FINANCIAL TIMES

سياسات رينزي تهدد بشق الحزب الحاكم في إيطاليا

سياسات رينزي تهدد بشق الحزب الحاكم في إيطاليا

سياسات رينزي تهدد بشق الحزب الحاكم في إيطاليا

إذا كان الحزب الديموقراطي من يسار الوسط الحاكم في إيطاليا سيُعاني انقساما مؤذيا في الأيام المُقبلة، فسيكون ذلك بسبب وجهات نظر أعضاء مثل أليساندرا فانسيولي، امرأة عاطلة عن العمل تبلغ من العمر 33 عاماً من موتني أرجينتاريو، على ساحل توسكانيا.
تقول فانتشيولي: "في الأساس يجب أن نعود إلى الاشتراكية. علينا حل مشاكل المحرومين: هذا هو أساس كل شيء".
كانت فانتشيولي تتحدث في حي تيستاكسيو الروماني اليساري تاريخاً، حيث جاءت يوم السبت الماضي، لدعم مجموعة من النواب المعارضين الذين هددوا بالانسحاب من الحزب الديموقراطي، احتجاجاً على ماتيو رينزي، رئيس الوزراء السابق.
في حال نفذوا تهديدهم، سيُشكّل ذلك ضربة قوية لحزب كان يُعتبر واحدا من النقاط المُضيئة في يسار الوسط الأوروبي، الذي قاده رينزي للفوز بنسبة 41 في المائة من الأصوات في الانتخابات البرلمانية الأوروبية عام 2014.
بالنظر إلى المستقبل، المخاطر أعلى حتى من ذلك. في الانتخابات العامة، الحزب الديموقراطي يتقدّم قليلاً فقط على حركة الخمس نجوم، الحزب المناهض للمؤسسة الذي يدعو لإجراء استفتاء على اليورو.
أي انشقاق في الحزب الديموقراطي يُمكن أن يكون له أثر مهم في الانتخابات العامة الإيطالية المُقبلة، المُقرر إجراؤها خلال عام على أقصى تقدير.
قالت آنا أسكاني، نائبة من الحزب الديموقراطي مُقرّبة من رينزي: "يسار الوسط في الحكومة بحاجة إلى البقاء متحدا. وإلا فإننا سنُسلّم البلاد إلى اليمين والشعوبيين وقد لا نُسامح أنفسنا أبداً على ذلك".
في عقول المعارضين، رينزي جعل الحزب الديموقراطي يميل كثيراً نحو يمين الوسط في الأعوام الأخيرة، من خلال السياسات الإصلاحية المؤيدة للأعمال التي فصلت الحزب عن كِفاح الناس العاديين.
هناك أصداء للرسالة التي قادت حملة الانتخابات التمهيدية لبيرني ساندرز في الولايات المتحدة، وصعود جيرمي كوربن إلى رئاسة حزب العمال في بريطانيا.
قال إنريكو روسي، مُحافظ توسكانيا وواحد من الزعماء المتمردين: "إذا حمدنا سيرجيو ماركيونه، لا يُمكن أن نفاجأ إذا شعر أي عامل غير مستقر بالتحفظ"، مُشيراً إلى الرئيس التنفيذي لشركة فيات كرايزلر.
روسي وحلفاؤه كثيراً ما كانوا ينتقدون رينزي لعدم استماعه إلى الناخبين الإيطاليين، الذين رفضوا بأغلبية ساحقة إصلاحاته الدستورية الرائدة في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. إلا أن مطالبهم في مجال السياسة تبقى غامضة.
حتى الآن، اعتمد رينزي موقفا حازما نسبياً ضد المعارضين. يوم الأحد الماضي، استقال من منصب زعيم الحزب، ما أثار صراعا على القيادة يرجو أن يستخدمه لتأكيد سلطته وكسب شرعية جديدة قبل الانتخابات المُقبلة.
عندما يختار أعضاء الحزب الديموقراطي زعيمهم الجديد في مؤتمر الحزب في الربيع، من المتوقع أن يحصل رينزي على الغالبية العُظمى من الأعضاء إلى جانبه.
وفقاً لاستطلاع للرأي أجرته شركة يوروميديا ريسيرتش، فإن 58 في المائة من ناخبي الحزب الديموقراطي يدعمون رينزي زعيما للحزب، مع البقية على أقل من 5 في المائة لكل منهما.
قالت أسكاني: "أعضاء الحزب الديموقراطي لا يزالون مُقتنعين بشدة أن الشخص الوحيد القادر على قيادتنا مرة أخرى هو ماتيو رينزي. لا يوجد شخص آخر يملك شخصيته الجذابة، أو الطاقة أو القدرة، ليس فقط في يسار الوسط، وإنما في الأحزاب الأخرى أيضاً".
هناك سؤال عن مدى الصورة المتضررة لرينزي في نظر الشعب الإيطالي، وما إذا كان بعض من حلفائه يُمكن أن ينقلبوا عليه. يوم الجمعة الماضي، أُمسِك بجرازيانو ديلريو، وزير النقل، على مايكروفون مفتوح، وهو يندب افتقار رينزي المزعوم للتواصل مع الأقلية.
غالباً ما يتم ذِكر أندريا أورلاندو، وزير العدل، كبديل لرينزي الذي يُمكن أن يرأب الصدع بين جناحي الحزب.
قال جيوفاني أورسينا، أستاذ العلوم السياسية في جامعة لويس في روما: "إذا بدأ الناس في دائرته بالتحرّك بشكل مستقل، وبدأوا الاعتقاد بأن رينزي ليس الرجل المناسب للمنصب، سيكون الأمر مثل تلك الظواهر الجيولوجية، حيث يرتفع ويرتفع الضغط ومن ثم ينهار السد في نهاية المطاف".
في الوقت نفسه، تبادل الاتهامات حول تأثير تقلّص الحزب الديموقراطي يزيد. ماسيمو جيانيني، المُعلّق في الصحيفة اليومية، لا ريبابليكا، حذّر الأسبوع الماضي من "انتحار جماعي" على غرار القوارض من قِبل زعماء يسار الوسط.
والتر فلتروني، الذي ساعد على إنشاء الحزب الديموقراطي كشبكة بين الشيوعيين السابقين والديموقراطيين المسيحيين السابقين اليساريين في عام 2007، أضاف أن الانقسامات داخل الحزب دائماً ما كانت بمثابة "عفريت" اليسار الإيطالي.
بالنسبة للمنشقين في الحزب الديموقراطي، فإن اللوم في أي انقسام يقع تماما على عاتق رينزي. ومعظم مشجعيهم في تيستاكسيو، مقتنعين أن الانفصال هو أمر لا مفر منه.
قال بييرو لاكورازا، وهو سياسي محلي وناشط في الدفاع عن البيئة من باسيليكاتا: "علاقة رينزي مع البلد مفككة. العولمة تجعلك تشعر بأنك موجود في المحيط، لكن دون أن ترى أي أحواض للسفن أو أرصفة ميناء على الشاطئ. اليسار يريد تقديم الحماية. والناس يريدون السباحة في إحدى البحيرات".
أضافت فانتشيولي: "إذا عاد رينزي إلى روحه القديمة، ولم يحِط نفسه بالمتزلفين والأذناب الذين يؤيدون كل حرف يقوله، فسيكون مرشحا رائعا، لكن إذا واصل السير في هذا الطريق، فسيتخلى عنه كثير من الناس الآخرين".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES