Author

سوق الرهن العقاري

|

كنت أنهي كتابة مقال أمس، الذي ركزت فيه على قضية الربح العالي والسريع في مجال إنشاء وبيع الفلل والشقق. التركيز على قضية الربح العالي والسريع هو الأهم هنا، وهو ما يدفع إلى التلاعب بمستقبل المواطن من قبل الجشعين من تجار العقار، أو من يستثمرون بغرض البحث في خفض التكاليف بكل الوسائل التي لا تنتهي عند استعمال أرخص المواد وتطبيق أردى المواصفات، بل تصل إلى التعامل مع أرخص العمالة وهي غالباً غير مؤهلة لتنفيذ أعمال احترافية.
المشكل أن أغلب العيوب تبدأ في الظهور بعد مرور سنة أو أكثر من بيع المبنى، حيث يكون المالك الجديد قد تورط في ملكية العقار وقروض تستهلك جل دخله. هنا توقفت أمس بعد أن قارنت بين الحالة الموجودة حالياً وفقاعة العقار الأمريكية التي أدت إلى انهيار كامل في سوق الرهن العقاري، وفاقمها طمع المصارف التي كانت تقدم القروض دون وجود غطاء مالي كاف، ولغير مستحقين في حالات كثيرة.
إن العاقل هو من يتعلم من أخطاء غيره. الحال اليوم لدينا فيها كثير مما يمكن أن يتسبب في كارثة حقيقية في سوق الإقراض العقاري، هنا علينا أن نتفاعل مع الوضع بسن عدد منطقي من القوانين التي تضمن لكل ذي حق حقه. ليس أبسط من أن نضع مواصفات خاصة للمنشآت المعدة للبيع بالتقسيط. هذه المواصفات لا بد أن تتجاوز البساطة التي نشاهدها اليوم، التي تعتمد في أغلب الأحيان على معلومات يقدمها البائع، وتعتبرها الجهة المقرضة أمرا مفروغا منه.
قبل أن يبدأ أي مستثمر في المجال علينا أن نلزمه باستشاري معتمد من قبل الجهة الرسمية المسؤولة عن ضمان المباني سواء كانت الإسكان أو البلديات. يضمن الاستشاري المنشآت التي يوقع على سلامتها وصلاحيتها، وتطبيق مالكها التعليمات الشديدة التي تحددها الجهة المنظمة للسوق لمدة لا تقل عن 20 سنة.
ثم إن المنشآت يجب أن تقيّم من قبل جهة رسمية متخصصة، وتكون الأسعار في نطاق ربحي معقول يضمن للمشتري السكن الملائم وللمستثمر الاستمرار في المجال، فلا ضرر ولا ضرار. أما بقاء السوق بهذه الحال التي يسيطر فيها عنصر من عناصر العرض والطلب على كل شيء، وتبقى الجهات الرسمية والمنظمة متفرجة، فهو مدعاة لتوقع الأسوأ على الطرفين.

إنشرها