Author

تناغم بين رؤيتي الرياض وكوالالمبور

|

ستشهد العلاقات السعودية-الماليزية نقلة مهمة في المرحلة المقبلة، لأسباب عديدة، في مقدمتها زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لهذا البلد، التي توفر قوة دافعة لهذه العلاقات، تجلت في توقيع عدد من مذكرات التفاهم في مجالات محورية وحيوية. إلى جانب ذلك، هناك المشاريع السعودية الكبرى المطروحة للاستثمار الأجنبي، فضلا عن الروابط النفطية بين السعودية كمصدر وماليزيا كإحدى الدول المستوردة للطاقة. وهذه العلاقات تتضمن أساسا حراكا تجاريا حقق نموا ملحوظا على مدى عقد من الزمن. ففي عشر سنوات بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 121 مليار ريال، موزعة على عدة قطاعات ومحاور. وزيارة خادم الحرمين ضمن جولته الآسيوية، ستعزز هذا التبادل أكثر، خصوصا مع الانفتاح الكبير للمملكة على الأدوات الاستثمارية الأجنبية.
هذا الانفتاح جاء في الأصل نتاج "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول المصاحب لها، ما يجعل أي تعاون وتبادل بين السعودية وماليزيا استراتيجيا، ويضمن أيضا استدامة كبيرة في هذا المجال. ومذكرات التفاهم التي وقعت بحضور الملك سلمان شخصيا، لها دلالات عديدة، لأنها تختص بمجالات حيوية، مثل التجارة والاستثمار، والمجالات الخاصة بالموارد البشرية، إلى جانب التعاون المهم في المجال العلمي والتعليم بشكل عام، ناهيك عن مذكرة التفاهم بين وكالتي أنباء البلدين. وهذا يعني أن المرحلة المقبلة للعلاقات السعودية-الماليزية ستشهد تطويرا كبيرا، مع إقبال هائل من الجانب الماليزي، ليس فقط في المجال الاقتصادي بل أيضا في المجالات التنموية الأخرى. دون أن ننسى، أن ماليزيا حققت قفزة تنموية استراتيجية هائلة في العقود الثلاثة الماضية، واستطاعت أن تحجز لنفسها مكانا مرموقا في قائمة الاقتصادات الناشئة الأكثر تطورا. من خلال رؤية قادها مهاتير محمد هناك، وهي رؤية تتناغم مع «رؤية المملكة 2030».
الاستقبال الحافل الاستثنائي الذي حظي به الملك سلمان بن عبد العزيز من الجانب الماليزي، يؤكد مجددا الأهمية التي يعلقها هذا البلد على التعاون المتنوع مع المملكة، مع مصاحبة خادم الحرمين الشريفين لوفد عالي المستوى يختص بكثير من المجالات الاقتصادية والتنموية. وحرص الجانب الماليزي على التأكيد مباشرة للملك سلمان على امتنانه وشكره لقيام المملكة برعاية عالية المستوى للحجاج الماليزيين كل عام، وإن كانت رعاية السعودية تشمل كل حجاج الأرض القادمين إليها. هناك مجالات كثيرة يمكن أن تثري الحراك الاقتصادي السعودي الهادف إلى تكوين اقتصاد وطني جديد يوائم التطورات والمتغيرات الراهنة على الساحتين المحلية والخارجية. فالتجربة الماليزية باتت عميقة، ويمكن الاستفادة منها في مجالات محددة حققت فيها تقدما كبيرا.
يضاف إلى ذلك، أن رأس المال الماليزي يمكن أن يجد بسهولة الفرص اللازمة في السعودية، خصوصا في ظل القوانين والتشريعات التي تشجع الاستثمارات الخارجية. ومما لا شك فيه، أن آفاق التعاون بين الرياض وكوالالمبور واسعة، وتعززت أكثر بالزيارة المهمة التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين لماليزيا وعدد آخر من بلدان شرق آسيا. هناك مجالات موجودة أساسا بين الجانبين يمكن تطويرها في المرحلة المقبلة، إلى جانب إطلاق مبادرات ومجالات أخرى جديدة، تتناسب مع حراك "الرؤية". إن المرحلة المقبلة في المملكة، ستشهد احتضانا واسعا لأي نشاط اقتصادي أجنبي يصب في سياق تنفيذ "رؤية المملكة 2030". وكل هذا سينقل السعودية إلى المرحلة النهائية باقتصاد متطور مرن جديد، يمكنه من مواجهة أي تحولات أو تطورات.

إنشرها