Author

لماذا نحتاج إلى التجنيد الإجباري في دول الخليج؟

|

يبلغ عدد سكان دول الخليج مجتمعة ما يقارب 45 مليون نسمة، وقد شهدت دول الخليج مراحل عدة في تاريخها من الرفاهية، والتطوير، والتنمية، الأمر الذي وضعها في مكانة عمرانية، على الأقل، متقدمة.
ولا تزال التحديات التي تواجه دول الخليج من ناحية اقتصادية وأمنية وعسكرية في تزايد وهذا يتطلب مزيدا من التكيف لمواكبة تلك التحديات، خصوصا مع تسارع الأحداث حولنا من تزايد للحركات والجماعات الإرهابية، وكذلك زيادة الجماعات والميليشيات غير التقليدية في مواجهة الجيوش التقليدية، واستمرار المعارك والتوترات العسكرية في كل من اليمن وسورية والعراق.
هنالك عدد من الأسباب التي تبرر لنا الحاجة إلى التجنيد الإجباري للشباب والشابات في دول الخليج، ويمكن الحديث عن التحدي الأول وهو التحدي العسكري والأمني حول دول الخليج، ولا سيما مع تزايد التهديدات والتدخلات الخارجية، علاوة على استمرار التوترات والعمليات العسكرية في كل من سورية واليمن، وهذا يزيد الحاجة إلى النظر إلى الداخل ورفع القدرة الوطنية للشباب.
السبب الثاني هو السبب التربوي والهوياتي، حيث أسهمت وسائل الاتصال والعولمة في التأثير في الهوية الوطنية والانتماء، والإحساس بالتحديات التي تواجه المجتمع، علاوة على الشعور بالرفاهية المفرطة، وزيادة الرغبة الاستهلاكية، في وقت كان فيه تاريخنا حافلا بالفرسان والفارسات، والوصاية على الرماية والرياضة.
أحد الأسباب كذلك الأسباب الصحية، حيث تعاني دول الخليج أمراض السمنة والسكري للأطفال. يشكل فيتامين "د" أحد أهم المنتجات التي يتم سحبها من الصيدليات الخليجية، وغيرها من الأمراض التي طرأت نتيجة لنمط الحياة الاستهلاكي المفرط، علاوة على عدم وجود نمط حياة نشط وبالتالي، تشكل الانضباطية والتدريبات العسكرية والبدنية محاولة إيجاد معادلة أو توازن في نمط الحياة لمجتمع أفضل.
لقد بدأت الكويت الحديث عن ذلك، وقد يرى ذلك النور قريبا، ودولة الإمارات تدرس مادة التربية العسكرية في المدارس الأولية، وترعى المملكة كذلك أنشطة الكشافة في بعض مدارس التعليم العام.
ولكن الحاجة في وقتنا الحالي تتجه لإعطاء مزيد من الاهتمام والتركيز على جرعة تدريبية مهارية ومعرفية وكذلك جسدية، لرفع القوة والقدرة والكفاءة للشباب السعودي في سن 18 حتى 19 عاما لإدخال عام دراسي خاص بالتجنيد، ويمكن أن يمدد حتى سن 22 عاما، ويشمل برنامجا رياضيا ومعرفيا ومهاريا.
إن فكرة ابتكار مدرسة عسكرية تمثل رافدا جديدا لإمداد القوات المسلحة بكوادر قيادية، مؤهلة علميا ونفسيا ورياضيا، وفق المعايير الدولية، كي تكون نواة وطنية خالصة راغبة عن قناعة ومستعدة، كأرض خصبة لغرس شجرة الولاء للدين والوطن.
لكن، أي نوع من التجنيد نحتاج إليه؟ في الحقيقة نحتاج إلى نوع من التجنيد الذي يحترم كرامة الفرد ويعزز القيم الوطنية، وسلوك القيادة والالتزام، ويراعي الفروق الفردية، ويعزز من القوة البدنية، والتدريبات العسكرية المتخصصة.
وتكون فترة التجنيد لمدة عام، وتنقسم إلى مهارات ومعارف علاوة على برنامج تدريبي رياضي، وعسكري، يتبع فيه نوع من الحمية والتوجيه النفسي والمهاري والسلوكي، علاوة على زيادة المعارف المختلفة، في ظروف التزام ودقة وتوجيه، بهدف إيجاد قادة قادرين على تحمل المسؤوليات، وفي الوقت نفسه رفع المستوى البدني لجميع أبناء الشعب في تلك السن، من أجل توجيه السلوك، إلى مزيد من المسؤولية والانضباطية والجدية.
وكذلك ينبغي دعم التقنية واستخدام أدوات التقنية الحديثة في التدريب السريع، لإعطاء أكبر قدر من المعلومات والمهارات لأكبر عدد ممكن في أقصر وقت، وبالتالي رفع القدرة الوطنية بشكل كبير، والتعريف بمبادئ التخطيط العسكري والاستراتيجي وكذلك المهارات الخاصة بالنجاة في الأماكن والظروف الصعبة، ومهارات الإخلاء، والإسعافات الأولية، والتمارين الرياضية الخاصة باللياقة البدنية، والرماية، وغيرها من التدريبات التي تهدف إلى صقل الشخصية لتصبح أكثر خبرة وإلماما. ويمكن كذلك أن يتم عمل مراكز تدريب للفتيات من أجل تعلم تلك المهارات وعلاوة على ذلك يمكن إيجاد مسارات خاصة بالتمريض والتخطيط والإدارة.
ولا بأس من مد تلك السنة، إلى سنة أخرى وتكون خاصة للقياديين والنوابغ في المجالات العسكرية أو الرياضية أو العلمية، ولمن يهيأون مثلا للحصول على مراكز وميداليات عليا في مجالات الرياضة أو الإبداع في مجال العلوم أو الرياضيات مثلا أو اختراع الروبوت أو الدرونز، مع توفير معامل ومختبرات لهم توجههم في تلك التخصصات، على أن تعترف وزارة التعليم بتلك السنة الثانية بالتخصصات التي تدرس ثم تتم معادلتها مع التخصصات التي يدخلونها بعد انقضاء مدة التجنيد.
وبالله التوفيق،،،

إنشرها