FINANCIAL TIMES

عقار جديد لعلاج «الأكزيما» يكلف المريض 25 ألف دولار سنويا

عقار جديد لعلاج «الأكزيما» يكلف المريض 25 ألف دولار سنويا

عندما زالت الأكزيما الشديدة التي كان يعانيها مورجان بيرنز منذ أن كان عمره 13 عاما، اعتقد أنه حصل على راحة من الحالة المؤلمة التي رزء بها في طفولته.
يتذكر بيرنز، البالغ من العمر 47 عاما الآن: "لكن في كلية الحقوق عادت بمنتهى القوة وكانت في كل مكان - على اليدين والمرفقين والقدمين والركبتين والظهر. لم ينجُ منها أي جزء من جسمي".
شرع بيرنز، دون جدوى "في بحث استمر 20 عاما" لمعالجة بشرته المتشققة والدامية، حتى حصل في أحد الأيام على مكان في تجربة سريرية لعقار جديد اكتشفته "ريجينيرون"، شركة التكنولوجيا الحيوية التي يوجد مقرها في نيويورك. الدواء، دوبيكسنت، غيّر حياته.
يقول بيرنز، المحامي، الذي كان يحقن نفسه بالعقار كل أسبوع خلال الأشهر الـ 14 الماضية: "على مدى الأسابيع الستة إلى الثمانية التالية، كان هناك تحسّن مستمر حتى أصبحت بشرتي في أحد الأيام نظيفة".
من المُقرر أن تبت إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة فيما إذا كان ينبغي الموافقة على العقار الجديد لحالات الأكزيما المعتدلة إلى الشديدة، أو "التهاب الجلد التحسسي"، في وقت لاحق من هذا الشهر، ويتوقع المحللون مبيعات هائلة لشركة ريجينيرون وشريكتها التجارية، شركة سانوفي الفرنسية لصناعة الأدوية.
إذا مُنح الضوء الأخضر لعقار دوبيكسنت، من المتوقع أن يكون هو إطلاق العقار الأكثر ربحية لهذا العام، مع إيرادات سنوية تبلغ 4.6 مليار دولار بحلول عام 2022، بحسب مجموعة إيفاليوت فارما للأبحاث.
ولا توجد أدوية معتمدة لالتهاب الجلد التحسسي المعتدل أو الشديد، الذي يُصيب نحو 8.5 مليون بالغ في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لذلك يجب على المرضى استخدام كريمات الكورتيزون وغيرها من العلاجات، المشكوك فيها في بعض الأحيان.
عدنان بات، المحلل في "آر بي سي"، يتوقع أن تصل ذروة المبيعات السنوية إلى ستة ملايين دولار، وهو رقم مبني على سعر في حدود 25 ألف دولار لكل مريض سنويا مقابل دواء دوبيكسنت، الذي ربما سيضطر المرضى إلى أخذه مدى الحياة. يقول بات إن ندرة العلاجات البديلة ستجعل من السهل على ريجينيرون وسانوفي فرض مثل هذا السعر.
لكن يعتقد بعض الأطباء أن شركات التأمين وشركات إدارة مصالح الصيدليات - غالبا يُشار إليهم بأنهم "الدافعون" - يُمكن أن تُطالب بتخفيضات حادة، أو تفرض على الأطباء والمرضى إجراء اختبارات مرهقة قبل الموافقة على سداد تكاليف العقار.
يقول الدكتور بيتر باخ، خبير التسعير في مركز ميموريال سلون كيترينج للسرطان: "الدافعون حساسون (...) وسيكونون عدائيين في احتواء الاستخدام".
ويُشير باخ إلى الصعوبة التي واجهت "أمجين" و"رينيجيرون" و"سانوفي" في تأمين سداد قيمة عقاقيرها الجديدة لتخفيض الكولسترول، وهناك مشاكل مماثلة بالنسبة لدواء للقلب أطلقته "نوفارتيس" أخيرا.
الدافعون في الولايات المتحدة، الذين يجدون أنفسهم أمام عوامل اقتصادية مكلفة بسبب السكان كبار السن والأكثر مرضا، كانوا على نحو متزايد يتشددون مع شركات صناعة الأدوية. لقد تشجّعوا بسبب الغضب الشعبي على الأدوية ذات الأسعار الصاعقة، مثل كريم لحب الشباب يبلغ سعره ألف دولار، ودواء للإيدز بسعر 750 دولارا للحبة.
يقول محللون إن إطلاق عقار دوبيكسنت سيكون بمثابة اختبار لقدرة شركات صناعة الأدوية على إقناع المشترين بدفع فاتورة الأدوية الجديدة مرتفعة الأسعار. في مؤشر على أهمية المفاوضات، الرئيس التنفيذي لشركة ريجينيرون، ليونارد شلايفر، يتعامل مع المناقشات شخصيا.
يقول الدكتور شلايفر: "ليست هناك منافسة، لذلك من وجهة نظر السوق سنكون أحرارا في تسعير العقار بسعر مرتفع جدا. لكنني أشعر أننا ينبغي أن نشعر بالمسؤولية، وأن نسعر العقار بشكل مسؤول". في المقابل، يُريد من الدافعين الموافقة على "صفقة كبيرة" بحيث يُسددون تكاليف الدواء للمرضى الذين يحتاجون إليه.
وتقول شركة ريجينيرون إن هناك نحو 300 ألف مريض في الولايات المتحدة لا يسيطرون على حالات التهاب الجلد التحسسي التي يُعانونها، لكن يعتقد بعض المحللين أن العدد يُمكن أن يصل إلى نصف مليون شخص.
قبل تجربة دوبيكسنت، حاول بيرنز كثيرا من العلاجات، بما في ذلك الوقوف في صندوق ضوئي، على غرار سرير قابل للثني، ودهن نفسه بزيت نباتي. ويقول: "هذا يساعد نوعا ما إلى أن تُدرك أن كل ملابسك مُلطّخة".
في الحالات الأكثر خطورة، يستخدم الأطباء حاليا عقاقير سامة تعمل على قمع جهاز المناعة، مثل السيكلوسبورين، المُستخدم مع عمليات زرع الأعضاء، وميثوتريكسات، المرتبط بشكل أكثر شيوعا بعلاج السرطان. ولم يحصل أي من هذين الدواءين على موافقة الأجهزة التنظيمية، ما يعني أن الأطباء يستخدمونهما "دون موافقة".
يقول الدكتور جوناثان سيلفربيرج، اختصاصي الأمراض الجلدية في نورثويسترن ميديسن في شيكاغو، الذي أجرى التجارب السريرية على عقار دوبيكسنت: "جميعها تزيد من خطر العدوى و[السرطان] على طول الطريق، لذلك فهي مرتبطة ببعض الأعباء الكبيرة جدا".
ومن خلال استهداف المسار البيولوجي الذي يُثير التهاب الجلد التحسسي، بإمكان عقار دوبيكسنت السيطرة على الحالة دون قمع أجزاء أخرى من جهاز المناعة، ما يعني أنه أكثر أمانا من عقاقير مثل السيكلوسبورين.
وبحسب سيلفربيرج: "دوبيكسنت قادر على استهداف هذا الالتهاب بصورة محددة تماما، من دون الأضرار الجانبية التي تؤذي أجزاء أخرى من النظام المناعي التي نحتاج إليها لمكافحة الالتهابات".
وخلال المرحلة المتأخرة من التجارب السريرية لدوبيكسنت، شهد المرضى تحسنا عجيبا في حالة الإكزيما، وأبلغوا عن انخفاض ملحوظ في الحكة.
ويُعتقَد أن المسار الذي يستهدفه دوبيكسنت يسبب أيضا عددا من أمراض الحساسية الأخرى. وتختبر ريجينيرون العقار حاليا على أشخاص مصابين بالربو، والحليمات الأنفية، والحساسية تجاه مواد غذائية، وفي الأطفال الذين يعانون التهاب الجلد التحسسي.
وكثير من المرضى الذين يعانون التهاب الجلد التحسسي يعانون أيضا الربو وأمراض حساسية أخرى، وترجو ريجينيرون وسانوفي أن يتمكن دوبيكسنت من المساعدة في السيطرة على حالتين أو أكثر من الأمراض الأخرى. ومن شأن هذا أن يسمح للشركتين بتقديم حجة تقوم على أساس "اثنين بسعر واحد" أثناء التفاوض مع أنظمة الرعاية الصحية التي تعاني نقصا في السيولة.
إلياس زرهوني، رئيس قسم البحث العالمي والتطوير في سانوفي، يشَبِّه النهج المذكور "بإرسال صاروخ متعدد الرؤوس". ويقول: "إذا كان لديك شيء يفعل أمرين معا، فمعنى ذلك أن لديك بالأساس طريقة اقتصادية في إجراء علاجات مشتركة".
ويشدد على أن الدواء يُقصَد منه فقط أن يستخدم مع المرضى الذين لا يوجد لديهم علاج فعال. ويقول: "لا نريد أن يُستخدَم دوبيكسنت مع ملايين المرضى الذين ليسوا بحاجة إليه فعلا. نريد أن يُستخدَم مع آلاف المرضى الذين هم فعلا بحاجة إليه".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES