات الغربية شن حرب صليبية واسعة الأرجاء ضد الإسلام والمسلمين في كل أنحاء الكرة الأرضية.
يقول برنارد لويس زعيم حملات الكراهية ضد الإسلام والمسلمين إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون، لا يمكن تحضرهم، وإذا تركوا فسوف يفاجئون العالم الغربي المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمر الحضارات وتقوض المجتمعات، ولذلك يرى لويس أن الحل السليم للتعامل مع دول العالم الإسلامي هو إعادة احتلالهم واستعمارهم وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية، وطالب أمريكا بأن تقوم بهذا الدور وأن تستفيد من التجربتين البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة لتجنب الأخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتان البريطانية والفرنسية. ويمضي لويس موجها تعليماته للإدارة الأمريكية بقوله: إن من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية، ولا داعي لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود الأفعال عندهم، ويجب أن يكون شعار أمريكا في ذلك إما أن نضعهم تحت سيادتنا وإما نضيعهم ونبعثرهم، ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية. ويمضي لويس قائلا: لا مانع أن تقوم أمريكا بالضغط على قياداتهم الإسلامية ــ دون مجاملة ولا لين ولا هوادة ــ ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الإسلامية الفاسدة. كذلك يرى لويس ضرورة تضييق الخناق على هذه الشعوب ومحاصرتها، واستثمار التناقضات العرقية والعصبيات القبلية والطائفية فيها، ويطالب لويس بتسهيل تفكيك الدول العربية والإسلامية، ودفع الأتراك والأكراد والعرب والفلسطينيين والإيرانيين ليقاتل بعضهم بعضا، وضرب لويس المثل بما فعلته أمريكا مع الهنود الحمر في القارة الأمريكية الحمراء.
ولم يكتف لويس بالدعوة إلى تدمير الإسلام والمسلمين بل يتمادى في حقده ويقدم "روشتة" إلى الغرب لتقطيع دول العالم الإسلامي، ومنها تفكيك دول المغرب العربي وإحلال دولة البربر محلها، وإلغاء كيانات دول الخليج وتأسيس دويلات طائفية شيعية وسنية محلها، وكذلك تقطيع العراق إلى ثلاث دويلات سنية وشيعية وكردية، ثم تقسيم سورية إلى دويلات عرقية وإلغاء الوجود الفلسطيني من الخريطة تماما من أجل عيون إسرائيل، حتى لبنان المقسم الذي وقع فريسة تفتيت غربي سابق على يد سايس ورفيقه بيكو لم يسلم من تقسيمات لويس، فقد طرح لويس فكرة تقسيم لبنان إلى ثمانية كانتونات عرقية ومذهبية ودينية، وكذلك طال لويس إيران وأفغانستان وأوزبكستان وباكستان وفتتها إلى دويلات عرقية ومذهبية ودينية.
وفى إطار حربه على الإسلام أطلق لويس في عام 1990 مصطلح "صراع الحضارات"، وقام الأكاديمي صامويل هانتجتون ــ مع الأسف ــ باستخدام المصطلح في كتاب أصدره بعنوان صدام الحضارات The Crash of Civilizations.
إن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الموفقة إلى دول الشرق حملت معها الدعوة إلى تضافر جهود كل الدول لمحاربة الإرهاب وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام، والرد بموضوعية وشفافية على حملات الكراهية التي يمارسها العنصريون باسم الإسلاموفوبيا ضد المسلمين المسالمين في بلاد الغرب.

إنشرها