FINANCIAL TIMES

الأسهم .. الوقت يبدو مناسبا للخروج من السوق الأمريكية

الأسهم .. الوقت يبدو مناسبا للخروج من السوق الأمريكية

هل ينبغي لنا محاولة تحديد توقيت لبيع أو شراء الأسهم؟ هل تسببت الطفرة التي حدثت في الاستثمارات السلبية في حدوث مشكلات؟ المشكلتان مرتبطتان وعاجلتان.
الانتقال من الصناديق المدارة بصورة نشطة إلى صناديق سلبية مرتبطة بالمؤشرات يستمر في الازدياد. في الوقت نفسه، إذا كانت هناك فترة يبدو فيها من المناسب تحديد توقيت لقرارات البيع والخروج من الأسهم الأمريكية، فإن الوقت الحالي يبدو أنه الوقت المناسب لذلك.
سجل مؤشر داو جونز الصناعي ارتفاعا لعشرة أيام على التوالي، وهي أطول مسيرة على هذا النحو منذ الرقم القياسي الذي سجله في أوائل عام 1987. فقد شهد ذلك العام انهيار "الإثنين الأسود"، الذي يعد أكبر انخفاض يومي بالنسبة المئوية في تاريخ السوق الأمريكية، لذلك فإن هذا يعتبر سابقة تنذر بالسوء. يمكن أن تكون ارتفاعات الأسعار الحادة التي تتم بلا رادع دلالة على الإفراط في المضاربة.
في الوقت نفسه، كانت سوق الأسهم الأمريكية تبدو منذ فترة طويلة سوقا متكلفة، وتبدو الآن حتى أكثر تتكلفة. وعند الحكم عليها من خلال مضاعفات الأسعار إلى الإيرادات، فإنها لم تصل قط لمثل هذا المستوى من الغلاء. وعند الحكم عليها من خلال مضاعفات الأرباح الدورية فهي تكون أكثر تكلفة فقط قبل انهيار 1929 وانهيار عام 2000. وحتى بالمقارنة مع السندات، التي تبقى مكلفة جدا، لم تعد الأسهم تبدو رخيصة بشكل بين.
هل ينبغي لنا تحديد توقيت للسوق؟ الحجة الداعمة لذلك القرار مفادها أن التوقيت الناجح يمكن أن يجعل منك شخصا ثريا جدا. العائدات طويلة الأجل لسوق الأسهم تكون مركزة في بضعة أيام. خافيير إسترادا، من كلية إدارة الأعمال "آي إي إس إي"، أوضح أنه على مدى 40 عاما كان يمكن أن تبلغ تكلفة تفويت أفضل عشرة أيام فقط بالنسبة للمستثمرين نحو نصف مكاسبهم الرأسمالية، وكان يمكن أن يؤدي تجنب أسوأ عشرة أيام إلى تحقيق مكاسب رأسمالية بمقدار مرتين ونصف مرة.
هناك مشكلتان في ذلك. أولهما أن التوقيت من دون الاستفادة من معرفتنا بعد وقوع الأحداث يعد أمرا صعبا. بحث المؤرخون، إيلوري ديمسون وبول مارش ومايك ستونتون، في كيف كان يمكن أن تنجح استراتيجيات التوقيت المستندة إلى الاتجاه العام السائد في السوق في ذلك الوقت. الاتجاهات العامة والانحرافات الناجمة عنها تكون واضحة فقط بعد وقوع الأحداث. عندما اختبروا، في 20 بلدا، استراتيجية تعتمد بيع الأسهم والحصول على أموال في كل مرة وصلت فيها مضاعفات الأسعار إلى الأرباح بوضوح إلى مستوى أعلى من متوسطها التاريخي في ذلك الوقت، ومن ثم إعادة إدخالها عندما تصبح رخيصة، وجدوا أنه في كل الحالات أن من الأفضل بكل بساطة شراء الأسهم والاحتفاظ بها. هناك نزعة قوية فوق الحد لأن يفوت مؤقتو السوق فترات الانتعاش.
ومن خلال الممارسة العملية، تظهر الأدلة التجريبية أن أداء الناس فظيع من حيث توقيت السوق. وتنشر مجموعة الأبحاث الاستهلاكية "دالبار"، دراسات استقصائية تبين الكم الذي يحققه المستثمرون فعليا جراء الاستثمار في الصناديق المشتركة. ويتم التوصل دائما إلى أن حال المستثمرين أسوأ من الصناديق التي يستثمرون فيها، لأنه يغلب على معظم الأموال الدخول بسعر مرتفع والخروج بسعر منخفض. ويغلب على المستثمرين، سواء كانوا من الأفراد أو المستثمرين المؤسسيين، أن يكونوا مؤقتين سيئين للسوق.
هذا العام قارن باحثو "دالبار" بين الصناديق النشطة والصناديق السلبية. وعلى الرغم من أن الصناديق السلبية تتفوق على النشطة على المدى الطويل، بسبب تكاليفها الأقل، حصل المستثمرون في الصناديق النشطة على عائدات أعلى بكثير خلال السنوات الـ 15 الماضية، بلغت نسبتها 4.04 في المائة سنويا، مقارنة بمكاسب نسبتها 2.85 في المائة حققتها الصناديق السلبية (و4.98 في المائة لشراء واقتناء أسهم الشركات المدرجة على مؤشر ستاندرد آند بورز 500).
المستثمرون في الصناديق السلبية هم بشكل عام من المؤقتين السيئين للسوق إلى حد كبير، كونهم يشترون بأعلى الأسعار ويبيعون بأدناها. ويمكنهم أيضا، من خلال الشراء الآن، الإسهام في المستوى الأعلى. ووفقا لمعهد شركات الاستثمار، يحتفظ صندوق الأسهم النشط العادي بما نسبته 3 في المائة تقريبا من الأموال السائلة، في الوقت الذي يكون فيه لدى الصناديق السلبية أموال سائلة لا يعتد بها. لذلك، فإن نقل 50 مليار دولار من صناديق الأسهم النشطة إلى الصناديق السلبية، الذي يقصد به فقط تقليل التكاليف بدلا من توقيت السوق، يؤدي على الحصول على مبالغ إضافية تبلغ 1.5 مليار دولار يجري توظيفها في شراء الأسهم. ويساعد هذا في دفع السوق إلى أعلى ويمكن مع ذلك أن يعمل في الاتجاه المعاكس، إذا بدأ المستثمرون البيع بأسعار منخفضة.
لماذا يكون المستثمرون في الصناديق السلبية مؤقتين سيئين للسوق؟ لديهم وضوح في الرؤية حول وضع استثماراتهم (حيث يجري نشر المؤشرات دائما) ويمكنهم التبديل بكل سهولة. بالنسبة للصناديق المدرجة في البورصة، يمكنك الدخول والخروج من الأسهم عدة مرات يوميا. وكلما كان توقيت السوق أسهل بالنسبة لنا، كانت الاستفادة أكبر من فرصة توقيت السوق بشكل سيئ.
توجد مشكلة أخرى في الطريقة التي يتم بها بيع الاستثمارات السلبية. مستشارو الاستثمارات الذين يتقاضون الآن رسوما بدلا من العمولة، غالبا ما يقدمون خدمة تخصيص الأصول، وربما يحاولون تبرير تلك الرسوم من خلال تحريك العملاء، دخولا وخروجا، أكثر مما يحتاج الأمر. الأنموذج الآلي الذي يحافظ على تخصيص ثابت بشكل معقول للأصول ويعيد التوازن بكثرة، غالبا ما يكون أقرب إلى المنطق. فهو يبيع تلقائيا القطاعات التي حققت مكاسب ويشتري القطاعات التي أصبحت أرخص ثمنا، وينبغي أن يكون هو الخيار الافتراضي.
مثل هذا الأنموذج يمكن أن يكون في الوقت الحاضر قد وصل إلى حد كبير إلى الحد الأدنى المسموح بتداوله في الأسهم الأمريكية، أو اقترب منه، لكنه لن يخرج من نطاق السوق نهائيا. ومن السهل تماما تفويت حالات الانتعاش حين تكون خارج العملية، وتفويت ميل السوق لأن تصبح حتى أكثر افتقارا إلى العقلانية من قبل. علينا ألا ننسى أنه حين انتهت جولة "داو" القياسية في أوائل عام 1987، كانت هناك فترة سبعة أشهر لا تزال في الانتظار، ومكاسب في حدود 30 في المائة في الانتظار، قبل أن يقع الانهيار.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES