الطاقة- النفط

محللون: السعودية توازن بين خفض الإنتاج النفطي وحماية الحصص السوقية

محللون: السعودية توازن بين خفض الإنتاج النفطي وحماية الحصص السوقية

أشاد محللون بالسياسات النفطية السعودية المتوازنة التي حافظت على مستوى الإمدادات عند عشرة ملايين برميل يوميا على الرغم من الالتزام الكامل بتنفيذ حصة خفض الإنتاج وفق اتفاق فيينا الذي جمع دول أوبك والمنتجين المستقلين، مشيرين إلى احتفاظ السعودية الشهر الماضي بصدارة مصدري النفط إلى الصين وحماية حصصها السوقية في إطار منافسة شرسة يقودها الإنتاج الأمريكي الذي تسبب في إضعاف تأثيرات اتفاق خفض الإنتاج نسبيا.
في المقابل، كشفت وكالة بلاتس الدولية لمعلومات الطاقة أن منطقة الشرق الأوسط أصبحت أحد أهم مراكز الطلب على الغاز المسال وأن هذا الطلب ينمو بشكل مطرد ومستدام وذلك على عكس ما كان معروفا عن المنطقة في السابق من كونها مصدرا للصادرات من الغاز المسال وبالتحديد من قطر.
وأضافت وكالة بلاتس – في أحدث تقاريرها – أن الكويت والإمارات ودولا أخرى استوردت في عام 2014 نحو 6.1 مليار قدم مكعبة من الغاز، وفي عام 2016 بلغت واردات المنطقة 24.5 مليار قدم مكعبة، بنمو يبلغ أربعة أضعاف، وذلك بسبب زيادة الشحنات إلى المستوردين التقليديين وصعود الوافدين الجدد من المنتجين إلى السوق، مشيرة إلى أن بعض بلدان المنطقة ستصبح مقاصد استيراد رئيسية في السنوات القليلة المقبلة.
إلى ذلك، قال لـ "الاقتصادية"، الدكتور فيليب ديبيش رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة، "إن كبار المنتجين في "أوبك" على رأسهم السعودية يحاولون تحقيق التوازن بين الالتزام باتفاق خفض الإنتاج وبين الحفاظ على وجودهم القوي في عديد من الأسواق الرئيسية خاصة في وسط آسيا، ولذا كان من الطبيعي أن نجد السعودية تحافظ على مركزها كأكبر المصدرين إلى أسواق الصين وفق إحصائيات الشهر الماضي، وذلك على الرغم من تنفيذها لخفض أكبر من الحصة المقررة لها في اتفاق خفض الإنتاج.
وأضاف ديبيش أن "سعر النفط الخام يخوض صراعا قويا وصعبا مع حجم المخزونات الذي يشهد ارتفاعا متواليا وتسجيل مستويات قياسية غير مسبوقة، ما دفع أسعار النفط الخام إلى أدنى مستوى في أربعة أشهر"، متوقعا أن يعمل المنتجون حثيثا في الأشهر المتبقية من اتفاق خفض الإنتاج على إنقاذ فاعليته ودفعه إلى مقاومة ضغوط العوامل السلبية، ومن أبرز الخيارات المطروحة في هذا الصدد تمديد العمل بالاتفاقية إلى ستة أشهر جديدة.
من جانبه، أوضح لـ "الاقتصادية"، أندرياس جيني مدير شركة "ماكسويل كوانت" للخدمات النفطية، أن عودة الأسعار المنخفضة إلى النفط ستزيد الأعباء مجددا على موازنات الدول المنتجة وعلى الاستثمارات، مشيرا إلى أن هذه الحالة ستستمر ما دامت وفرة الموارد طاغية على السوق ولحين تعافي الطلب إلى المستويات التي تحقق التوازن المطلوب.
ونوه جيني بأن اقتصاديات الدول المنتجة يجب ألا تحيد أبدا عن خطط التنوع الاقتصادي مع العمل على تقليل الاعتماد على النفط الخام إلى جانب زيادة الكفاءة في الإنتاج والتشغيل، مشيرا إلى أن الناتج القومي في أغلب الدول العربية تراجع بنحو 10 في المائة في العام الماضي بسبب تراجع أسعار النفط، كما أن صندوق النقد الدولي حث عددا من دول "أوبك" على سرعة إجراء إصلاحات مالية وهيكلية وضرورة جذب الاستثمار الأجنبي للتغلب على ظروف سوق الطاقة في السنوات الأخيرة.
من ناحيته، يقول للـ "الاقتصادية"، لويس ديل باريو المحلل في مجموعة بوسطن المالية في إسبانيا، "إن بعض دول "أوبك" المعفاة من اتفاق خفض الإنتاج تسارع في زيادة إنتاجها للتغلب على الصعوبات الاقتصادية خاصة ليبيا التي أعلنت أنها ستعود إلى إنتاج مليون برميل يوميا بحلول آب (أغسطس) المقبل مقابل 600 ألف برميل حاليا، ما سيعزز حالة تخمة المعروض الحادة في الأسواق الناتجة في الأساس عن نشاط الإنتاج الأمريكي مجددا".
وأضاف باريو أن "الإنتاج السعودي - رغم الوفاء بكامل حصص الخفض وفق الاتفاق بين "أوبك" والمستقلين – إلا أنه على الأرجح سيستقر عند مستوى نحو عشرة ملايين برميل يوميا حيث سيحقق التوازن بين تقليص المعروض والحفاظ على الحصص السوقية"، لافتا إلى أن التخفيضات الكبيرة لدول "أوبك" قد لا تحقق النتائج المرجوة منها في تعافي الأسعار حيث ستستفيد من ذلك بشكل أساسي شركات النفط الصخري الأمريكي.
وكانت أسعار النفط الخام قد مالت أمس إلى الارتفاع على استحياء في الأسواق الدولية بعد موجة انخفاضات حادة سابقة لكن السوق ما زالت تحت وطأة ارتفاع المخزونات النفطية إلى مستويات قياسية واستمرار تزايد أنشطة الحفر وتدفق الإنتاج الأمريكي، ما عزز حالة تخمة المعروض وجدد المخاوف من تباطؤ الوصول إلى حالة التوازن المنشودة.
وكان شهر كانون الثاني (يناير) الماضي قد شهد أعلى حالات التفاؤل بتعافي السوق وذلك عقب بدء دول "أوبك" التعاون مع المنتجين المستقلين في تطبيق اتفاق خفض الإنتاج الذي يقلص المعروض النفطي العالمي بنحو 1.8 مليون برميل يوميا إلا أن الأسعار بعد أن بلغت نحو 58 دولارا للبرميل عادت مرة أخرى إلى الإنخفاض بسبب غزارة الإنتاج الأمريكي وزيادة إنتاج دول أوبك المعفاة من الاتفاقية، ما دفع المخزونات النفطية إلى تسجيل مستويات جديدة من الارتفاعات القياسية.
وتدور التساؤلات في السوق حاليا حول مدى قدرة دول "أوبك" والمنتجين المستقلين خاصة روسيا على إعادة الزخم إلى الاتفاق واستعادة التأثيرات الإيجابية الواسعة التي حققها في يناير الماضي وذلك قبل 24 ساعة من انطلاق الاجتماع الثاني للوزراء الخمسة أعضاء لجنة مراقبة اتفاق خفض الإنتاج في الكويت برئاسة عصام المرزوق وزير النفط الكويتي ونظيره الروسي ألكسندر نوفاك.
وارتفعت أسعار النفط من أدنى مستوياتها في أربعة أشهر أمس لكن التعافي يتسم بالحذر في ظل قلق المستثمرين من أن تخفيضات المعروض التي تقودها "أوبك" لم تنجح حتى الآن في تقليص مخزونات الخام الأمريكية المرتفعة عند مستويات قياسية.
وبحسب "رويترز"، فقد سجل خام القياس العالمي برنت 50.84 دولار للبرميل بزيادة 20 سنتا عن الإغلاق السابق ومنتعشا من 49.71 دولار المسجل أمس الأول وهو أقل سعر منذ 30 تشرين الثاني (نوفمبر) عندما أعلنت "أوبك" خطط خفض الإنتاج.
وزاد الخام الأمريكي الخفيف 20 سنتا إلى 48.24 دولار، لكن برنت ما زال دون أعلى مستوى للعام فوق 58 دولارا الذي سجله بعد فترة وجيزة من أول كانون الثاني (يناير) عندما بدأ تنفيذ اتفاق منظمة البلدان المصدرة للبترول والمنتجين غير الأعضاء في "أوبك" على خفض الإمدادات 1.8 مليون برميل يوميا.
واستمر ارتفاع المخزونات العالمية منذ ذلك الحين، وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية قفزة فاقت التوقعات بمخزونات الولايات المتحدة بلغت خمسة ملايين برميل الأسبوع الماضي لتصل إلى 533.1 مليون برميل.
ارتفعت مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة بشكل حاد الأسبوع الماضي، مع زيادة إنتاج المصافي، بينما تراجعت مخزونات البنزين ونواتج التقطير.
وبحسب "رويترز"، فقد أفادت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أمس أن مخزونات الخام زادت خمسة ملايين برميل في الأسبوع الماضي، مقارنة بتوقعات المحللين لزيادة قدرها 2.8 مليون برميل.
وارتفعت واردات الولايات المتحدة من النفط الخام الأسبوع الماضي بواقع 1.069 مليون برميل يوميا، وقالت إدارة معلومات الطاقة "إن مخزونات الخام في مركز التسليم في كاشينج في ولاية أوكلاهوما زادت 1.419 مليون برميل".
وارتفع استهلاك الخام في مصافي التكرير 329 ألف برميل يوميا، وزاد معدل تشغيل المصافي 2.3 نقطة مئوية، وهبطت مخزونات البنزين 2.8 مليون برميل، في حين توقع محللون انخفاضا يبلغ مليوني برميل.
وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة أن مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، تراجعت 1.9 مليون برميل، بينما كانت التوقعات تشير إلى انخفاضها بواقع 1.4 مليون برميل.
وكان المعهد الأمريكي للبترول قد أعلن أن مخزونات النفط في الولايات المتحدة ارتفعت 4.5 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في السابع عشر من آذار (مارس)، بينما أشارت توقعات مسح "بلاتس" إلى ارتفاع قدره مليونا برميل.
وعلى النقيض، تراجعت مخزونات البنزين 4.9 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي، في حين هبطت مخزونات نواتج التقطير – التي تشمل وقود التدفئة والديزل – 833 ألف برميل.
وزادت الشركات الأمريكية عدد حفارات النفط للأسبوع التاسع على التوالي ليستمر تعاف من المتوقع أن يعزز الإنتاج الصخري بأكبر قدر على مدى ستة أشهر في نيسان (أبريل).
وقالت "بيكر هيوز" لخدمات الطاقة "إن الشركات أضافت 14 حفارة نفطية في الأسبوع المنتهي 17 آذار (مارس) ليصل العدد الإجمالي إلى 631 وهو أعلى مستوى منذ أيلول (سبتمبر) 2015، وكان عدد حفارات النفط العاملة في الأسبوع المماثل قبل عام 387.
وهوى عدد الحفارات وفقا لتقارير "بيكر هيوز" من مستوى قياسي مرتفع بلغ 1609 في تشرين الأول (أكتوبر) 2014 إلى أدنى مستوى في ست سنوات عند 316 في أيار (مايو) 2016 مع انهيار سعر الخام الأمريكي من أكثر من 107 دولارات للبرميل في حزيران (يونيو) 2014 إلى نحو 26 دولارا في شباط (فبراير) 2016.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط