Author

ضريبة القيمة .. استكمال الأدوات

|

قرار المملكة المضي قدما في فرض ضريبة القيمة المضافة على بعض السلع المختارة وبصورة تدريجية، يؤكد مرة أخرى أنها استكملت الأدوات اللازمة لفرض هذا النوع من الضرائب، وهي بذلك تكون قد سبقت كثيرا من البلدان التي اعتمدتها وتلك التي ستعتمدها في مجال صنع الأدوات اللازمة للضريبة. وقرار السعودية البدء بفرض ضريبة القيمة المضافة اعتبارا من أول نيسان (أبريل) المقبل، يشجع بقية بلدان مجلس التعاون الخليجي على استكمال الإجراءات والآليات اللازمة لفرض هذه الضريبة، خصوصا أنها ستكون إقليمية خليجية، مثلما هي محلية خاصة بكل بلد. والروابط الاقتصادية بين دول المجلس تحتم العمل المشترك في هذا المجال المهم، على صعيد تنويع مصادر الدخل الوطني في كل هذه البلدان.
 ستسبق المملكة بقية شقيقاتها الخليجيات، وهي بذلك تمضي قدما بصورة متسارعة وثابتة نحو التحول الاقتصادي المتمثل في "رؤية المملكة 2030"، وبرنامج التحول المصاحب لها. وفي الواقع أن المؤسسات الاقتصادية الدولية الكبرى، تحدثت منذ سنوات عن ضرورة أن تتقدم دول الخليج العربية نحو فرض أنواع من الضرائب من أجل تنويع الدخل، حتى عندما كانت أسعار النفط في حدود مائة دولار للبرميل. وتعتبر هذه المؤسسات أن مسألة الضرائب ليست خيارا، لأن كل الدول التي تماسكت اقتصاديا وتعمقت تجربتها في هذا المجال فرضت ضرائب مختلفة على مدى قرون، بما فيها ضريبة القيمة المضافة. وهذه الأخيرة، لن تستهدف في الواقع السلع التي تمثل محور معيشة الفرد.
وعلى هذا الأساس، نجد في بلدان الاتحاد الأوروبي، زيادة سنوية على منتجات التبغ والكحول وغيرها من السلع التي تسبب في الحقيقة أضرارا بالغة لمستهلكيها. فعلى سبيل المثال، تعفي بريطانيا ثلاثة أنواع من السلع من ضريبة القيمة المضافة، المواد الغذائية وملابس الأطفال والكتب. والسعودية تسير نحو بدء فرض الضريبة الانتقائية هذه من خلال دراسات مختلفة، والاطلاع على تجارب دول حققت نجاحات فائقة في هذا المجال الحيوي. ومن الواضح أيضا، أن السعودية قررت استهداف السلع ذات الآثار الجانبية السلبية في  الصحة العامة، ولا سيما المشروبات الغازية والتبغ ومشتقاته، في حين تأتي الطاقة بعدهما، وذلك للحد من استهلاكها، والتفريط فيها، ولا سيما أنها تعتبر الأقل سعراً على الإطلاق مقارنة بجميع الدول.
إن بدء فرض ضريبة القيمة المضافة، أعدت له الأدوات والوسائل الكفيلة بتطبيقه بصورة احترافية، بما في ذلك مراقبة جديدة ومختلفة على الحدود والمنافذ الخاصة بالمملكة، لأنه مع فرض ضرائب على سلع بعينها ستزداد عمليات التهريب الشخصية وغير الشخصية، كما يحدث حتى اليوم في الدول الأوروبية مع بعض السلع كالمشروبات والتبغ ومشتقاته والذهب وغير ذلك. ومع ذلك  فرض ضريبة القيمة المضافة، هو في الواقع منظومة كاملة، تتضمن عمليات التوجيه الشعبية، والتوعية والتثقيف في هذا المجال الجديد كليا على السعودية وكل بلدان مجلس التعاون الخليجي. دون أن ننسى، أن الخطوة السعودية قد تدفع البلدان الخليجية الأخرى لتسريع عملية فرض هذه الضرائب، على الرغم من أنها وضعت عام 2018 حدا أقصى للإطلاق، الذي يمكن أن يبدأ في منتصف العام الحالي. أطلقت السعودية مرحلة اقتصادية تاريخية جديدة ليس في نطاقها الوطني فحسب بل على صعيد بلدان مجلس التعاون، وهي الآن ماضية في تنفيذ "رؤية المملكة 2030"، التي ترسم في الواقع معالم اقتصاد جديد، يختلف كليا عما كانت عليه على مدى العقود الماضية. إنها مرحلة التنوع الاقتصادي والمسؤوليات الاجتماعية الاقتصادية لكل مواطن سعودي.

 

إنشرها