FINANCIAL TIMES

«ناش» .. قاتل صامت يتصيد أصحاب الأوزان الزائدة

«ناش» .. قاتل صامت 
يتصيد أصحاب الأوزان الزائدة

تعتقد شركات الأدوية الكبيرة أنها رصدت فرصتها الكبيرة التالية - قاتل صامت غير قابل للعلاج - يؤثر في ملايين الناس.
في الأشهر الأخيرة أنفقت شركات الأدوية الكبيرة، بما فيها "أليرجان" و"جيلياد" و"نوفارتيس"، مليارات الدولارات للاستحواذ على تراخيص أدوية تهدف إلى معالجة مرض يصيب الكبد لم يسمع به كثير من الناس، هو التهاب الكبد الدهني غير الكحولي، "ناش" Nash.
الشكل المُتقدّم من المرض يُسبب ندبات والتهابا في الكبد ويُعتقد، وفقاً لمصرف بيرنشتاين الاستثماري، أنه يؤثر في أكثر من 16 مليون شخص في الولايات المتحدة.
وفي الحالات الأكثر خطورة يُسبب المرض تليّف الكبد القاتل، في الوقت الذي يزيد فيه أيضاً من فرص الإصابة بسرطان الكبد، أو أمراض القلب. وتعتقد المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض أن هناك نحو 20 ألف حالة وفاة سنويا بسبب مرض الكبد المُزمن، أو تليّف الكبد غير المرتبط بالكحول.
وتراهن شركات الأدوية على أن عدد المُصابين بالتهاب الكبد الدهني غير الكحولي - الأكثر شيوعاً بين الناس الذين يعانون زيادة في الوزن - سيرتفع بشكل عجيب في الأعوام المُقبلة بسبب وباء السمنة في جميع أنحاء العالم. ويتوقع بعض المحللين أن تبلغ قيمة السوق العالمية لعلاجات المرض 35 مليار دولار سنوياً.
ولا توجد أدوية معتمدة لعلاج هذه الحالة، لكن شركات الصناعات الصيدلانية تختبر أكثر من 25 مُركّبا على البشر، مع أربعة أدوية إما تجري دراستها في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، وإما على وشك دخول المرحلة الأخيرة من الاختبار.
ومن بين شركات الأدوية الكبيرة تعتبر "أليرجان" الأكثر تقدّماً، بإنفاقها 1.7 مليار دولار في تشرين الثاني (نوفمبر) العام الماضي للاستحواذ على مجموعة توبير للتكنولوجيا الحيوية التي يوجد مقرها في سان فرانسيسكو. ومن المنتظر أن يدخل دواء توبيرا الرئيسي "سينيسريفيروك"، المرحلة الثالثة من التجارب في وقت لاحق هذا العام، مع توقّع النتائج في وقت قريب، ربما يكون عام 2019.
واستحوذت "أليرجان" أخيرا على شركة أدوية أخرى أصغر تُركز على المرض نفسه، هي "أركانا"، مقابل 50 مليون دولار. وبحسب ديفيد نيكلسون، كبير الإدارييين للأبحاث والتطوير في شركة أليرجان "ناش الآن هو السبب الرئيسي لتليّف الكبد والسرطان، بعد أن تجاوز التهاب الكبد الوبائي، سي. وفي الوقت الراهن لا يوجد أي شيء لعلاجه".
شركة جيلياد دخلت هذا المجال أيضاً، واستحوذت أخيرا على شركة نيمبوس مقابل نحو 1.2 مليار دولار، وفي نفس الوقت تستثمر بكثافة في جهود الأبحاث الداخلية الخاصة بها. وبالفعل حققت شركة التكنولوجيا الحيوية القائمة في الساحل الغربي للولايات المتحدة، نجاحا هائلا من خلال علاجاتها مرض التهاب الكبد الوبائي "سي"، مرض الكبد القاتل الآخر.
وتعمل كثير من شركات الأدوية المعروفة، بما فيها "نوفو نورديسك" و"شاير"، على أدوية لا تزال في مراحلها المبكرة من التطوير للتصدي لهذا المرض. لكن الشركتين الأكثر تقدّماً لا تأتيان من صفوف شركات الأدوية الكبيرة "إنترسبت ثيرابيتكس"، مجموعة التكنولوجيا الحيوية القائمة في نيويورك، ومنافستها الفرنسية "جينفيت".
وارتفعت أسهم "إنترسبت" بنسبة 13 في المائة الأسبوع الماضي، بعدما قالت الشركة "إنها أعادت تصميم المرحلة الأخيرة من التجربة السريرية لدوائها، "أوبتيكوليك أسيد"، بطريقة من شأنها أن تجعل نجاح التجربة أسهل".
وبعد مناقشات مع إدارة الدواء والغذاء في الولايات المتحدة، قالت "إنترسبت"، "إن التجربة يجب أن تُظهر أن الدواء يُمكنه الآن، إما معالجة مرض ناش وإما تحسين حالة "التليّف" - المصطلح الطبي لندوب الكبد. وفي وقت سابق كان على الشركة أن تُثبت أن الدواء يُمكنه العمل على كلتا الجبهتين.
وقالت "إنترسبت"، "إنها ستكون قادرة على تحليل البيانات بمجرد أن تُسجّل 750 مريضا، بدلاً من 1400 مريض، بعد أن استغرق التطوّع للتجربة وقتاً أطول مما توقعته الشركة.
وتعكس التغييرات مرونة المنظمين في إدارة الدواء والغذاء، الذين يُريدون تشجيع شركات الأدوية على الاستثمار في أبحاث الأدوية، للحالات غير القابلة للعلاج، قبل زيادة عدد المصابين بسرعة.
مع ذلك، التطوّع البطيء لتجربة شركة إنترسبت يعد مؤشرا على واحدة من أكبر العقبات التي تواجه شركات الأدوية التي تعمل على التصدي لمرض ناش، المتمثلة في صعوبة تشخيص المرض. فالغالبية العظمى من الناس لا يدركون أنهم مُصابون بالمرض "الصامت" الذي يتسبب في أعراض مثل اليرقان والإجهاد وفقدان الوزن، فقط في مراحل متأخرة جداً.
ويشك الأطباء في بعض الأحيان أن المريض يُعاني التهاب الكبد الدهني غير الكحولي عندما تكون أنزيمات الكبد مرتفعة في الدم، أو عندما يجدون عوارض شاذة خلال التصوير بالموجات فوق الصوتية.
والطريقة الوحيدة المؤكدة لتشخيص المرض هي بإجراء خزعة للكبد - إجراء جراحي مُعقد يتطلب التخدير. وفي حالات نادرة يُمكن أن تتسبب الخزعة في نزيف قد يستلزم نقل دم أو جراحة.
وكثير من المرضى يترددون في الخضوع لمثل هذا الإجراء، الأمر الذي يُشكل صعوبة ليس لأجل الاستعانة بهم في التجارب السريرية فحسب، بل لأجل إقناع الناس بالخضوع للاختبار من أجل هذه الحالة أيضاً.
وتأمل شركات الأدوية أن يتم تطوير اختبارات لا تحتاج إلى قدر من التدخل الجراحي وتستخدم أدلة بيولوجية، أو "مؤشرات حيوية" لتشخيص المرض بدون الحاجة إلى الخزعة. يقول الدكتور نيكلسون "نحن نعتقد في الواقع أنه ستكون هناك إنجازات كبيرة تجعل من الأسهل بكثير على الأطباء تشخيص المرض".
وأحد الخيارات هو اختبار بسيط للنفَس. ووفقاً للدكتور إيلان يارون، كبير الإداريين الطبيين في "تيز فارما"، وهي مجموعة تكنولوجيا حيوية قائمة في لندن، على وشك البدء في اختبار دواء خاص بها على البشر "إدارة الغذاء والدواء لا تعترف بهذه الاختبارات حتى الآن، لكنها ستفعل مع الزمن".
مع ذلك، حتى إذا وجدت شركات الأدوية طريقة موثوقة غير جراحية لتشخيص المرض، ليس هناك ما يضمن أن المصابين سيبدأون في أخذ أدويتها.
ويتطوّر المرض ببطء، وكثير من المصابين يموتون من شيء آخر؛ نظراً لعدم وجود أعراض، يُمكن أن يشعر الناس بالقلق من أخذ دواء لمدى الحياة في حين إنهم يشعرون بصحة جيدة تماماً.
يقول روني جال، المحلل في "بيرنشتاين"، "أنا مُتشكك فيما إذا كان هذا ضروريا فعلاً لمعظم الناس. أنت تحاول أساساً أن تضع، تحت علاج مُزمن يستمر إلى الأبد، مجموعة كبيرة من الناس الذين من غير المحتمل أن يصلوا إلى مرحلة الشكل الأكثر خطورة من المرض".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES