FINANCIAL TIMES

شولتز يبدأ الحملة بفتح النار على قوانين العمل الألمانية

شولتز يبدأ الحملة بفتح النار على قوانين العمل الألمانية

في محاولة للفوز بالانتخابات التشريعية المقررة في خريف هذا العام، اتخذ زعيم الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني (يسار وسط) مارتن شولتز، هدفا يتمثل في مهاجمة أحد القوانين التي تعلو على الانتقاد في البلاد: الإصلاحات التي يبلغ عمرها عقدا من الزمان، التي ساعدت في جعل اقتصاد ألمانيا الأقوى ضمن منطقة اليورو.
شولتز، الذي يحاول الإطاحة بأنجيلا ميركل بعد انتصارها في الانتخابات ثلاث مرات متتالية، استطاع رفع الروح المعنوية للحزب الديمقراطي الاجتماعي، ورفع تصنيف الشعبية ضمن استطلاعات الرأي منذ اختياره مرشحا لمنصب المستشار في الشهر الماضي.
وهو يستهدف الآن جدول أعمال عام 2010، أي نظام الإصلاح الشامل لسوق العمل الألمانية، ونظام الرعاية الاجتماعية الذي تم دعمه من قبل أحد القادة السابقين للحزب، المستشار الألماني السابق جيرهارد شرودر.
انتقاد التشريعات التي ينسب إليها الفضل في تحويل ألمانيا، التي كانت تعد ذات مرة رجل أوروبا المريض، إلى دولة تصديرية قوية يعتبر استراتيجية محفوفة بالمخاطر.
يقول كثير من المختصين إن الفضل يعود للمناورات التي أجراها شرودر، بحيث وصل معدل البطالة الألمانية إلى مستوى متدن بشكل قياسي، وأنها أصبحت تمتلك أكبر عدد من الناس في طور التوظيف، منذ إعادة التوحيد في عام 1990، كما أنها تتمتع بنمو اقتصادي هو الأسرع خلال خمس سنوات.
في خطاب ألقاه يوم الأثنين في مدينة بيليفيلد الواقعة في الشمال الغربي، قال شولتز، الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي، إنه يلزم تصويب الإصلاحات.
وقال إن ألمانيا شهدت زيادة في عدد فرص العمل غير الآمنة وذات الأجر الضئيل "حتى في تلك الأجزاء من سوق العمل التي اعتادت أن تحظى بحماية جيدة".
وكان هنالك قدر أقل من الارتقاء اجتماعيا وزيادة في التفاوت – وهو خطأ يتحمل مسؤوليته "التيار الليبرالي الجديد" الذي كان قد أعلن أن حقوق العمال والرعاية الاجتماعية، هي عقبات "تعترض طريق النمو".
مهاجمة الإصلاحات التي طبقت في عهد شرودر تسمح لشولتز بأن يغير مسار الحوار السياسي في ألمانيا نحو اليسار، بعيدا عن تيار الوسط الذي كان منذ سنوات حِكرا على حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، الذي ترأسه ميركل.
كما أنه مدفوع أيضا من قبل حسابات انتخابية واقعية ولا تقوم على العواطف. أحد الأسباب الرئيسة التي أدت إلى تضاؤل نسبة نجاح الحزب الديمقراطي الاجتماعي في استطلاعات الرأي في السنوات الأخيرة، هو الشعور بالخيانة الذي أحس به كثير من أفراد الشعب الألماني من فئة الطبقة العاملة تجاه ذلك الحزب في أعقاب أجندة 2010.
كان خطاب شولتز قليل التفاصيل، لكنه كان منتقدا بصفة خاصة لعقود عمل محددة المدة، إضافة إلى القيود المفروضة على إعانات البطالة. قبل جدول أعمال 2010، كان يمكن للعامل الحصول على مثل تلك الإعانات لفترة تصل إلى 32 شهرا بعد فقدانه الوظيفة: بعد ذلك، تم تخفيض الإعانة لمدة أقصاها عامان.
وقال أيضا: "الناس الذين عملوا بجد واجتهاد لسنوات عدة، غالبا لعقود من الزمن، ودفعوا المبالغ المستحقة عليهم، لهم الحق في الحصول على الدعم والحماية المناسبة عندما يقعون في أي مأزق أو يواجهون أية صعوبة، غالبا من خلال حدوث خطأ لا يعود إليهم".
وهو ليس الوحيد الذي ينتقد جوانب هذا التشريع. تقول آنكي هاسل، مديرة معهد البحوث الاقتصادية والاجتماعية في دوسلدورف، إن القانون فعل الكثير لتشجيع الناس على العودة مرة أخرى للعمل، خاصة في أجزاء من ألمانيا الشرقية، حيث كانت البطالة طويلة الأمد منتشرة، لكن "ذلك أدى إلى إنشاء قطاع كبير منخفض الأجور".
كما تقول إنه من بين جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، لدى ألمانيا واحدة من أعلى النسب في فئة الحاصلين على أجور منخفضة، ما يجعلها تتجاوز بسهولة الاقتصادات الأوروبية الكبيرة الأخرى مثل إيطاليا وفرنسا.
نحو 18 في المائة من الناس الذين تراوح أعمارهم بين 25 و34 عاما يعملون بموجب عقود محددة المدة، في بلد كانت فيه الوظائف لمدى الحياة، هي السائدة فيما مضى.
لذلك فإن رسالة شولتز المتعلقة بالعدالة الاجتماعية، التي تعهد بأن تكون محور حملته الانتخابية، وقعت على تربة خصبة. منذ أن تم ترشيحه لمنصب المستشار قبل أقل من شهر، ارتفعت تصنيفات الحزب الديمقراطي الاجتماعي. وللمرة الأولى منذ عشر سنوات حصل الحزب في استطلاع للرأي، أجري في عطلة نهاية الأسبوع من قبل وكالة إمنيد على مرتبة تأتي قبل مرشحة حزب المحافظين ميركل.
على أن رد فعل مختصي الاقتصاد على الخطاب الذي ألقاه في بيليفيلد كان ينم عن الازدراء. قالت "بي دي إيه"، أي رابطة أرباب العمل الألمانية، إن المقترحات "صيغت دون وجود معرفة دقيقة بالأعداد، والوضع القانوني في ألمانيا"، كما أن تمديد استحقاقات البطالة "من شأنه أن يجعل الأمر أكثر صعوبة على الناس، للبدء في العمل مرة أخرى".
قال كريستوف شميدت، رئيس مجلس خبراء الاقتصاد المكون من خمسة أعضاء، الذي يقدم استشارات لميركل حول السياسة الاقتصادية: "ينبغي على السياسيين، حتى عندما يخوضون حملات انتخابية، التوقف والتساؤل بخصوص الأركان المهمة التي تحملت استقرار سوق العمل الألمانية، في السنوات الأخيرة".
قال جريجور شولجين، مؤرخ وكاتب سيرة حياة شرودر، إنه ينبغي على الحزب الديمقراطي الاجتماعي "التفكير حقا أكثر من مرة" قبل رفض مجموعة الإصلاحات التي "يراها كثير من الاشتراكيين والديمقراطيين الاجتماعيين في أوروبا،على أنها تمثل نجاحا كبيرا".
كما أضاف أنه لا بأس من مراجعة بعض جوانب هذا التشريع، قائلا، لكن: "السؤال الأساس هو: هل هذه هي البداية فقط، وهل سينتهي به الأمر في النهاية إلى التخلي عن أجندة عام 2010 تماما؟ إذا كان الأمر كذلك، سيكون هذا خطأ كبيرا".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES