ثقافة وفنون

مثقفون: تصوير الرواية سينمائيا يقتل الخيال

مثقفون: تصوير الرواية سينمائيا يقتل الخيال

مثقفون: تصوير الرواية سينمائيا يقتل الخيال

مثقفون: تصوير الرواية سينمائيا يقتل الخيال

يلحظ المتابع للشأن السينمائي والدرامي سطوة روائية جسدتها كاميرات المنتجين، التي اتجهت لتحويل عديد من الأعمال الأدبية والروائية إلى أعمال درامية، مسلسلات أو أفلام سينمائية.
فالمسلسل البريطاني الدرامي الشهير Game of thrones "صراع العروش" على سبيل المثال، وجدت روايته بنسختها العربية في معرض الرياض الدولي للكتاب 2017، و"شيفرة دافينشي" كذلك، التي جسد فيها الممثل الأمريكي توم هانكس دور البطولة، وأثارت اهتماما كبيرا على مستوى الفن الروائي للحد الذي ترجمت فيه إلى لغات عدة، أما رواية "العطر" لكاتبها باتريك زوسكيند، وأخرجها توم تايكور، وبطولة بن ويشا، آلان ريكمان، ريتشيل هيرد وود وداستين هوفمان، فقد ملأت الدنيا وشغلت الناس قبل أن تتجسد على شاشات السينما.
رواية "الحب في زمن الكوليرا"، لكاتبها الشهير جابرييل جارسيا ماركيز، عندما عُرضت على شاشات السينما امتعض منها الجميع بمن فيهم "جابو" نفسه، ونال الفيلم تقييما سيئا من النقاد والجمهور على حد سواء.
وعلى المستوى المحلي، تبرز لنا رواية "أبو شلاخ البرمائي" للوزير الراحل غازي القصيبي، التي أداها الممثل فايز المالكي في مسلسله الذي حمل الاسم ذاته؛ لكنها لم تنل رضا القصيبي كاتب الرواية.
في معرض الرياض الدولي للكتاب 2017 استقصت "الاقتصادية" آراء النقاد ومندوبي دور النشر، وطرح سؤال مفاده: من يسوق للثاني أكثر: الرواية تسوّق للعمل الفني عندما يتم تحويلها إلى عمل فني؟ أم أن العمل الفني يسوّق للرواية عندما يتم تجسيدها في عمل درامي أو سينمائي؟
وهل ينقصان من قيمة أحدهما عندما يتحدان في عمل فني يعرض على محطات التلفزيون وشاشات السينما؟
علاقة تكاملية
بداية، يقول أستاذ النقد والنظرية ورئيس قسم اللغة العربية في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عادل خميس: "نحن النقاد نرى أن علاقة النص الأدبي بالعمل السينمائي هي علاقة تكاملية، وكل منهما فنان يكمل الآخر، والتاريخ يقول إن العمل الفني العظيم وراءه مخطوط أدبي أعظم".
وتابع: "من الأعمال التي جاءت بنتيجة غير مرضية وسيئة هو مسلسل "أبو شلاخ البرمائي" والمقتبس عن رواية "أبو شلاخ البرمائي"، لغازي القصيبي - رحمه الله - إذ لم يكن هناك خبير يساعد في فهم الرسائل الرمزية داخل الرواية، حيث إن القيمة الأساسية للعمل تكمن في نقل الأدب من الثقافة النخبوية إلى الثقافة الشعبية".
وأضاف: "أميل عن نفسي إلى قراءة الكتاب الأدبي؛ لأن نظرة الكاتب أشمل قد لا يصورها المخرج بطريقته".

لا تشابه
لكن المشرف على جناح دار "ضفاف" بشار شبارو يرى رأيا آخر، إذ يقول: "ليس هنالك خلاف بأن العمل السينمائي قد يسوق ويشهر الرواية بشكل كبير عن طريق الإعلانات وغيرها، لكن الرواية هي الخطوة الأولى وهي الأساس والقاعدة في أي عمل فني".وتابع: "العمل الفني لا يشبه تماما نص الرواية، فبعض المخرجين قد ينقص من الأحداث أو يزيد بحسب نظرته الإخراجية، لذلك العمل الروائي هو فن نصي متماسك ومختلف له جمهوره الخاص به".
من جانبه، إيهاب القيسي من دار المدى يحلل العلاقة بين الرواية والعمل الفني حين يقول: "العمل الفني، سواء كان دراميا أو سينمائيا، يسوّق للرواية لكنه يضعف من قيمتها الفنية، إذ أن العمل الفني من خلال ارتباطه بوسائل الميديا (التلفزيون والسينما والشبكة المعلوماتية في الوقت الحالي) يضمن انتشاره بشكل لم يعد فيه ينتظر الرواية كي تسوق له، ومن خلال مشاهدات كثيرة ألحظ الناس يسألونني عن روايات بعدما جسدت على شاشات التلفزيون والسينما".
وأضاف: "الفيلم دائما ما يظلم الرواية ويقتل خيال القارئ، وهذا الاستنتاج وصلنا إليه عبر ناد للقراءة في العراق، إذ نختار روايات جسدت على شاشات السينما فنقرأ الرواية ونشاهد الفيلم، وغالبا ما نصل إلى النتيجة ذاتها، فكل الخيالات التي جنحت إلى تجسيد مدام بوفاري في ذواتنا هدمها الفيلم، فبعد أن كنا نتخيلها في يوم بأن من ذوات العيون الزرق، وفي اليوم التالي من ذوات العيون الخضر، انتهينا بأن نستحضر الممثلة التي جسدت دورها على شاشات السينما، وأصبحنا نختلف على مدى جمالها بعد أن كان خيالاتنا تتفق على أسطورة جمالها".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون