الطاقة- النفط

تزايد التزام «المستقلين» بخفض الإنتاج يعزز الثقة بالسوق النفطية

تزايد التزام «المستقلين» بخفض الإنتاج يعزز الثقة بالسوق النفطية

أسهمت الاتصالات المكثفة التي تقودها "أوبك" في تعزيز أجواء الثقة بالسوق وتنامي التوقعات بتوازن قريب وانتعاش الأسعار إلى المستوى المأمول خاصة بعد أن شهد أول أمس أولى اجتماعات الخبراء والفنيين في لجنة مراقبة اتفاق خفض الإنتاج، وجاءت نتائج الاجتماع إيجابية ومتفائلة وكاشفة عن ارتفاع مستوى نسبة التزام المنتجين ببرنامج خفض الإنتاج.
وعادت أسعار النفط لتسجل مكاسب سعرية في الأسواق الدولية مدعومة بانخفاض مفاجئ في مستوى المخزونات النفطية الأمريكية، وهو ما يعد مؤشرا على سلامة توجهات وسياسات منظمة أوبك الأخيرة خاصة التزامها الواسع بالتعاون مع المنتجين المستقلين في خفض المعروض العالمي بخطوات متسارعة بنحو 2 في المائة من المعروض النفطي العالمي أو ما يعادل 1.8 مليون برميل يوميا.
وفي هذا الإطار، قال لـ "الاقتصادية"، لاديسلاف جانييك مدير شركة سلوفاكيا للنفط "سلفونفط"، إن عودة المخزونات النفطية الأمريكية إلى الانخفاض مؤشر جيد على أن السوق تسير نحو التعافي، مشيرا إلى أن منظمة أوبك أكدت دوما قلقها من ارتفاع حجم المخزونات باعتباره عنصرا معطلا لتوازن السوق خاصة أنها سجلت مستوى أعلى من المتوسط في خمس سنوات بنحو 300 مليون برميل.
وأضاف جانييك أن انخفاض المخزونات سيستمر طالما أن هناك نجاحا وتقدما في اتفاق خفض الإنتاج خاصة بعد أن رصدت أحدث بيانات "أوبك" ارتفاع نسبة التزام الدول المنتجة من خارج المنظمة إلى 60 في المائة مقابل 50 في المائة في الشهر الماضي مشيرا إلى أن الثقة بفاعلية ونجاح الاتفاق تزداد أيضا تدريجيا، ومن المرجح أن تشهد الشهور القليلة المقبلة التزاما كاملا من المنتجين في "أوبك" وخارجها بنسبة 100 في المائة وهو ما ينعكس إيجابيا على الأسعار وعلى نحو قد يفوق كل التوقعات السابقة.
وذكر جانييك أن أوبك تقود السوق في مرحلة جديدة تقوم على التدخل لضمان التوازن بين العرض والطلب، ولذا كان من الطبيعى أن تصل نسبة التزام دول أوبك إلى 92 في المائة بخفض الإنتاج في الشهر الأول من تطبيق الخفض لافتا إلى أن السوق في حالة تفاؤل متزايد بنتائج الاتفاقية، كما أن التدرج في خفض الإنتاج في روسيا والدول العشر الأخرى خارج "أوبك" أمر طبيعي ومتوقع مسبقا، ومن الواضح أن تجربة العمل المشترك بين أوبك وخارجها سجلت نجاحا وستمضي قدما خلال العام الجاري والأعوام القادمة حتى وإن لم يتم تمديد الاتفاقية.
من جانبه، أوضح لـ "الاقتصادية"، بيرت ويكيرينك مدير أنظمة التشغيل في شركة "كيوا" للغاز في هولندا، أن الاستثمارات في قطاع الطاقة عانت انكماشات حادة على مدار العامين الماضيين، ومن المتوقع أن تستمر تداعياتها خلال العام الجاري أيضا رغم ارتفاع الأسعار إلى مستوى فوق 50 دولارا للبرميل وهو مستوى جيد وملائم لكثير من الاستثمارات، مشيرا إلى أن اتفاق خفض الإنتاج على الرغم من شكوك البعض في جدواه، إلا أنه على الأرجح سيعزز الاستقرار المستدام في السوق حول هذا المستوى السعري.
وقال ويكيرينك إن بعض الاستثمارات وبعض المنتجين يتطلعون ويراهنون على بلوغ الأسعار مستوى 60 دولارا للبرميل وهو أمر غير مستبعد وقد يتحقق بحلول منتصف العام الجاري في ضوء استمرار نجاح اتفاق خفض الإنتاج بما يسهم في تقليص وفرة المعروض، كما من المتوقع أن تشهد السوق في الشهور المقبلة تعافيا ملحوظا في مستويات الطلب على النفط.
ونوه ويكيرينك إلى أن الجميع على قناعة بأن تنشيط الاستثمار في المرحلة الحالية سيجنب السوق نقصا واسعا في المعروض في السنوات المقبلة وبالتالي يؤمن الإمدادات ويمنع ارتفاع الأسعار إلى مستويات مبالغ فيها وتسبب ضررا للاقتصاد العالمي.
إلى ذلك، قال لـ "الاقتصادية"، مفيد ماندرا نائب رئيس شركة "إل أم إف" للطاقة في النمسا ، إن الدول المستهلكة للطاقة قلقة نسبيا من ارتفاع أسعار النفط وما له من تأثيرات في كبح تسارع النمو الاقتصادي وهو ما جعل دولة مثل إندونيسيا تنسحب من منظمة أوبك نظرا لكونها مستوردا ومنتجا في الوقت نفسه وقد ارتأت أن خفض الإنتاج سيزيد الأعباء الاقتصادية عليها نتيجة انخفاض العائدات من التصدير وفي الوقت نفسه زيادة الإنفاق العام كمستورد نتيجة ارتفاع الأسعار.
وأضاف ماندرا أن دولة مثل الهند وهي أسرع الاقتصاديات الآسيوية نموا بمعدل سنوى تجاوز 7 في المائة وينظر إليها كثيرون على أنها السوق الرئيسة للطاقة في السنوات المقبلة وقد أبدى مسؤولون فيها قناعتهم بأن الاقتصاد الهندي يستطيع تحمل أسعار نفط مرتفعة حتى مستوى 65 دولارا للبرميل دون أي أعباء أو صعوبات اقتصادية وهو ما يعزز تعاونها مع المنتجين في ضوء القناعة بأن الأسعار قد تستقر عند مستويات سعرية متوسطة لسنوات قادمة.
وذكر ماندرا أن أسعار النفط والغاز من الصعب أن تعود إلى مستويات مرتفعة للغاية سجلتها في النصف الأول من عام 2014 بسبب الطفرة التي حدثت في زيادة الموارد والتقدم التكنولوجى الذي جعل الإنتاج وفيرا وسريعا متوقعا أن تكون هناك حروب سعرية بين الولايات المتحدة وروسيا في الفترة القادمة في مجال الغاز بسبب نشاط صادرات الغاز المسال الأمريكي إلى الأسواق الأوروبية التي تحتكرها موسكو عبر خطوط الأنابيب الأرضية وهو ما سيؤدي إلى استمرار تراجع أسعار الطاقة بشكل عام.
من جهة أخرى، ارتفعت أمس أسعار النفط بأكثر من دولار للبرميل بعد بيانات أظهرت تراجعا مفاجئا في مخزونات الخام الأمريكية مع انخفاض الواردات وهو ما يدعم وجهة النظر بأن تخمة المعروض العالمي تنتهي بعد تحركات منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" لخفض الإنتاج.
ووفقا لـ "رويترز"، فقد صعدت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 1.08 دولار إلى 56.92 دولار للبرميل قبل أن تتراجع إلى 56.85 دولار للبرميل، وزاد الخام الأمريكي الخفيف في العقود الآجلة 1.05 دولار إلى 54.64 دولار للبرميل.
ويقترب الخامان من الحد الأقصى لنطاق تداولها الضيق البالغ أربعة دولارات الذي تتحرك فيه منذ بداية العام الحالي ما يعكس انحسار التقلبات منذ اتفاق "أوبك" والمنتجين المستقلين على خفض الإنتاج.
وكانت بيانات من معهد البترول الأمريكي قد أظهرت تراجعا في مخزونات الخام 884 ألف برميل في الأسبوع المنتهي في 17 شباط (فبراير) إلى 512.7 مليون بينما توقع المحللون زيادتها 3.5 مليون برميل.
لكن توني نونان مدير مخاطر النفط لدى "ميتسوبيشي كورب" في طوكيو قال إن اختراق الأسعار لنطاقات تداولها يتطلب أن ترى السوق مؤشرات على تراجع مخزونات "أوبك"، مضيفا أنها معركة بين مدى سرعة أوبك في خفض الإنتاج دون أن يستطيع النفط الصخري اللحاق بها، وما ينبغي على "أوبك" القيام به حقا هو خفض المخزونات.
وأعلنت وزارة الطاقة الأمريكية عن رغبتها في بيع عشرة ملايين برميل من النفط الخام عالي الكبريت من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي للولايات المتحدة.
وتودع حصيلة البيع في الصندوق العام للخزانة الأمريكية، وينبغي تقديم العروض في موعد أقصاه الثانية مساء يوم الأول من آذار (مارس) على أن تمنح العقود لأصحاب العروض الناجحة بحلول العاشر من الشهر ذاته.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط